التونسيات تتحدين الصعوبات وتقدمن الدعم لنساء غزة
رغم الصعوبات والمخاطر التي تلف العمل التطوعي إلا أن التونسيات تسجلن أقبال ملحوظاً عليه خاصة في تقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة في ظل ما تعانيه النساء والأطفال جراء الانتهاكات الإسرائيلية.
نزيهة بوسعيدي
تونس ـ منذ الإعلان عن انطلاق حملة وطنية في تونس لمساعدة أهالي غزة، انضمت العديد من التونسيات إلى منظمات المجتمع المدني والحكومي لتؤكدن جاهزيتهن في تقديم المساعدة الإنسانية بكافة أنواعها للمدنيين العزل في غزة.
من خلال مشاركتهن في صفوف الهلال الأحمر التونسي عبرت التونسيات عن رغبتهن العارمة في تقديم أي نوع من المساعدة يمكن أن تصل للأهالي في قطاع غزة، هذا ما أكدت عليه الناطقة باسم الهلال بثينة قراقبة "أظهرت المرأة التونسية دوراً بارزاً في المجال الإنساني، ففي الآونة الأخيرة وبعد الإعلان عن الحملة الوطنية لتقديم المساعدة لأهالي غزة لم تتوانى النساء في تونس عن المشاركة بهذه الحملة، فقد شرعن إلى جمع التبرعات ومساعدة طواقم الهلال في فرز المساعدات الإنسانية وتغليفها وتنظيمها لتكون جاهزة لإرسالها إلى نساء وأطفال غزة، لم تكتفين بذلك فحسب بل شجعن أبناءهن أيضاً على المشاركة كما عملن على توعية الطلاب في المدارس على أهمية العمل الإنساني وأن كل فرد في المجتمع يجب أن يكون عضواً فاعلاً وكما له حقوق فعليه أيضاً واجبات".
وأضافت أن المرأة التونسية تُقبل على العمل التطوعي متحدية الصعوبات في سبيل أداء واجبها الإنساني "المتطوعات سواء كن طالبات أو أمهات أو عاملات هن لا تنكسرن أمام الصعوبات والعراقيل التي تواجههن في سبيل إعلاء دور وشأن العمل الإنساني، لطالما عبرن عن جاهزيتهن الكاملة ليلاً ونهاراً لتلبية نداء الواجب ومن كافة المناطق سواء من خلال تقديم التبرعات أو جمعها، فالعديد منهن قدمن من مناطق بعيدة عن العاصمة وطبخن الطعام في منازلهن وأحضرنه للمتطوعين، التونسيات أقبلن على العمل التطوعي لتقديم المساعدة خلال كارثة الزلزال الذي ضرب شمال سوريا والفيضانات التي اجتاحت مدينة درنة الليبية والأوبئة والحرائق".
وعن تجربتها في العمل التطوعي قالت "لقد انخرطت في العمل التطوعي منذ أكثر من 20 عام ضمن صفوف الهلال الأحمر التونسي، ورغم الواجبات العائلية المترتبة عليّ إلا أنني تمكنت من تنسيقها مع وقت عملي كما أن أبنائي يقدمون لي الدعم النفسي دائماً، بالتالي نرى أن المرأة تشغل مناصب في اللجان الصحية والإغاثية ولجنة مجابهة الكوارث وهي دائماً جنباً إلى جنب مع الرجل في إخماد الحرائق ومساعدة منكوبي الفيضانات والثلوج والحروب، لذلك أؤكد أننا تخطينا مرحلة التفكير في الجنس إلى التفكير في الكفاءة".
وحول تقديم المساعدات قالت بثينة قراقبة "الحملة الوطنية انطلقت في 9 تشرين الأول الماضي وتم إرسال طائرة محملة بالمساعدات النوعية كان الهلال الأحمر الفلسطيني قد طلبها خاصة أدوية التخدير والإنعاش والمضادات الحيوية للأطفال، ثم تلتها طائرة أخرى من المساعدات حجمها 12 طن من المواد الغذائية وحليب الأطفال والأدوية والمعدات الطبية، كما تم إحضار عدد من الجرحى والمصابين لتقديم العلاج المناسب لهم، بالإضافة لتقديم الدعم المادي للطلبة الفلسطينيين المتواجدين في تونس".
وعن الوضع الصحي والنفسي للمرأة الفلسطينية أكدت "ليس من السهل على الأم رؤية طفلها يقتل أمام عينيها، إلا أنها صابرة على ألم الفقد تعض على جراحها، وإحدى الأمهات اللواتي تم إحضارهن إلى تونس تركت ابنها البالغ من العمر 13 عام وحيداً بلا سند وعندما تتواصل معه لا تشعره بالخوف أو الهلع بل تبث فيه روح الصمود والصبر"، مشيرة أن الصمود والصبر هو أيضاً من أنواع المقاومة وليست فقط حمل البندقية.
وحول الانتهاكات التي تعرض لها أطفال غزة بينت أنه "حسب الإحصائيات فإن أكثر من ثلثي المصابين هم من الأطفال فالمستهدف في هذه الحرب هو المرأة والطفل على وجه الخصوص كونهما يشكلان مستقبل فلسطين الذي تسعى إسرائيل لتدميره، فالإصابات لا تترك فقط إعاقات جسدية بل تترك أيضاً أثرها على الصحة النفسية لهم، وأتذكر أن أحد الأطفال كان يصرخ بصوت مرتفع عندما فتح أحد المتطوعين حقيبته ظناً منه أنه صوت رصاص وهرع إليه كل من كان حوله لقد كان في حالة رعب شديدة"، مؤكدة أن بناء تمثال للمرأة الفلسطينية أمام سفارة بلادها في تونس هو للتذكير أن القضية الفلسطينية هي القضية الأم وبالتالي قضية كل إنسان حر.
وأكدت أن ما يحدث في غزة لا يشكل خطورة فقط على أطفالها بل على جميع أطفال العالم "هم يتابعون مواقع التواصل الاجتماعي ولا يعرفون ما هي الحرب ولماذا تقع ،هذه الأسئلة دائماً تطرحها أبنتي عليّ، ومهما كانت نوعية الإجابة فهي غير مقنعة نظراً لهول ما تراه على مواقع التواصل الاجتماعي من انتهاكات بحق الأطفال والنساء في غزة"، مضيفة أن العديد من الأطفال في تونس شاركوا في جميع الكثير من المساعدات سواء المعنوية أو المادية.
وفي ختام حدثيها وجهت رسالة لكافة نساء فلسطين "المتطوعات في الهلال الأحمر الفلسطيني يقمن بدور كبير لا يمكن لأحد أن يغيبه أو يتخطاه فهن متواجدات في سيارات الإسعاف والمستشفيات والمخيمات ليلاً ونهاراً، وأكدن أن الإنسانية تتعلق بالبذل والعطاء فقط، ونطالب كافة العاملين في المجال الإنساني والحقوقي بوقف ما يتعرض له المدنيين في غزة من انتهاكات وجرائم، فإن كان العالم يسمح بانتهاك حق طفل أو امرأة وتدمير المستشفيات والملاجئ في غزة فلنكن مستعدين لحدوث ذلك في جميع أنحاء العالم وعندها لن تنفع سياسة الكيل بمكيالين".