'التمييز بين الجنسين موجود حتى في حياة المكفوفين'
أكدت شراره. م وهي كفيفة، أنه لا يمكن للقيود التي يفرضها المجتمع بالتميز بينها وبين الرجل الكفيف أن يسلبها حقه في الاستقلال.
شبنم توكلي
طهران ـ توثر الإصابة بالعمى (عدم الرؤية) بشكل كبير على مختلف جوانب الحياة، ففي معظم الحالات، تنخفض طبيعة حياة المكفوفين إلى حد كبير، بدءاً من أداء الأنشطة اليومية إلى أشياء مثل المشي والتواجد في المجتمع، وقد يؤدي ذلك إلى العزلة الاجتماعية.
يعاني معظم الأشخاص المكفوفين/ات من الاكتئاب والعزلة الاجتماعية وغيرها من الأثار النفسية التي توثر على حياتهم بشكل سلبي، بينما يلعب تعليم المهارات الحياتية دوراً هاماً في زيادة التكيف الاجتماعي، وزيادة الثقة بالنفس والشجاعة لدى الشخص الكفيف، ويعمل أشخاص آخرين من خلال وسائل الإعلام على زيادة وعي المجتمع بحياة الشخص الكفيف والقيم التي تحكم حياته وطرق مرافقتهم.
تقول شراره. م "للأسف لا يوجد ما يكفي من المعلومات والوعي في مجتمعنا فيما يتعلق بقضايا المكفوفين، على سبيل المثال أنا امرأة أبلغ من العمر ثلاثين عاماً، أعامل دائماً كفتاة صغيرة تحتاج إلى الرحمة والتوجيه، ليست لدي استقلالية يسيطر الأخرون علي دائماً في كل تحركاتي، حتى الطريقة التي يتفاعل بها الآخرون معي تجعلني خائفة من مقابلة أشخاص جدد، أخشى دائماً أن يتم وصفي بالعمياء، حتى في المدرسة لا يراعي المعلم حالتي".
أوضحت أنه "بالنسبة لشخص فاقد البصر، النظام مهم جداً أي عليك أن تكون منظماً ودقيقاً جداً في شؤونك الشخصية، لا أغير مكان حذائي وملابسي في المنزل أبداً أو يجب أن يكون شاحن الجوال دائماً حيث أكون، أعتدت على وضع كوب الماء وطبق طعامي دائماً في مكان محدد، ومن ناحية أخرى تتصرف عائلتي وفقًا لجدولي وطلبي، ولأنني لا أرى الصباح أو المساء أريدهم دائماً أن يخبروني بالوقت، لأنه عندما لا تعرف الوقت، يبدو الأمر كما لو أنك فقدت ذراعيك وساقيك، لأنه بمعرفته يمكن أن تنظم خططك وحياتك بشكل عام".
وعن دور عائلتها في حياتها والتصرفات التي يتخذها الأشخاص الذين تتعامل معهم منذ سنوات قالت "يحدث في بعض الأحيان خلافات بسيطة، فعلى سبيل المثال يغيرون مكان أحد أشيائي وينسون أخبري، مما يسبب بعض المشاكل، أما في الحياة خارج المنزل، تواجهني مشاكل في البيئة العامة كالجامعة لأنه في معظم الحالات، الأشخاص الموجودون في الجامعة لديهم اتصال قليل مع المكفوفين لا يعرفون ولا يفهمون أحوالنا، وهذا يجعلني أشعر بالحزن أحياناً".
وأضافت "قد تقول لنفسك أنك عندما تكون أعمى لا يهم إذا كنت ذكر أو أنثى فالقيود موجودة لكليهما، ولكن في الواقع نعيش في مجتمع ذكوري يعطي امتيازات أكثر للرجال، أتذكر عند دراستي في الجامعة، قال لي العديد من معارفي لماذا تدرسين كثيراً فمهما وصلتي إلى المراحل العليا من التعليم لن تسطيعي العمل، ليس لكونك عمياء فقط ولكن كونك امرأة أيضاً".
ولفتت إلى أنه "أردت أن أغير الاعتقاد السائد في أذهانهم بأنه على الرغم من كوني امرأة وكفيفة، إلا أن أياً من هؤلاء لا يستطيع أن يسلب مني حقي في الاستقلال بنفسي وانتظار مساعدة الآخرين إلى الأبد، في رأيي المرأة لديها الواجب في أي موقف، وحتى لو قاومت ولم تستسلم فالكلام سلبي الذي أسمعه على أنني عمياء يؤكد لي أنه لدي قدرات يجب أن أستخدمها".
وعن الصعوبات التي واجهتها قالت "صعوبة الحياة وسهولتها تعتمد عليك، فعندما تكون حياتي غير منظمة، يصبح من الصعب علي حتى أن أخطو خطوة، عادة ما يكون اتصالي محدوداً مع الناس في الجامعة، يوجد العديد من الأشخاص الذين يعرفونني جيداً ويفهمون أسلوب حياتي يساعدونني في العديد من الأماكن، كمعرفة الوقت أو جمع أغراضي أو الذهاب إلى مكان ما، أو الذين يساعدونني على قراءة الكتاب أو تسجيله لي فوجود مثل هؤلاء الأشخاص يزيل عني عبئاً كبيراً في الجامعة".
وأكدت أنه في بداية الجامعة عندما دخلُت في تلك البيئة، كنت خائفة جداً من أنني لن أتمكن من تحمل تكاليف مواصلة دراستي، لأنني طوال سنوات حياتي لم أطلب المساعدة من أحد سوى من الأشخاص المقربين مني، وعائلتي الذين اعتادوا علي بشكل خاص ويتصرفون حسب أمري وجدول زمني دون أن أقول أي شيء، بينما لم يكن هناك أي شيء مثل هذه الأخبار في الجامعة، كان علي أن أتأقلم مع البيئة الجديدة والظروف الجديدة، وهذا بمثابة اختبار وتجربة كبيرة بالنسبة لي وتحدياً كبيراً أردت تجربته".
وبينت أنه "بعد التعرف على بعض الأصدقاء وذوي المعرفة في الجامعة الذين لعبوا دوراً مهماً في تسهيل طريقي، يمكن القول تقريباً إنهم تصرفوا مثل عيني لفترة طويلة، عندما سلمت نفسي لهم كنت في حيرة مطلقة، ولكن بعد أن تعرفت على البيئة، قللت من طلب المساعدة وذهبت إلى العديد من الأماكن بمفردي، كما تعرفت على بعض أصدقائي المقربين على وضعي وحاولوا التصرف وفقاً لرغباتي وشروطي، الأمر الذي جعلني أتأقلم مع البيئة الجديدة رغم كل القيود".
وفي ختام حديثها قالت شراره.م أن "الشيء الوحيد الذي يمكنني أن أقوله لأمثالي هو الإيمان والثقة في أنفسهم وقدراتهم وأن لا شيء مستحيل، فالحدود تتطلب فقط المزيد من الجهد، والبقاء في المنزل هو عزلة واكتئاب بالنسبة لنا"، مؤكدة ً أن سعادة حياتها وتعاستها يعود إلى أرادتها القوية في تخطي كل شيء.