"التوكسوبلاسما أو جرثومة الحمل" تنتشر بين الحوامل في إدلب
في ظل تراجع الدعم من قبل المنظمات الإنسانية والطبية المختلفة في إدلب، تعاني الحوامل من أمراض كثيرة بالتزامن مع انتشار جرثومة الحمل التي قد تخلف تشوهات وإجهاضات.
هديل العمر
إدلب ـ تعد الحوامل من أكثر الفئات التي تعاني بمناطق إدلب، فالرعاية الصحية متردية جراء النقص في الكوادر المتخصصة والأدوية والمكملات، إلى جانب الازدحام الشديد في المراكز المختصة، وصعوبة الوصول إليها.
لم تكن ريم البرعم (25) عاماً التي كانت في شهرها الخامس تشكو أي مشكلة في بداية حملها، غير أن تصوير الإيكو الأخير بين أن الجنين ميت قبل أكثر من شهر، وهو ما أرجعته طبيبتها لإصابتها بـ "التوكسوبلاسما" وهي جرثومة تصيب الرحم وتتسبب بالإجهاض أو بتشوهات جنينية، ويتوجب كشفها وعلاجها في وقت مبكر من الحمل.
وقالت ريم البرعم المفجوعة بفقدان جنينها بعد انتظار أكثر من ثلاث سنوات قبل أن تم الحمل أخيراً، أنها أجرت كافة الفحوصات في بداية حملها، وأثبتت التحاليل أنها غير مصابة ولا تعلم ماهي المشكلة، لتتفاجأ بوجود الجرثومة لاحقاً بعد إعادة التحليل الذي بين إصابتها وأنها السبب المباشر لإجهاضها الذي ترك حسرة بقلبها برؤية طفلها بالقريب العاجل على حد تعبيرها.
تأخر اكتشاف الجرثومة أرجعته طبيبتها إلى أن التحاليل الأولية يمكن ألا تكشف هذا النوع من الإصابات في معظم الأحيان، ولذا يتوجب إعادة التحليل أكثر من مرة للتأكد من وجود الجرثومة أم لا.
ومن جانبها لم تستطع فداء الحسون (29) عاماً مراجعة أي طبيبة نسائية منذ بداية حملها الذي وصل للشهر السادس قبل أن يتم اجهاض الجنين بشكل مفاجئ، وعن ذلك تقول إن الأمر داخل مخيمهم الواقع في بلدة مشهد روحين صعباً للغاية والعناية الطبية شبه معدومة، وخاصةً فيما يخص الحوامل اللواتي بحاجة لمتابعة مستمرة، بينما منعها الفقر وضيق الأحوال المادية من مراجعة أي عيادة طبية خاصة، للاطمئنان على صحتها وصحة جنينها الذي فقدته.
وفي إشارة إلى أوضاعهم المأساوية التي يعيشونها بعد نزوحهم عن بلداتهم وقراهم، توضح "نضطر هنا لحمل المياه الصالحة للشرب لمسافات بعيدة، ولا يمكننا الاهتمام بأنفسنا سواء كان بوجود حمل أم لا، ليست لدينا الفرصة لذلك، في هذه المخيمات المنسية".
لدى فداء الحسون طفلين لم يتجاوز عمر أكبرهما الخمس سنوات، ولا تعلم إن كان وضعها الإنجابي سينجح فيما بعد، وخاصةً مع وجود جرثومة الحمل وعجزها عن متابعة وضعها الصحي والحصول على الأدوية الباهظة الثمن بشكل مستمر.
وأما أمل الحمادي (31) عاماً فهي عازمة على متابعة العلاج الذي من شأنه تجميد تأثير الجرثومة على حملها الذي انتظرته لسنوات، رغم مكابدتها عناء الوصول إلى الرعاية الصحية وشراء الدواء الخاص بهذا النوع من المرض.
وقالت إنها أجرت تحاليل عامة منذ بداية الحمل وتبين إصابتها بالجرثومة التي أوصت الطبيبة النسائية بتناول الدواء لها على مدار سبعة أشهر من الحمل ريثما يكتمل نمو الجنين ويضعف تأثير مضار الجرثومة على الحمل.
وتشكو أمل الحمادي غلاء الدواء الخاص بعلاج الجرثومة وفقدانه أحياناً من الصيدليات ما يضطرها لجلبه من مناطق النظام السوري أو تركيا، وهو ما يضاعف السعر في معظم الأحيان، غير أنه لا سبيل لتوقفه والتضحية بجنينها.
وبدورها قالت الطبيبة النسائية رؤى عثمان إن جرثومة التوكسوبلاسما، أو ما تعرف بداء المقوسات مرض ينتج عن عدوى بطفيل المقوسة الغوندية، إحدى الطفيليات الأكثر شيوعاً في العالم، وعادةً ما تحدث العدوى إثر أكل اللحوم الملوثة بالطفيل غير المطهوة جيداً، أو التعرض للطفيل بواسطة براز قطة تحمله، أو بانتقالها من الأم للطفل أثناء الحمل.
وأضافت أن داء المقوسات يسبب أعراضاً تشبه الأنفلونزا لبعض الأشخاص، لكن معظم المصابين لا يعانون علامات أو أعراضاً، وقد يسبب داء المقوسات مضاعفات خطيرة للأطفال المولودين من أمهات مصابة به، وللأشخاص ذوي الأجهزة المناعية الضعيفة.
وأكدت على أنه إذا أصيبت المرأة بالعدوى بما يعرف بداء المقوسات الخلقي للمرة الأولى قبل الحمل مباشرةً أو أثناء الحمل، يمكنها نقل العدوى إلى جنينها حتى لو لم تظهر عليها علامات أو أعراض، ويكون الجنين أكثر عرضة لخطر الإصابة بداء المقوسات إذا أصيبت الأم بالعدوى في الثلث الثالث من الحمل، بينما يقل هذا الخطر إذا أصيبت بالعدوى خلال الأشهر الثلاثة الأولى.
وأشارت إلى أن العديد من حالات العدوى المبكرة تنتهي بالإجهاض أو ولادة جنين ميت، ومن المرجح أن يولد الأطفال الناجون بمشاكل خطيرة كالنوبات المرضية، تضخم الكبد والطحال، اصفرار الجلد، بياض العينين (اليرقان) وعدوى شديدة في العين.
وعن طرق كشف العدوى والعلاج أوضحت أن الكشف عن المرض يتم بفحوصات الدم، ويمكن علاج المصابات بالمضادات الحيوية.