التحرش في الشوارع وعواقبه على المرأة

انتشار ظاهرة التحرش في مجتمع ما وحدوثها بشكل متكرر يولد شعور لا مبالاة وعدم اكتراث عند الناس مع مرور الوقت، مما يتسبب في انتشار الفساد وانحلال أخلاق المجتمع.

شبنم توكلي

طهران ـ تتعرض النساء لأشكال مختلفة من العنف الجنسي منها التحرش الذي تواجهه العديد من النساء في جميع أنحاء العالم، وهو يأثر على حالة العقلية والجسدية للمرأة وبالتالي يولد الخوف وانعدام الأمن ويقلل من فرص مشاركتها. 

تشهد النساء جميع أشكال العنف الجنسي واللفظي في المنزل وبيئات العمل والشوارع، والتحرش الذي يصنف ضمن مصطلح العنف الجنسي تواجهه العديد من النساء حيث أنه يمس كرامتها وسمعتها ويدمر شخصيتها، وباتت ظاهرة تحرش الشوارع أكثر ما يهدد سلامة المرأة لتأثيرها على حالتها الجسدية والعقلية، فلهذا الظاهرة العديد من الأضرار على الفرد والأسرة والمجتمع، ومن نتائجها الشائعة خلق حالة من الخوف وانعدام الأمن وتقليل المشاركة الاجتماعية للمرأة.

تتعرض المرأة يومياً للتحرش من قبل المنحرفين وممن يعانون من أمراض منقولة جنسياً، حيث يقوم الشخص بإزعاج المرأة من خلال استخدام كلمات بذيئة ذات إيحاءات جنسية أو إثارة الشعور بالنقص لديها من خلال السخرية من مظهرها الخارجي أو غرس شعور بالقلق من خلال وصف جسدها والتلفظ بعبارات مثيرة.

تعتبر الإيحاءات والتعابير الجنسية من الأمثلة الشائعة على التحرش اللفظي الذي تتعرض له المرأة في الشارع أو في أي بيئة عامة، حتى أن القيام بحركات وسلوكيات مضايقة مثل قطع الطريق والمطاردة والاعتداء الجسدي والنظرات الشهوانية تندرج أيضاً في إطار التحرش وتسبب بانتهاك كرامة المرأة وحرمانها من الشعور بالأمن والحرية.

ونتيجة لكل ما سبق فإن المرأة لن تشعر بالراحة والأمان في المجتمع الذي تنتشر في هذه الظاهرة وتغيب عنها القوانين الرادعة، وسيسيطر عليها الخوف وعدم الشعور بالاطمئنان، الأمر الذي سيتسبب لها بالاكتئاب وعدم شعورها بالرضا عن نفسها نظراً لتشتت جزء كبير من تفكيرها بسبب الاضطراب والقلق.

وفي هذا الصدد قالت نازانين البالغة من العمر 23 عاماً وهي من سكان طهران "مهما كان مظهر المرأة فلا بد أن تتعرض لنوعاً من التحرش من قبل الرجال المتجولين، خاصة في الأماكن المزدحمة مثل يهو بازار، ونتيجة لتكرر هذا السيناريو بما يكفي بالنسبة لكِ فإن تتوقعي الخطوة التالية بنفسك، وهذا يعطي الشخص شعوراً سيئاً للغاية تجاه الجنس الآخر كما تشعر بذلك تجاه نفسك، ستشعر المرأة أن كل الرجال شهوانيون أخشى أحياناً أن مثل هذه الحوادث ستؤدي إلى كراهيتي الدائمة لكافة الرجال أو أجد صعوبة كبيرة في الوثوق بهم في المستقبل".

ونوهت إلى أن "المرأة التي تتعرض للتحرش في الشارع وتعاني من صعوبة في التعامل والتواصل مع الآخرين، إلى حد أن هذا التشاؤم قد يؤدي إلى الكراهية الجنسية وتعطيل الحياة المشتركة، وأحياناً تقاوم المرأة المتحرش وتدافع عن نفسها. وقد ينتهي بها الأمر لإصابات جسدية نتيجة تعرضها الضرب".

وأضافت "على الرغم من أن المرأة هي الضحية الوحيدة التي حرمت من الأمن والسلام من الطرف الآخر وتعرضت للتهديد والتحرش، إلا أن رد فعل الناس من حولها هو أكثر إيلاماً لسلوك المتحرش، ومن وجهة نظرهم فإن شرف الأسرة وكرامتها يتشوه نتيجة سلوكيات المرأة ووجودها في المجتمع، حيث يمنعونها أحياناً من الخروج من المنزل أو العمل ومواصلة تعليمها بقصد العقاب والتوبيخ".

وأكدت أن "التحرش يخلف موجة من الخوف والقلق لدى الأسرة إلى درجة أنهم في بعض الأحيان لا يجرؤون حتى على إرسال أطفالهم بمفردهم إلى مثل هذا المجتمع غير الآمن وبالتالي تتأثر حياتهم وأنشطتهم وعلاقاتهم، كما أن المرأة لن تحصل على فرصة للازدهار والتقدم فمن ناحية ستنخفض مشاركتها الاجتماعية والثقافية، ومن ناحية أخرى تنخفض لديها الرغبة في التواصل مع الآخرين وزيادة شعور الخوف والقلق لديها، فقد أدى ارتفاع معدلات التحرش في شوارع إيران إلى تقليل الحضور النشط للمرأة وبالتالي يتسبب بمشاكل جسدية ونفسية على النساء في المستقبل القريب".