السريانيات مثال حي على المقاومة النسوية

برغم سياسة الاقصاء وعدم الاعتراف تواصل المرأة السريانية العمل من أجل التعريف بنضالاتها ومكتسباتها للعالم.

زهور مشرقي

تونس ـ أكدت ممثلة الوفد السرياني جورجيت برصوم إن التضامن الأممي النسوي سيكون حافزاً للسريانيات لمواصلة النضال والعمل لتحقيق أهدافهن في العيش على أرض حرة ومنطقة تؤمن بالديمقراطية وحقوق النساء، وأن القرن الحالي سيصبح قرن كفاح النساء بنضالاتهن من أجل التحرر وتحقيق المساواة التامة بين الجنسين.

قالت عضو منسقية المرأة في شمال وشرق سوريا والممثلة عن الوفد السرياني، جورجيت برصوم، خلال مشاركتها في المؤتمر العالمي الثالث للنساء القاعديات الذي أقيم في تونس، إنّ النساء عبر التاريخ لعبن أدواراً مهمة في تحقيق الظاهرة الاجتماعية لدى الإنسان وتحويله إلى كائن اجتماعي وكُنّ سباقات في تطوير الحياة الاجتماعية بعطاء، لكن النظام الرجعي المتسلط والقوانين المجحفة بحقهن أبعدتهن عن مكانتهن القيادية، علاوة على تعاقب الحكومات الدكتاتورية التي سحقت مكانتهن وجعلتهن تحت وطأة مجتمع طبقي تنقطع فيه المرأة عن المجتمع جسدياً وروحياً وفكرياً.    

وأكدت أن المرأة السريانية برغم آلة الاقصاء والتهميش وعدم الاعتراف كان لها دوراً مميزاً في تطور البشرية حيث أن هناك سريانيات عظيمات من تاريخ وادي الرافدين كالأميرة انخيدوانا أو الكاهنة العليا زينة السماء كما تلقب، وهي أول شاعرة في التاريخ كتبت نصوصها بالسومرية وترجمت أشعارها للإنجليزية والألمانية وسميت بشكسبير الأدب السومري، إضافة إلى الملكة شاميرام وهي ملكة سريانية أثبتت قدراتها على القيادة وإدارة الإمبراطورية الآشورية وحكمت بصفة مباشرة وغير مباشرة قرابة النصف قرن.

وأوضحت أن كل هذا التاريخ الحافل للسريانيات لا يعرفه إلا قلّة نتيجة الاقصاء وعدم الاعتراف بهن كمكون يتمسك بهويته ولغته وتقاليده وعاداته ويسعى جاهداً للتعريف بها في العالم برغم كل العراقيل التي تحول دون تحقيق ذلك الهدف.

وأشارت إلى الدور المهم للسريانية في المجتمعات الإنسانية عبر الزمن بشخصيتها المهمة وقدرتها على تخطي الصعاب والمجازر التي عاشتها النساء وأكبرها مجزرة سيفو عام 1915، التي نفذتها السلطنة العثمانية بحق الشعب السرياني الآشوري الكلداني، وتعرضت حينها النساء لكل أشكال التعذيب والتعنيف والاغتصاب وبقر بطون الحوامل لمعرفة جنس الجنين، واغتصابهن فضلاً عن الحرق الجماعي للنساء مع أطفالهن، واعتقال الآلاف في المعسكرات وتعذيبهن وبيعهن كعبيد أو كزوجات لهم ولأبنائهم، ضمن سياسة انتقامية للقضاء على هذا العرق والهوية.

وبينت أن النساء عانين مع التهجير القسري والترحيل عبر النهر فضلاً عن إجبارهن على السير في مسيرات الموت لمسافات طويلة، ولكنهن لم تستسلمن ولم تقفن أمام الإجرام والعقبات وشاركن في دعم عمليات المقاومة.

وقالت إنه خلال الأزمة السورية دفعت السريانية الثمن غالياً وتعرضت لأبشع الانتهاكات، وهُجرت ونزحت وقدمت أبنائها شهداء، وأيضاً كل المكونات بشمال وشرق سوريا كانت ضحية لتجاوزات خطيرة وانتهاكات بشعة، وأن النساء دائماً الضحايا الأكثر تضرراً وضحايا كافة السياسات الرجعية الحاكمة والأنظمة الاستبدادية التي لا تعترف بحقوق النساء بل تستغلهن لغايات سياسية.

وأشارت إلى التغيير في نظرة السريانيات بعد أن أخرجن أنفسهن من نير التقاليد البالية عبر الانخراط في الحياة الثقافية والعسكرية والسياسية وكسرن حاجز الخوف بكل جرأة وقوة وأصبحن رائدات ومثلن الشعب الآشوري الكلداني  في الإدارة الذاتية والمدنية لشمال وشرق سوريا وأخذن الدور القيادي والريادي كرئيسة مشتركة ونائبة وإدارية في مراكز صنع القرار ومثلن شعبهن المكافح في المحافل الدولية للدفاع عن المكونات المضطهدة في إطار المساعي لبناء مجتمعات ديمقراطية متناسقة مختلفة تتعايش في سلمية وتآخي بعيداً عن منطق السلاح والقوة.

وأكدت جورجيت برصوم أن حرية الشعوب لن تتحقق إلا بحرية وتحرر النساء من تلك العادات الرجعية البالية، لافتةً إلى إن السريانيات شاركن مع مكونات مناطق شمال وشرق سوريا في كتابة العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية الذي سينظم الحياة القانونية في تلك المنطقة.

وأوضحت أن المرأة السريانية تحدت العادات التي تمنعها من حمل السلاح للدفاع عن الأرض والنفس وقد خضعت لتدريبات مكثفة عن كيفية استخدام السلاح لحماية شعبها ومناطقها والجغرافيا التي تعيش فيها، حيث تأسست قوات حماية نساء بيث نهرين وحماية المرأة وسوتورو المرأة، وكانت رمزاً للشجاعة والدفاع المشروع عن الأرض والشعب والهوية وكان لتلك القوات الدور البارز في حماية أمن المنطقة.

ودعت نساء العالم اللواتي شاركن بالمؤتمر العالمي الثالث للنساء القاعديات إلى الإعلان عن تضامنهن مع السريانيات ومختلف المكونات المضطهدة والتي عانت الأمرين جراء انتشار الفوضى والإرهاب في المنطقة وتعرضت لمجازر بشعة، مشددة على أن التضامن الأممي النسوي سيكون حافزاً للسريانيات لمواصلة النضال والعمل على تحقيق أهدافهن في العيش على أرض حرة ومنطقة تؤمن بالديمقراطية وحقوق النساء.

وأشارت إلى أن القرن الحالي سيصبح قرن كفاح النساء بنضالاتهن من أجل التحرر وتحقيق المساواة التامة بين الجنسين.

عن مشاركة الوفد السرياني في المؤتمر قالت "إن هذه الخطوة هي اعتراف دولي نسوي بنضالاتهن وتقديسها عبر أشراكها لكل النساء اللواتي أبهرن بما قدمته السريانيات والكرديات والايزيديات من نضالات من أجل حريتهن".

وأشادت بمجهود الاتحاد النسائي السرياني لكسر الطوق الذي كان محاطاً بالنساء ويتمثل في الأسرة والمجتمع مؤكدة أن العمل لا زال مستمراً من أجل غد أفضل للسريانية.