التنمر يزيد معاناة الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة في إدلب
شددت المرشدة الاجتماعية أمل الزعتور على ضرورة حماية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة من التنمر لتفادي إصابتهم بالكبت النفسي الذي يترتب عليهم انسحاب اجتماعي وعدم التواصل مع الآخرين.
هديل العمر
إدلب ـ يواجه الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة في إدلب أشكال الرفض والتمييز والتهميش ضمن بيئاتهم المتعددة سواء كانوا نازحين في المخيمات، أو مقيمين في المدن والبلدات.
قالت فاتن الحداد (33) عاماً إنها لم تعد ترغب بإرسال ابنتها البالغة من العمر سبع سنوات والمصابة بمتلازمة داون، إلى المدرسة الواقعة على مقربة من مخيمهم على أطراف مدينة معرة مصرين في إدلب جراء تعرضها للتنمر المستمر من قبل زملائها وزميلاتها.
وأضافت أن ابنتها تواجه مشاكل عدم التقبل من الأطفال الآخرين الذين لم يفوتوا فرصة للاستهتار بمشاعرها، بل وجعلوها محط سخرية وانتقادات "كثيراً ما تعود ابنتي من المدرسة ودموعها تغطي وجهها جراء التنمر الذي تتعرض له من الأطفال الآخرين، كل ذلك على غفلة من الكوادر التدريسية التي لم تكلف نفسها عناء لوضع حد للمشكلة حتى ببعض وسائل الحوار مع الطلاب لتقبل ابنتي بينهم".
وطالبت فاتن الحداد الجهات المعنية سواء كانت حكومة إنقاذ أو منظمات مجتمع مدني بإيجاد حل لمشكلة هؤلاء الأطفال الذين تفاقمت معناتهم مؤخراً جراء النزوح وقلة الرعاية والاهتمام، وأهمية العمل على احتضانهم واحتوائهم ضمن مراكز ومدارس متخصصة لصعوبة اندماجهم بمدارس عادية.
لم تحاول أسماء الرجب (29) عاماً إرسال ابنيها المصابان بضمور دماغي إلى المدارس ليقينها بأن ذلك سيؤذيهما أكثر من أن ينفعهما على حد تعبيرها.
وأضافت أنهما يتعرضان لمخاطر التنمر من المجتمع المحيط، والذي بدأ يخلق لديهما حالة من الكراهية والشعور بالظلم والنفور من المجتمع والرغبة في الوحدة والانطواء على أنفسهم خوفاً من أن تُجرح مشاعرهم عند مخالطتهم بالناس، مشيرةً إلى أن هذه المشاعر "القاسية" تحرمهما من حقوقهما الإنسانية في التعليم وممارسة الأنشطة المتنوعة، فيصبحان يفضلا العزلة والعيش بمفردهما.
وأوضحت المرشدة الاجتماعية أمل زعتور (36) عاماً أن التنمر هو مشكلة اجتماعية موجودة في الثقافة السائدة ويحتاج علاجها إلى جهود طويلة المدى ومتعددة الأطراف، حيث التنشئة الاجتماعية والتعليم في المدارس والمنتجات الثقافية فضلاً عن دور المؤسسات الدينية والإعلامية.
وأشارت إلى أن ذوي الاحتياجات الخاصة هي فئة لديها شعور بالدونية بسبب اختلافها عن الآخرين في الأساس، ويزداد هذا الشعور بالتنمر ويتحول إلى شعور بالعجز النفسي وعدم المقدرة على أخذ حقها والدفاع عن نفسها بصد العنف الممارس ضدها فتشعر بالقهر والظلم.
وأضافت أنه وبسبب عدم قدرة الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة على التعبير عن آلامهم أثناء التنمر، فإنهم يصابون بالكبت النفسي الذي يترتب عليهم انسحاب اجتماعي وعزوف عن المشاركات الاجتماعية وعدم التفاعل والتواصل مع الآخرين، وهو ما يؤخر من فرص اندماجهم في المجتمع، وتشكل نظرة سوداوية للمجتمع والحياة من قبل هذه الفئة سرعان ما تتولد على إثرها الكآبة النفسية والانهزامية الداخلية.
وأكدت أمل الزعتور على ضرورة اهتمام وسائل الإعلام بموضوع التنمر وتجريمه بحيث تصل المادة الإعلامية للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بالأسلوب المناسب لهم، وتوجيه الأشخاص العاديين بضرورة حماية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة من التنمر.