'التحلي بالطاقة الإيجابية هو سر نجاحي'

ملاك النصري شابة تونسية فقدت عملها بسبب وعكة صحية، فضلت عدم اليأس وافتتحت مشروعها الصغير متجاوزة كل الصعوبات والعراقيل على أمل أن يكبر مشروعها وينجح حلمها.

إخلاص الحمروني

تونس ـ مرتدية زي "الدنقري" وعلى رأسها قبعة "الشاشية"، تتجوّل التونسية ملاك النصري وسط مدينة دار شعبان الفهري التابعة لنابل قاصدة بيع حلوى "التيراميسو" و"عصيدة الزقوقو"، اشتهرت بزيها التقليدي وإصرارها وعزيمتها في كسر النظرة الدونية تجاه المرأة العاملة.

في فصل الشتاء يقتصر نطاق عمل ملاك النصري في بيع حلوى "التيراميسو" و"عصيدة الزقوقو" وسط مدينة نابل التونسية أم في الصيف تقصد الشواطئ حيث يكثر السياح، مرتدية زيها التقليدي المؤلف من "الدنقري" عبارة عن لباس شعبي بسيط أزرق اللون يتألف من قميص وبنطال واسع يرتديه العمال وعلى رأسها قبعة "الشاشية" الحمراء التقليدية، أصبح هذا الزي خلال السنوات الأخيرة لباساً يرتديه الشباب كأبرز علامات الموضة في تونس.

وتقول ملاك النصري البالغة من العمر 33 عام من نابل وتقطن بمدينة دار شعبان الفهري منذ 8 سنوات "أعمل في بيع التيراميسو منذ سنة تقريباً وهي حلوى إيطالية تحضر من البسكويت المغمس بالقهوة يضاف إليه الكريمة وأساس النكهة والطعمة المميز هي جبن الماسكابون الإيطالي، وكلمة التيراميسو تعني في تعبيرها المجازي "الرفعة والسمو" ويحبذها التونسيون لأنها تشعرهم بالسعادة وتمنحهم طاقة إيجابية، أبيع إلى جانبها عصيدة الزقوقو المحضرة من الحلويات التونسية المضاف لها الصنوبر الحلبي وأزينها بأصناف من الفواكه المجففة"، مضيفةً أنها تعلمت صناعة وإعداد الحلويات لإتقان عملها بشكل أفضل وكونها كانت تعمل سابقاً في فندق هذا الأمر ساعدها كثيراً في جعل تعاملها سلساً مع الزبائن.

وعن تجربتها تقول "درست وتخصصت في صناعة الحلويات وعملت في هذا المجال بفندق بمدينة نابل، وقبل سنة من زواجي أجبرني والدي على ترك هذا العمل إلا أنني بعد إنجابي لطفلي عدّت إليه ولم استمر فيه سوى ثلاثة أشهر، لذلك اضطررت للعمل في مصانع الجهة لكنني أيضاً لم أستمر فيها لفترة طويلة فالفرق كان كبيراً بين العمل في المصانع والعمل في صناعة الحلويات سواء من حيث الجهد أو الوقت، كما أنني اضطررت لترك العمل بسبب إصابتي بوعكة صحية لم أتمكن بعدها من العودة واستئناف العمل".

تحدت ملاك النصري اليأس بعد تخطيها الوعكة الصحية وحاولت مراراً وعلى مدى 3 أشهر ونصف البحث عن عمل جديد، لتقرر في آخر المطاف تنفيذ مشروعها الصغير وهو إعداد التيراميسو وبيعه على المارة في شوارع وعلى شواطئ نابل، وتقول "أريد أن أكون سيدة نفسي وأعمل لحسابي الخاص ولم أكن أبداً مقتنعة بالعمل مع أحد لكنني رغم ذلك حاولت البحث عن عمل جديد، وكانت فكرة إطلاق مشروع صغير خاص بي تراودني في ذات الوقت، وبدأت مشروعي بمبلغ مالي كنت قد خصصته لدفع إيجار البيت الذي أقطنه مع زوجي وابني، واقتنيت بهذا المبلغ أفضل المستلزمات حتى أضمن جودة عالية للحلويات التي سأعدها".

وأضافت "تلقيت تشجيعاً من أفراد عائلتي الذين وقفوا إلى جانبي ومنحوني ثقة كبيرة حتى أواصل عملي وتحقيق طموحاتي شيئاً فشيئاً، عائلتي سندي في مشروعي الصغير هذا وحثوني لعدم الإصغاء للأشخاص الذين يريدون تقزيم دوري أو التحدث عني بسوء، كما ساعدوني على تجاوز الصعوبات التي اعترضت طريقي في البداية، حقق مشروعي الصغير شهرة واسعة في نابل والمدن الأخرى، ولاقى عملي كامرأة في هذا المجال تقبلاً ملحوظاً، وأينما أتوجه حاملة على كتفي منتوجاتي يعاملني الناس باحترام ويقدمون لي يد المساعدة".

وحول زيها التقليدي قالت إنها ترتدي الأزياء الشعبية المتنوعة لتعرّف الزوار بثقافة تونس وحضارتها وتقاليدها، بجانب تسويقها لحلوياتها التي تسهر على إعدادها بإتقان من أجل كسب ثقة زبائنها، مضيفةً "أسعى للتعريف بثقافة بلدي من خلال التنقل بين المدن والتعامل مع مختلف الزوار من الدول، ولهذا أرتدي في كل مرّة زياً تقليدياً يمثل منطقة معينة من تونس حتى ألقي الضوء على ثقافتها وتقاليدها".

وعن سر نجاحها وإعجاب زبائنها بعملها تقول ملاك النصري "الكلمة الطيبة والتحلي بالطاقة الإيجابية رغم الصعاب هي سر نجاحي، فلا أعطي بالاً للانتقادات السلبية كما أنني أتحلى بالإصرار الذي يدفعني للتقدم دون التفكير بالتراجع"، مؤكدة أنه بات لديها عدد كبير من الزبائن من مختلف المدن وتطمح في أن يكون لديها علامة تجارية خاصة بها تصل إلى باقي الدول، وحثت الفتيات على العمل لكسر الحواجز والإطارات التي تقيدهن وتحقيق ذواتهن وطموحاتهن.