الوحدة والعزلة الاجتماعية تلازم مصابات متلازمة داون في إدلب

تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن احتمال الإصابة بمتلازمة داون هي واحد من كل 1000 ولادة، حيث يولد في العالم سنوياً ما بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف طفل مصاب بهذه المتلازمة.

هديل العمر 
إدلب ـ
تواجه مصابات متلازمة داون صعوبات كثيرة في مخيمات النزوح في الشمال السوري، أولها قلة الرعاية والاهتمام وليس آخرها ضعف الجانب التعليمي والنفسي والطبي وسط الفقر وانعدام سبل الحياة، إضافةً لنظرة المجتمع الدونية لهن.
متلازمة داون هي حالة جينية ناجمة عن زيادة إضافية في الكروموسوم المعروف باسم تثلث الصبغية 21، ويصاحبها مجموعة من السمات البدنية والتحديات على مستوى الصحة والتطور النمائي ودرجة معينة من الإعاقة الذهنية، ولها في الغالب تأثيرات متباينة في أساليب التعلم، ولكنها لا تحول بأي شكل من الأشكال دون قيام ذوي متلازمة داون بمهامهم اليومية. 
تعيش روعة البكرو (14) عاماً، وهي مصابة بمتلازمة داون منذ ولادتها حالة من الوحدة والعزلة الاجتماعية داخل المخيم الذي تقيم فيه شمال مدينة إدلب، فهي تخاف الخروج تجنباً لنظرات الاستعطاف والتنمر من قبل الأطفال وساكني المخيم.
تقول والدتها وتدعى مريم البكرو (48) عاماً، أن ابنتها وإن كانت من مصابات المتلازمة إلا أنها ذكية وحساسة، وتتوق لتعيش حياة طبيعية كسائر الفتيات، لكنها "لا تجد من يساعدها في مجتمع يراها معاقة ولا تصلح سوى للسخرية".
وتضيف الأم المتأثرة بحالة ابنتها أن عدد من الأطفال والأشخاص الأصحاء يطلقون على ابنتها ألقاباً تجرح مشاعرها رغم أن لها اسماً جميلاً ولكن قلما ينادونها به وهو ما يأزم وضعها النفسي إلى حد لم تعد معه قادرة على رؤية أحد في المخيم.
الحال ذاته تعيشه الطفلة أسيل البحبوح (11) عاماً المصابة أيضاً بمتلازمة دوان والتي لا ترغب الفتيات الأخريات باللعب معها أو مصادقتها ما يجعلها تجلس وحيدة أمام باب خيمتها الواقعة على أطراف مدينة سرمدا طوال الوقت.
ورغم عدم وجود أي وسيلة ترفيه أو مرح داخل المخيم فهي دائمة الابتسامة والهدوء وكثيراً ما تحاول اللعب مع قطتها الصغيرة وترسم الزهور في دفتر قديم وجدته في أحد شوارع المخيم النائي أثناء تجوالها اليومي.
المرشدة النفسية والاجتماعية وفاء الطويل قالت إن مصابات متلازمة داون تعشن مغيبات الحقوق والرعاية وتتعرضن إلى الإساءات المعنوية واللفظية وسط تكريس صور نمطية خاطئة عنهن على أنهن معاقات عقلياً، كما يتعرضن في كثير من الأحيان للحرمان من الخدمات الصحية والتعليم وفرص المشاركة في المجتمع.
وأكدت أن المصابات بمتلازمة داون لسن مصابات بمرض إنما هن مختلفات وبحاجة لطرق خاصة ومختلفة للتعليم والتدريب والاندماج المجتمعي لكي تحققن ما تطلعن إليه، فهن يتسمن بالحب والحنان والعطف الزائد.
وأشارت إلى أن كثيرات من المصابات بمتلازمة دوان ترغبن بتكوين الصداقات ولديهن نسبة ذكاء مرتفعة، وتبدعن في مجالات فنية وعلمية مختلفة، لكن يبقى احتياجهن لنوعية مختلفة من التعليم هو التحدي الأساسي الذي تواجهه كثير من مصابات متلازمة داون في مخيمات إدلب المنسية.
وطالبت بتحسين أوضاع تلك الفئة من خلال الرعاية الأسرية والدعم والتوجيه الطبي ونظم الدعم القائمة في المجتمع، مثل توفير المدارس الخاصة لهن في كل مكان ليسهل وصول هذه الفئة إليها، ويسهم في تمكينهن وتحقيق ذواتهن، عبر أنشطة حسية وحركية ودعم نفسي واجتماعي ليس لهن فحسب، وإنما لوسطهن المحيط أيضاً بغية التوعية بكيفية التعامل بطرق أكثر عقلانية ومسؤولية تجاه هذه الفئة المهمشة في المجتمع.