التعليم الإلكتروني... نافذة للأمل وملاذ قاصرات في إدلب

أسهمت ظروف الحرب إلى جانب الموروث الثقافي في تعميق ظاهرة زواج القاصرات وتوسعها في إدلب، ما أدى إلى حرمان آلاف الفتيات من متابعة تحصيلهن العلمي.

لينا الخطيب

إدلب ـ تلجأ الكثير من النساء والفتيات في إدلب للتعليم الإلكتروني بهدف مواصلة العملية التعليمية التي منعهن الزواج المبكر من استكمالها في المدارس.

كوثر الحميد البالغة من العمر 23 عاماً، هجرت من قريتها أواخر عام 2019، وتزوجت وهي لا تزال فتاة قاصر، لذا لم تستطع مواصلة تعليمها في المرحلة الثانوية العامة.

تقول كوثر الحميد أنه بعد زواجها قررت متابعة تعليمها، إلا أنها لم تستطع الذهاب إلى المدرسة لذا بدأت بمتابعة الدروس عبر المنصات التعليمية على مواقع التواصل الاجتماعي "أجبرني والدي على ترك الدراسة بسن الخامسة عشرة للزواج من ابن عمي، وبعد حوالي عام من زواجي تعرض زوجي لحادث سير جعله عاجز عن العمل، لذا قررت العودة لإكمال دراستي للحصول على الشهادة الثانوية، فلجأت إلى منصة تعليم عن بعد".

وأوضحت أن "التعليم عن بعد أفضل من التخلي عن التعليم بشكل نهائي، خاصة أن الخدمات التي تتلقاها مجانية من دون أي مقابل، وهو ما يخفف العبء علي باعتباري طالبة لا أستطيع أن أدفع مبالغ مالية مقابل حضور الدروس في معاهد أو مدارس خاصة".

رغم مسؤولياتها الكبيرة كافحت سلام العباس البالغة من العمر 20 عاماً والنازحة من مدينة سراقب إلى مخيم في بلدة حربنوش شمالي إدلب لمتابعة تعليمها، حيث حصلت على شهادة التعليم الأساسي في العام الماضي، وتسعى هذا العام لدراسة الشهادة الثانوية "ضاعت فرصتي بالتعلم بسبب الزواج المبكر، وبعد وفاة زوجي بحادث سير، قررت العودة للدراسة لأحصل على شهادة علمية تمكنني من العثور على فرصة عمل أعيل بها نفسي وابني".

وأشارت إلى أن حلم الدراسة كان يراودها باستمرار، لذا لجأت إلى التعليم الإلكتروني لأنه يسمح لها بمتابعة الدروس دون أن تغادر منزلها.

من جانبها قالت المعلمة علا الغنوم (35 عاماً) من مدينة إدلب، عن آلية إعطاء الدروس عبر الإنترنت بالقول "يتم التعليم الإلكتروني عبر قيام المعلمات بتصوير الدرس بمقطع فيديو ومشاركته مع الطلبة، بالإضافة إلى مشاركة الصور والمقاطع المصورة والتسجيلات الصوتية والنصوص المكتوبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومن ثم تفتحن باب النقاش مع الطلبة".

وأكدت على أن أهم معوقات التعليم الإلكتروني هو ضعف الإنترنت في بعض المناطق، وعدم امتلاك البعض لهواتف بنوعية جيدة بسبب امكانياتهن المادية الضعيفة.

وعن حرمان الفتيات من التعليم تقول المرشدة النفسية والاجتماعية فاطمة الرسلان "لم يعد رؤية أمهات على المقاعد الدراسية والجامعية أمراً مستغرباً في إدلب بعد عودة الكثيرات لإكمال دراستهن رغم الصعوبات والظروف التي تواجههن".

وتشير إلى أن الكثير من الأسر في إدلب تلجأ لتزويج بناتها في سن مبكرة، إلى جانب انتشار الفقر وظروف النزوح والتهجير، مما يحرمهن من حقهن بالتعليم.

وأكدت على أن التعليم من حق النساء وهو ضروري، فهو يمنحهن المهارات والقدرة على الانخراط في سوق العمل وتأمين اكتفائهن الذاتي، بالإضافة إلى أنه يوعيهن ويمنحهن الفرصة للمشاركة في بناء وتطوير مجتمعاتهن، كما يساعدهم في انتشال أسرهن من غياهب الفقر والجهل.

وتشجع فاطمة الرسلان جميع النساء على متابعة دراستهن فالتعليم لا يرتبط بعمر أو مرحلة معينة، ودعتهن للعمل جاهداً للقضاء على زواج القاصرات الذي يحرم الفتيات من حقوقهن.

وبحسب "منسقو استجابة سوريا" فإن أكثر من 318 ألف طفل يعانون من التسرب المدرسي في سوريا، بينهم 78 ألف طفل يعيشون داخل المخيمات نتيجة عوامل عدة أبرزها عمالة الأطفال والزواج المبكر.

ولا يزال حلم العودة للدراسة يراود كثير من النساء في إدلب، ممن كسر الزواج المبكر أحلامهن، فوجدن بالتعليم الالكتروني ملاذاً وباباً للأمل رغم الظروف الصعبة.