التنمر على إعاقتها دفعها للعمل من أجل حقوق ذوات الإعاقة

تعتبر العادات والتقاليد والنظرة الذكورية من أهم التحديات التي تواجه النساء خاصة ذوات الإعاقة للانخراط في قطاعات العمل المختلفة في اليمن، وهذا ما يعطي مؤشر بأن تلك التحديات تؤثر بشكل كبير على مستقبل النساء، وحرمانهن من أبسط حقوقهن.

هالة حاشدي

اليمن ـ تواجه النساء ذوات الاحتياجات الخاصة في اليمن صعوبات كبيرة ضمن ظروف قاسية تمر بها البلاد، حيث تزايدت معاناتهم بشكل ملحوظ نتيجة الصراع المستمر والتدهور الاقتصادي، ومن أبرز العقبات التي تعترض حياتهن اليومية هو التنمر، في وقت تعاني فيه الكثيرات بعيداً عن الدعم والعناية المطلوبة.

تشير الإحصائيات إلى أن حوالي 4.9 مليون شخص من أصل 30 مليون نسمة في اليمن يعانون من نوع واحد على الأقل من الإعاقة، مما يسلط الضوء على واقع مأساوي يتطلب استجابة عاجلة وتدخلات فعالة لتحسين ظروف حياتهم، وعلى الرغم من حقوقهم المتساوية، يُنظر إلى العديد منهم كعبء على المجتمع، مما يؤدي إلى تهميشهم وحرمانهم من حقوقهم الأساسية، بالإضافة إلى ضعف فرص التعليم والعمل.

 

التغلب على التحديات

قالت رئيسة مؤسسة "أرمان" نسيم أحمد، أنها أصيبت بحمى شديدة في طفولتها، مما أدى إلى إصابتها بإعاقة حركية دائمة في قدمها اليسرى "على الرغم من أنني عشت طفولة طبيعية، لكنني كنت أشعر دائماً بالحزن لرؤية الأطفال يلعبون بحرية، وكنت أحن إلى اللعب دائماً، لكن واقعي كان مختلفاً"، مشيرةً إلى أنها تعرضت لبعض آثار الحروق التي عانت منها خلال تلك الفترة، ورغم تعرضها للتنمر ألا أنها كانت مليئة بالتجارب القيمة.

 

السعي وراء النجاح

وأوضحت أنه "من بين تلك التجارب، أذكر أنني كنت واحدة من النساء اللواتي عملن أثناء فترة الحرب، وخلال تلك الفترة تعرضت كثيراً للتنمر والنقد من بعض الأشخاص الذين كانوا يسألونني، لماذا تخرجين للعمل في وقت الحرب بينما تبقى جميع النساء في المنزل؟"

ولفتت إلى أنه بصفتها معلمة وموظفة في مجال قانون المعاقين كانت تذهب إلى عملها في الطابق الثالث، ولم تعتبر البقاء في المنزل الخيار الصحيح، مشيرةً إلى أنه على الرغم من أن عادات وتقاليد المجتمع تمنع وجود أشخاص معاقين في الفضاء العام، ألا أنها كانت دائماً تشجع نفسها على الخروج للعمل والتفاعل مع الآخرين.

"كان النقد التي تعرضت له مصدر إلهام لي، حيث كان الناس يسألونني عن تجربتي، ويقترحون علي الحصول على تقرير طبي لأتمكن من البقاء في المنزل، لكنني لم أرغب في ذلك، بل كنت أسعى للعمل والمساهمة في تحسين مجتمعي، لذلك التحقت بدراسة علم الاجتماع، مما أتاح لي فرصة الاستمرار بدعم كبير من عائلتي، خاصة من قبل والدي" وفق ما قالته.

