"العصي في العجلات"... تحديات ذكورية تواجه ناشطات في إدلب

رغم كل العوائق التي تواجه الناشطات في إدلب، إلا أن العديد من النساء ما زلن تواصلن نضالهن، بعد أن شكلت التحديات حافزاً لبعضهن للوقوف بقوة أكبر في وجه التيارات المعاكسة.

هديل العمر

إدلب ـ في ظل الأوضاع الصعبة التي تعيشها مدينة إدلب في الشمال السوري، برزت النساء كقوة فاعلة في المجتمع، إلا أن الطريق لم يكن ممهداً أمامهن، فبين الصراع السياسي والعسكري، تظهر قوى ذكورية تلقي "العصي في العجلات" أمام الناشطات، محاولة عرقلة مسيرتهن في الدفاع عن حقوق الإنسان، والتعليم، والمشاركة المجتمعية.

بين الشجاعة والمعاناة، تروي الناشطة أمينة النور، قصتها مع العوائق التي واجهتها، حيث بدأت نشاطها في الدفاع عن حقوق المرأة وتقديم المساعدة النفسية لضحايا الحرب والنزوح، لكنها سرعان ما وجدت نفسها تواجه مقاومة مجتمعية، تقول إن "الكثير من الرجال هنا يعتقدون أن دور المرأة يجب أن يقتصر على المنزل فقط، لكني أرفض هذا الاعتقاد".

وأضافت أن البيئة المحافظة والتقاليد البالية شكلت عوائق أخرى، فالعديد من النساء اللواتي حاولن المشاركة في الحياة العامة في إدلب واجهن تحديات تتعلق بالتقاليد في المجتمعات التي تحكمها قواعد صارمة فيما يخص أدوار الجنسين، ولطالما اعتبرت مشاركة المرأة في الشأن العام تحدياً مباشراً لهذه القواعد "المجتمع ما زال يعتقد أن المرأة التي تتحدث في السياسة أو الحقوق العامة تتجاوز حدودها".

لا تتوقف العوائق عند الحدود المجتمعية فقط، بل تشمل تهديدات حقيقية على حياة الناشطات، حيث تعرضت عدة ناشطات في إدلب للتهديد بالاغتيال أو الخطف من قبل مجموعات مسلحة، معتبرة نشاطهن "خروجاً عن النظام" الذي يجب أن يحكم المدينة.

وتحدثت رنا جنيد وهي ناشطة تعمل في مجال التوعية، عن تجربتها، وتقول "تلقيت عدة تهديدات بسبب نشاطي في الدفاع عن حقوق النساء، ولكن هذا لن يجعلني أتراجع، أعتقد أن ما نفعله هو الخطوة الأولى نحو التغيير".

وأوضحت أنه "عندما تم منعنا من تنظيم اجتماعات علنية، لجأنا إلى الإنترنت لتنظيم ورش العمل الافتراضية وتوعية النساء، نحن الآن نستخدم التكنولوجيا كوسيلة لتمرير رسالتنا والوصول إلى جمهور أوسع".

وأشارت إلى التحديات العسكرية في إدلب، حيث تنتشر الجماعات المسلحة وتتداخل الأجندات السياسية، ويصبح من الصعب على الناشطات العمل بحرية، حيث تُعتبر النساء الناشطات "هدفاً سهلاً" لمن يعارضن أفكارهم، سواء كانوا متشددين دينياً أو سياسيين، هذا ما دفع الكثيرات للبحث عن طرق بديلة للوصول إلى الجمهور، مثل العمل عبر الإنترنت أو تنظيم ورش عمل سرية.

وتعمل الناشطة السياسية سميرة الدحلان، على توعية النساء في مجال الحقوق السياسية والقانونية، بدأت مشوارها في هذا المجال منذ خمس سنوات، وعن تجربتها تقول "منذ أن بدأت عملي، واجهت الكثير من الضغوط من قبل بعض القيادات المحلية، إذ يعتقدون أن المرأة يجب أن تلتزم بقواعد معينة ولا يجب أن تخوض في السياسة".

وتتحدث سميرة الدحلان عن محاولات لفرض الصمت عليها، حيث تلقت عدة تهديدات بالاختطاف إذا لم تتوقف عن نشاطها، وتضيف "لقد اخترت هذا الطريق رغم كل الصعوبات، لأنني أؤمن أن لنا الحق في المشاركة، وصوتنا لا يجب أن يسكت".

وتابعت "العديد من الرجال هنا يرون أن النساء لا تصلحن للقيادة، ولكننا نثبت العكس كل يوم، هناك صراع يومي مع القيادات المحلية التي ترفض وجود النساء في مراكز القرار، والكثير من العقبات وضعت في طريقنا، من تقليص الموارد إلى تعطيل البرامج التي تدعم النساء، ولكننا نحاول دائماً إيجاد حلول بديلة".

في ظل العقبات والتحديات تبقى قصص النساء في إدلب شاهدة على القوة والصمود التي تتمتعن بها في وجه الأنظمة الذكورية، ويبقى السؤال مفتوحاً حول كيفية التغلب على هذه التحديات وتغيير الأفكار النمطية السائدة، ليتمكن المجتمع من تحقيق تطور حقيقي يساهم فيه الجميع، وتحصل فيه النساء على حقوقهن كاملة.