التفتيش عند مداخل المدن أسوأ من دوريات الأخلاق

قال النظام الإيراني إنه أنهى عمل شرطة الأخلاق، لكنه في الواقع أقام نقاط تفتيش عند مداخل معظم المدن، لتحذير النساء من عدم ارتداء الحجاب الإلزامي وفحص هواتف المارين وممتلكاتهم الشخصية.

لارا جوهري

مهاباد ـ عندما أنشأت شرطة الأخلاق في إيران عام 2016، والتي تمثلت مهمتها بالتواجد في الأماكن العامة والتحقق من تطبيق الأخلاقيات العامة الإسلامية التي يفرضها النظام، بما فيها ارتداء الحجاب، اقتصر عملها على المدن الإيرانية دون مدن شرق كردستان، فالنظام كان متأكداً من أنها لن تلقى قبولاً في المدن الكردية، وبالرغم من ذلك تم اعتقال وإهانة العديد من النساء الكرديات في مدن أخرى في إيران.

كانت جينا أميني من بين النساء اللواتي تعرضن للعنف في طهران وتوفيت على إثرها، لكن وفاتها أصبحت مقدمة لثورة جديدة في إيران.

بعد انطلاق الانتفاضة الشعبية، بدأ النظام بالتفكير في إصلاحات من الداخل وإلغاء شرطة الأخلاق، لكن مطالب النساء لم تتوقف على إلغاء الدوريات، بل تعدت المطالب إلى تغيير القوانين.

يعد إلغاء شرطة الأخلاق خطوة متأخرة من قبل النظام وليس بديلاً مناسباً للمتظاهرين، فهم لا يريدون فقط إلغاء قانون الحجاب الإلزامي من قبل النظام، بل يريدون أيضاً تفكيك النظام بأكمله، مثل هذا الارتباك على مستوى النظام هو علامة مهمة على مدى حركة الشعب الإيراني الاحتجاجية وعجز النظام عن قمع المتظاهرين. وضع أربك النظام في تبنيه لأساليب إنهاء الاحتجاجات، وبغض النظر عن خلق المزيد من الضغط النفسي على المرأة في المجتمع، فإن وجود شرطة الأخلاق علامة على حرمان المرأة من حريتها.

واعتبرت الناشطات إن إعلان النائب العام للبلاد محمد جعفر منتظري إغلاق شرطة الأخلاق أنه عمل تكتيكي. لافتات إلى أن الحواجز التي أقيمت على مداخل معظم المدن، وخاصة عند مداخل مدن شرق كردستان لها دور تدميري أكثر من شرطة الأخلاق وهي لا تكتفي بإهانة النساء بسبب حجابهن، بل أيضاً يفحصون السيارات والممتلكات الشخصية.

أجرت وكالتنا لقاءات مع العديد من النساء اللواتي تم القبض عليهن في إيران من قبل نقاط التفتيش وشرطة الأخلاق، لتروين لوكالتنا تجاربهن.

 

"التقطوا صوراً لنا كالمجرمين"

تقول سارة محمد (اسم مستعار)، أنه ألقي القبض عليها من قبل امرأتين أثناء رحلتها إلى مدينة مشهد، وتم إجبارها على ركوب السيارة الخاصة بدوريات الأخلاق، بالرغم من أنها كانت ترتدي الحجاب بشكل جيد ولم يظهر سوى القليل من خصلات شعرها، مشيرةً إلى أنه أثناء الاعتقال شتموها كثيراً وأهانوها، وخلع أحد الضباط معطفها ومزقه بالمقص.

وعن اعتقالها من قبل شرطة الأخلاق تقول "أجبرت على كتابة تعهد والتقطوا لنا صوراً كما يفعلون مع مرتكبي الجرائم، إحدى صديقاتي اللواتي تم اعتقالهن معي رفضن التعهد والتقاط الصور، لذا قاموا بضربها حتى حدث معها نزيف في الفم وكسر أنفها".

من جانبها قالت نوشين زادة (اسم مستعار) التي تم اعتقالها على نقطة تفتيش "أوقفونا عند حاجز سردشت السريع وحذرني الضابط من الحجاب بنبرة قاسية وقال لي أن أصلح حجابي. بينما كانت يداي ترتجفان، قاموا بفحص جميع الملابس التي قمت بشرائها وبعد فحص السيارة بالكامل وتذكيرنا بارتداء الحجاب سمحوا لنا بالذهاب".

 

"للمرأة مطالب سياسية واجتماعية وثقافية"

تطالب النساء في إيران بإلغاء قانون الحجاب الإلزامي، وتحديد قانون الحد الأدنى لمشاركة الجنسين في الأحزاب السياسية، وتعتبر الناشطات أن إلغاء شرطة الأخلاق لن يدفعهن للتنازل عن مطالبهن.

مشكلة المرأة الإيرانية ليست فقط الحجاب الإجباري، فهناك العديد من القوانين التي لا تتماشى مع حقوق المرأة والتي تشكل إشكالاً كبيراً، فوفقاً للقوانين الإيرانية، فإن ملكية المرأة في يد الأب قبل الزواج وفي يد الزوج بعد الزواج، وتحرم المرأة من حق الطلاق، وحق حضانة الأطفال، والحق في مغادرة البلاد، والدراسة والعمل إذا لم يوافق الزوج.

بحسب النظام الإيراني، يعتبر وجود المهر والنفقة للمرأة شكلاً من أشكال العدالة، لكن في الوقت الحاضر يرفض الكثير من الرجال دفع النفقة والمهر، فيما تدفع معظم النساء مقابل حضانة أطفالهن، وفي حال وفاة الرجل وإقدام المرأة على الزواج مرة أخرى، تذهب حضانة الأبناء للجد، وفي أغلب الأحيان تضطر المرأة للزواج من أحد أقارب الزوج السابق لتحافظ على حضانة أبنائها.