وأوضحت أنها كانت تلبي بعض احتياجاتها بنفسها، إذ كانت تؤمن بأنه لا يمكنها أن تكون الوحيدة التي تقوم بكل شيء، ورغم المسافات الطويلة التي كانت تقطعها، كان والدها يشجعها دائماً بعبارات "أذهبي، أحضري، يجب أن تكوني صاحبة القرار"، مشيرةً إلى أن والدها حذرها من أنها قد تواجه بعض التحديات لكنها رغم ذلك، استطاعت التكيف مع وضعها والمشاركة في العمل المجتمعي خاصة في قضايا النساء وذوات الإعاقة اللواتي تعتبرن من الفئات المهمشة في المجتمع بسبب العادات والتقاليد وصعوبة تنقلهن.

وأضافت أنها كانت إحدى الموظفات المعنيات بمشروع تفعيل قانون ذوي الإعاقة، حيث شاركت في الدعم والإشراف على مشروع أنشأته منظمة الأرضية المشتركة، التي كانت حريصة دائماً على الموازنة بين قضايا النساء خاصة ذوات الإعاقة.

 

تفعيل قانون ذوي الإعاقة ودعم القطاع الخاص

ونوهت إلى أنها قامت بحملة كبيرة لتفعيل قانون ذوي الإعاقة، والتي لاقت ردود فعل واسعة من المجتمع، خاصة خلال فترة الحرب حيث لم يتمكن العديد من الأصحاء من الحصول على فرص عمل، مضيفةً أن الحملة بدأت تحدث صدى إيجابي في القطاع الخاص، كما عملوا على تدريب شريحة من ذوي الإعاقة "سيكون هناك تدريب قريب لهم، وسيتوجهون إلى سوق العمل، مما يعد خطوة كبيرة نحو تقدمهم، وكانت رسالتهم قوية تُظهر أنهم قادرون على العيش بشكل طبيعي، ولا يوجد شيء يمنعهم".

 

التحديات المجتمعية والتطلعات المستقبلية

وأكدت أنهم يرغبون في إيصال رسالة للمجتمع مفادها أنه لا ينبغي لذوي الإعاقة أن يكونوا مجرد متلقين للمساعدات، أو عبئاً على المجتمع، بل هم بحاجة للعمل وتفعيل قوانين متنوعة، تشمل قوانين العمل وتأهيل الطرقات والمجال الصحي "لديهم الحق في تقديم طلبات العمل، سواء كانوا مختصين أم لا".

وأشارت إلى أن بعض الآباء لا يصرّحون بأن لديهم أبناء أو بنات من ذوي إعاقة بسبب العادات والتقاليد خاصة في مجتمع دار سعد، خوفًا من تأثير ذلك على فرص زواج إخوتهم "عندما يقومون بمسح اجتماعي، يجدون صعوبة في الحصول على البيانات، لأن العديد من الآباء لا يرغبون في الاعتراف بذلك، مما يزيد من تعقيد الوضع".

وأضافت أنهم يجمعون البيانات، لكنهم يحاولون قدر المستطاع استخدام العلاقات الشخصية، مؤمنين بأن خروج الفتاة للعمل أصبح أمراً طبيعياً، وأنهم يواجهون صعوبة في جعل المجتمع يتقبل وجود الفتاة في مختلف المجالات، بينما تُنجز الأمور المنزلية كما يتناسب معها، لافتةً إلى أنه من الناحية الصحية، هم متعبون، فبعض الناس لا يفهمون وضعهم، ويعتقد البعض الأخر أنهم بحاجة إلى أماكن خاصة لذوي الإعاقة.

وقالت نسيم أحمد إن الحديث عن الدمج يركز على الأوراق فقط، وأثناء العمل يواجهون صعوبات عدة "إذا وضعنا طالبة معاقة كمديرة مدرسة ستواجه صعوبة، لأن المعلمات قد تفضلن عدم التعامل معها"، مؤكدةً أن لديها هدف يجب أن تصل إليه "سأعمل على أن أكون صوتاً ينادي بتفعيل القوانين الموجودة، وأنشاء وزارة تهتم بالأشخاص ذوي الإعاقة، خاصة النساء لضمان تحقيق حقوقهن ومطالبهن بشكل فعال".