الطالبات في الريف ما بين مطرقة العمل وسندان الزواج

تتفاوت بيئة التعليم لدى الفتيات من قرية لأخرى ومن مجتمع لآخر، فبعض العائلات يولون الأهمية لتعليم بناتهن والبعض الآخر يمنعهن من التعليم للعمل أو تزويجهن في سن مبكرة.

سيلفا الإبراهيم

منبج ـ أكدت نساء مقاطعة منبج بإقليم شمال وشرق سوريا، على أنه هناك بعض المفاهيم المغلوطة كالعادات والتقاليد البالية لدى المجتمع، يؤثر بشكل سلبي على مستقبل الطلبة خاصة الفتيات، بالإضافة إلى بعض المجتمعات التي لا تزال ترى أنه من المعيب أن تكمل الفتاة دراستها.

تقضي الطالبات القاطنات في الريف أوقاتهن في فصل الصيف بين الزراعة ورعاية الحيوانات لمساعدة أسرهن في توفير الدخل، وبينهن من تقضين أوقاتهن في المعاهد لتطوير أنفسهن، لكن المشكلة التي تواجهها بعض الطالبات في الريف هو توقيفهن عن التعليم من قبل عائلاتهن لتعملن صيفاً وشتاءً لإعالة أسرهن متجاهلين مخاطر الجهل الذي يتسلل إلى المجتمع بذلك، أما المشكلة الأكبر التي تواجهها الطالبات ما دون الـ 18 عاماً هو تزويجهن في سن مبكرة ضاربين أحلامهن وطموحاتهن عرض الحائط.

وحول الواقع التعليمي بالنسبة للطالبات في الريف قالت نائبة الرئاسة المشتركة في هيئة التربية والتعليم لمقاطعة منبج في إقليم شمال وشرق سوريا عبير البرهو "مع بداية كل فصل دراسي نلاحظ تضائل عدد الطالبات عن الفصل الذي قبله، ويعود ذلك لعملهن في الزراعة الموسمية كقطف الزيتون وغيرها من المواسم الأخرى، كما يتم تغييب بعض الطلاب أثناء الدوام الرسمي بسبب تفضيل الأهالي العمل على الدراسة أو لجوئهم في الكثير من الأحيان إلى تزويج بناتهم في سن صغيرة"، مشيرةً إلى أن التعليم يضم ثلاثة مراحل وهي الابتدائية والإعدادية والثانوية، ويكون العدد في تناقص مع الارتقاء لكل مرحلة بعد امتناع الكثير من العائلات عن إرسال بناتهن إلى المدرسة.

وعن الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة أوضحت "يعتبر بعض الأهالي أنه لا قيمة للتعليم دون النظر إلى انعكاسه على مستقبل أطفالهم، وهنا تظهر بعض المفاهيم المغلوطة الموروثة لدى المجتمع والذي يؤثر على  مستقبل الطلبة خاصة الفتيات، فالكثير من المجتمعات لا تزال ترى أنه من المعيب أن تكمل الفتاة دراستها"، مؤكدةً أن للعلم أهمية كبيرة في تطوير المجتمع ورقيه لأنه بحاجة للمعلمين والأطباء والمحاميين فهم من يمثلون مستقبل المجتمعات.

وأكدت أنه على المجتمع إعطاء الأهمية لكلا الجنسين وإنشائهم على أساس صحيح للنهوض بواقعهم، لأن المرأة لا تنقص أهمية عن الرجل بل على العكس فهي تنشأ الأجيال داخل المنزل، وتعطيهم العلم في المدارس لذا يجب إيلاء الأهمية لدورها وفعاليتها في الرقي بالمجتمع"، معتبرةً أنه ليس من الخطء أن يساعد الأبناء عائلتهم في إعالة أسرهم في فترة الصيف لكن بنفس الوقت عليهم ألا يبتعدوا عن التعليم.

 

 

بدورها قالت الإدارة المشتركة لمدرسة الكسرة في ريف منبج سوسن العبود "هناك الكثير من العائلات في بلدة أبو قلقل وأريافها يولون الاهتمام لتعليم الفتيات، وتوجد نسبة قليلة من العوائل التي تمنع الفتيات من مواصلة تعليهن".

ولتغيير مفهوم هذه النسبة من العوائل، أكدت على ضرورة عقد اجتماعات توعوية مع الطالبات وحثهم على أهمية التعليم وكسب الثقة وتقوية الشخصية ليحققوا ما يرجونه.

ومن بين القضايا الاجتماعية التي تشرف عليها دار المرأة 60% منها حالات زواج القاصرات، وهذه المراجعات تكون للحالات التي تواجه المشاكل، ناهيك عن الحالات التي لا تراجعهم.

 

 

أما المسنة حجة الخلف ذات الـ 61 عاماً تحدثت عن واقع تعليهم "في طفولتنا كان من المعيب أن تدرس الفتيات مع الفتيان، بسبب العادات والتقاليد البالية التي كانت راسخة لدينا، لكن اليوم نعوض ما فاتنا بأبنائنا وأحفادنا، فزمن منع الفتاة من التعلم قد ولى"، مشيرةً إلى أنه في قريتها هناك الكثير من الفتيات تساعدن عوائلهن في الزراعة وتربية الحيوانات لكن مع بدء الفصل الدراسي يولون كل اهتمامهم لدراستهم "بتنا الآن نعلم بأن سلاح الفتاة هو تعليمها وثقافتها".

وعن تزويج الفتيات في سن مبكرة بينت أن هناك بعض العوائل يزوجن بناتهن في سنٍ صغيرة، وهذا الأمر غير صحيح فحرمان الفتاة من التعليم ومن طموحاتها ووضعها تحت مسؤوليات كبيرة كالزواج وغيرها ينتج عنها الكثير من المشاكل الاجتماعية كالطلاق وتعدد الزوجات، وحالات العنف، مشيدة بدور الأمهات والذي يعتبر الأكبر في توجيه بناتهن إلى الطريق الصحيح لذا عليها أن تكون مدركة لأهمية التعليم ومخاطر الجهل إلى جانب الزواج القاصر.

 

 

بدورها قالت الطالبة فاطمة بكو من قرية المدنة في ريف منبج عن كيفية قضاء وقتها في فصل الصيف "أساعد والدتي في جني الخضروات من البستان، إلى جانب مساعدتها في الأعمال المنزلية، أما في فصل الشتاء ومع بدء الفصل الدراسي أتفرغ لدراستي وتشجعني أمي على الاهتمام بتعليمي، حتى أصبحت من الطلبة المتفوقين".

 

 

أما الطالبة ريم بكو أوضحت أنها كشقيقتها تساعد عائلتها في رعي الأغنام والاهتمام بالبستان "خلال فصل الصيف أساعد عائلتي في رعي الأغنام وحلبها، وحتى أنني أساعدهم في صناعة المؤنة الشتوية، لكن عند بدء افتتاح المدارس أتفرغ للتعليم".

 

 

من جانبها قالت الطالبة حنين حج جاسم في الصف السادس الابتدائي "في فصل الشتاء أهتم بالفصل الدراسي أما في الصيف أذهب للدورات لرفع مستواي التعليمي، بالإضافة إلى تنظيم وقتي بين قراءة القصص والتمارين الرياضية واللعب مع الأصدقاء".