التوعية وتطبيق القانون متلازمان في القضاء على الذهنية الذكورية

أكدت ناشطات تونسيات أن تغيير العقلية الذكورية ليس بالأمر السهل ويحتاج وقتاً وجهداً لأنها موروث أثر على تفكير النساء أيضاً حول أحقيتهن بالمساواة.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ تعتبر ناشطات تونسيات أن المرأة التي تربت على الذهنية الذكورية أيضاً بحاجة لتوعية بجانب الرجل، لتهيئة الأرضية لتطبيق القانون الذي يحتاج إلى عقول تستوعبه وتدركه.

الحديث عن المساواة بين الجنسين في تونس ومعالجة معضلة العنف وحماية حقوق المرأة ومكاسبها يدفع إلى الحديث عن الأسباب الكامنة وراء تعثر مسار حقوق المرأة في تونس في بعض المجالات والحياد عن المسار الصحيح خلال السنوات الأخيرة، والذي تجلّى في ارتفاع نسبة العنف حدّ القتل، وتراجع تمثيلها في البرلمان عوض بلوغ التناصف.

وتعتبر ناشطات بالمجتمع المدني أن الأسباب لها علاقة بعدم تفعيل القوانين وتنقيحها لتتماشى مع الواقع، ولكن بدرجة أكبر تهم العقليات الذكورية التي تسيطر على الرجال لضرب حقوق المرأة وأيضاً العقلية الذكورية التي تستبطنها المرأة، والتي تظهرها خاصة عند تربية أبنائها، فتفرق بين البنت والابن في المعاملة ليتواصل هذا الموروث على امتداد الزمن ويصبح معرقلاً أساسياً لسن القوانين ونجاعة تطبيقها.

تقول منسقة لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للنساء الديمقراطيات مفيدة بشير في هذا الإطار "نعمل في المجتمع المدني على سن قوانين والتوعية وتغيير العقلية، وإذا كانت القوانين تتطلب السعي فإن تغيير العقليات أصعب لأنه يجب إيجاد عقليات تقبل تطبيق القانون، وبدورنا نواصل النضال لتحسين الواقع المجتمعي"، وأضافت متأسفة "هناك عقليات ذكورية تحصر دور المرأة في العناية بالمنزل وتربية الأطفال وهي دائماً متهمة بالتقصير رغم أنها تعمل خارج المنزل وتحتاج إلى التشاركية وتقاسم الأدوار مع الزوج والأبناء حتى تعمل بأريحية أفضل".

واستدركت قائلةً "ليس الرجل فقط من يستبطن العقلية الذكورية باعتبارها من مخلفات وموروث ذهني سيطر على المجتمع لسنوات طويلة، بل تستبطنه المرأة مما يدفعنا إلى العمل على تغيير عقليات النساء أيضاً"، موضحةً أن العقلية الذكورية تتوارث وبمعنى آخر أن المرأة التي تربت على العقلية الذكورية يمكنها أن تنقل تلك الأفكار لأطفالها ويتربون على نفس النهج، مؤكدةً أن العمل مازال متواصلاً على التوعية بحقوق النساء وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة في الأجر.

ومن جهتها قالت الباحثة والناشطة النسوية درة محفوظ أن "القضاء على التمييز بين الجنسين ونيل المرأة لحقوقها يتطلب النضال المتواصل، ولازال تغيير العقليات التي توارثت الذهنية الذكورية عبر أجيال بحاجة إلى المزيد من العمل لينعكس ذلك على الأجيال القادمة".

وترى أن الحركة النسوية في مجال معالجة العنف عملت لسنوات على توعية النساء ولكن لم يحقق ذلك تغييراً كبيراً، لأنه كان من الأجدر أن تعمل على توعية الاثنين أي الرجال أيضاً.

وأشارت إلى دراسة شملت الرجال وتبين أنه "يجب تغيير ذهنية النساء المتأثرات بالعقلية الذكورية، لأنه يوجد إشكال على مستوى التنشئة الاجتماعية التي تستوجب تغيير السلوك بمعنى مثلما تطلب الأم من ابنتها الواجبات المنزلية عليها أن تطلبها من الولد أيضاً ولا تجبرها على خدمته والقيام بدوره، وتطبيق المساواة في العلاقة بين الاثنين بالمنزل، وأيضاً في التعاطي مع الفضاء العام على غرار توقيت الدخول والخروج من المنزل، ولكن هذا لن يعطي النتيجة المرجوة إلا بعد 20 سنة من العمل والنضال بينما نحن نفكر في معالجة الأمر اليوم ويجب أن نعمل يومياً على تغيير العقليات ورفض ما هو موجود لأن المساواة مسار متواصل".

وأوضحت أن "الزواج هو دفتر ادخار كما يقال يرتفع عند الرجل ويتراجع عند المرأة فنجدها تتحمل كل المسؤوليات بالمنزل أضف إليها العمل وفي دراسة تبين أن المرأة تخصص أكثر من خمس ساعات في اليوم للمنزل بينما الرجل بين 25 و30 دقيقة، وهذه الدراسة تحتاج إلى التعديل عن طريق البحث العلمي الذي يأخذ بعين الاعتبار حقوق الإنسان لأن الدراسة اعتبرت أن الفتيات ترغبن في العمل المنزلي عوض أن يقال إن المدرسة أولى بهن".