عالقة بين حزن الفراق وفخر الشهادة

ما لبثت أن فرحت بعودة أحد أبنائها بعد سنين من الفراق، حتى خسرت اثنين معاً، أثناء الدفاع عن عفرين خلال مقاومة العصر. ما تزال الأم ايتان سليمان وإلى اليوم عالقة بين حزن الفراق وفخر الشهادة

فريدة زادة
الشهباء- .
يصادف اليوم الذكرى السنوية الثالثة لاحتلال مدينة عفرين في شمال وشرق سوريا ومع هذا اليوم يتجدد جرح الأمهات اللواتي فقدنَّ أبنائهنَّ.
ايتان سليمان ذات الـ 47عاماً، من قرية دراقلية من ناحية شرا التابعة لمقاطعة عفرين، أم لخمسة أبناء، فقدت منهم اثنين استشهدا خلال التصدي للاحتلال التركي ومرتزقته في المقاومة التي استمرت 58 يوماً في عام 2018. تقول "انضم ابني البكر جكدار قبل 9 سنوات إلى حركة التحرر الكردستاني، وانقطع عن عائلته طوال تلك الفترة، ليعود إليها مجدداً في عام 2018، وفي ذات العام انخرط دمهات وهو أصغر أبنائي للدفاع عن أرضه ضمن مقاومة العصر".
في البداية لم تتح المعارك الشرسة للشقيقين اللقاء "أخذا مكانهما في جبهات القتال الأمامية للدفاع عن عفرين، ولم يكونا يعرفان بعضهما، فتسع سنوات ليست بوقت قصير". وتضيف "بعد مرور عدة أيام على المعارك شاءت الأقدار أن اجتمعا مع رفاقهما على نفس مائدة الطعام، وهناك تعرفا على بعضهما البعض بعد أن تبادلا أطراف الحديث".
هذا ما عرفته والدتهما من أحد رفاقهما الناجين، ولكن العناق الأخوي لم يستمر سوى لحظات، اشتد خلالها الهجوم، وافترقا. 
تقول الأم الثكلى "عاهدنا أبنائنا أننا لن نذرف الدموع على فراقهم، ووعدناهم أن نكون أقوياء وأن نسير على دربهم". لكنها لم تستطع حبس دموعها وهي تتحدث عن ذلك.
لم يكن بين استشهاد الأخوين سوى يوم واحد فجكدار أمانوس استشهد في 29 كانون الثاني/يناير 2018 في قرية قده التابعة لناحية راجو، فيما استشهد دمهات في الـ 27 من الشهر نفسه في قرية خليل بناحية شيه. كان لقاءاً بعد زمن طويل انتهى بفراق مؤلم، "فقدت ولدي نتيجة لأطماع المحتل وتآمر المجتمع الدولي على وطننا". 
تقول الأم ايتان اسماعيل عن دور الأمهات في مقاومة العصر "ساندنا وحدات حماية الشعب والمرأة، وكنا كأمهات بجانب أبنائنا، فشجعناهم ودعمناهم معنوياً، وقمنا بتحضير الطعام للمقاتلين"، وتضيف "كان للمرأة دور كبير وبارز، ولكن ومع اشتداد الهجمات وازدياد وحشية القصف، وحرصاً على حياة الأطفال أجبرنا على الخروج من ديارنا".
اتجهت القوافل المهجرة نحو مركز مقاطعة عفرين "واجهنا العديد من الصعوبات والمحن، لكننا شعب يقتات على المقاومة والصمود". 
الطيران التركي كان يقصف بشكل عشوائي "يقصف منطقة كاملة لمجرد أنه يريد قتل شخص واحد، أو استهداف سيارة حتى ولو كانت مدنية"، مضيفة "عندما كنا نشيع شهدائنا تحلق الطائرات الحربية فوق رؤوسنا، لتزرع الخوف والرعب فينا لكننا لم نخف منها".
أما عن لحظة سماعها بنبأ استشهاد ابنيها فتقول الأم ايتان اسماعيل "عقب خروجنا من القرية نحو مركز المقاطعة، وصل نبأ استشهاد أبنائي، شعرت بالحزن والألم، وبالفخر والعزة في وقت واحد، كنت أعرف أن ما حاربنا من أجله كان غالياً جداً، ولأنه غالي كان لا بد لهما من تقديم روحيهما، أردنا الحصول على حريتنا وكرامتنا فقدمنا أبنائنا".