النساء والأطفال... ضحايا الحرب في اليمن

في ظل تراجع حقوق الإنسان لحقت خسائر فادحة بالنساء والأطفال خلال الحرب الدائرة في اليمن.

رانيا عبد الله

اليمن ـ خلفت الحرب في اليمن منذ أكثر من 8 سنوات جروح غائرة لا تندمل مع مرور السنوات، وحملت مواجع كبيرة كانت أقساها على النساء والأطفال الذين دفعوا فاتورة باهظة للحرب المستمرة في البلاد، ففقدت النساء المعيل، وتعرضن للانتهاك، والنزوح، وتحملن قساوة الظروف الناتجة عن الحرب، كما استبيحت حياة الأطفال وبترت أمانيهم.

أنيسة محمد والدة الطفل يونس الصبري الذي أصيب بشظايا صاروخ في عام 2016، لم تتقاعس للحفاظ على حياة أولادها في ظل الحرب، لكن لا مفر من الحرب على حد قولها، حيث فقد طفلها أطرافه عندما كان يقوم بجلب المياه من أحد الخزانات الموجودة في المنطقة التي نزحت إليها، وعن ذلك تقول "كان ابني يقوم بجلب الماء مع زوج خالته وفجأة سمعنا صوت دوي انفجار قريب من الخزانات، هرعنا للمكان فكانت الفاجعة كبيرة، وجدت ابني بدون أطراف وزوج أختي مرمي، قمنا بإسعافهم، توفى زوج أختي على الفور، وفقد ابني أطرافه، وعينه اليسرى".

رغم الوضع الصعب الذي تعيشه أنيسة محمد إلا أنها لم تستلم للعجز، ولم تبقى مكتوفة الأيدي أمام إعاقة طفلها، لكنها أصرت على أن تخرجه من حالته النفسية بعد إصابته وشجعته على مواصلة التعليم في المدرسة مع أقرانه "كانت إصابة ابني صدمة كبيرة بالنسبة لي، ولكن هذا قدرنا، أحاول أن أعوضه وشجعته على مواصلة تعليمه، وسافرت به إلى السعودية ومصر من أجل العلاج حتى يحصل على أطراف صناعية أو يستعيد نظر عينه، كما شجعته على دراسة الحاسوب ".

 

البحث عن علاج

قضت أنيسة محمد فترة طويلة في البحث عن علاج لابنها، حتى يتمكن من المشي بأطراف صناعية تتناسب مع وضعه، لكن كل محاولاتها والبحث عن علاج مناسب لابنها بائت بالفشل، وأوضحت "جهزوا لابني أطراف صناعية، لكن كان هناك تقصير في العلاج ولم يكملوا له التدريب والتأهيل، حيث كنا بمركز في السعودية يضم أكثر من 300 جريح، ولم يكن يأخذ أي واحد منهم وقته في العلاج، في العام الأخير أجروا له عمليتين لعينه، لكن أتضح أن لديه ضمور في أعصاب العين، ولا جدوى من العلاج".

 

 

قتل وتشويه

وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) فإنه منذ تصاعد النزاع في اليمن منذ العام 2015 قتل وشوه أكثر من 11ألف طفل بمعدل أربعة أطفال في اليوم.

وما لا يقل عن 74 طفلاً من بين 164 شخصاً قتلوا أو أصيبوا بسبب الألغام الأرضية والذخائر غير المتفجرة بين تموز/يوليو وأيلول/سبتمبر2022.

وبحسب اليونيسف فإن 2.2 مليون طفل في اليمن يعانون من سوء التغذية الحاد، بما في ذلك ما يقارب 540 ألف طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.

ويتمنى يونس الصبري الخروج للعب مع أقرانه بحسب أنيسة محمد، لكن ذلك صعب فالأطفال في سنه لا يبقون معه لانشغالهم باللعب والركض والرياضة، لكن طموح يونس جعله يتخطى القليل من الحزن والكبت واستمر في التحصيل العملي فهو يحلم أن يكون لديه منزل وعمل وحياة جديدة لا تشبه حياته هذه.

لا ترغب أنيسة محمد أن يتكرر حادث طفلها لأي طفل، لذا فهي تطالب المنظمات الإنسانية والحقوقية أن ينظروا للوضع الراهن في البلد ويعملوا على حله لأن أكثر الفئات المتأثرة هم النساء والأطفال.

 

ضحايا وانتهاكات

إن وضع حقوق الإنسان في اليمن يشهد انتهاكات منذ عقود نظراً لعدم الالتزام بالمواثيق الدولية التي صادقت عليها البلاد خاصة أثناء فترة الحرب، وبحسب القاضي إشراق المقطري وهي عضو في اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان "زادت وتيرة انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن عموماً أثناء فترة الحرب التي كانت الحقيقة الأقسى والتي أظهرت للأسف مدى غياب الحماية خاصة عن الشرائح المستضعفة وتسبب الأمر في سقوط الكثير من الضحايا خاصة خلال الحرب أو في ظل الانتهاكات الأخرى المتعلقة بالحقوق المدنية وحرية الحركة والتنقل، الكرامة، المساواة، إضافة إلى الحقوق الاقتصادية المختلفة والحقوق الاجتماعية".

وأضافت "الأرقام والإحصائيات الكبيرة المهولة التي جمعناها في اللجنة ومنظمات المجتمع المدني تعطي وصف حقيقي للحرب في اليمن والشرائح التي تعرضت للدمار والاستضعاف والحرمان من الحقوق، الانتهاك الذي كان أكثر وضوح وأكثر رؤية ومشاهدة من خلال التوثيق والتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان هو قتل وإصابة المدنيين".

وبالرغم من أن النساء محميات حماية عامة كونهن من المدنيات إضافة إلى حماية خاصة كونهن نساء لم تشاركن في الحرب ولسن طرف فيها إلا أنه تم التوثيق والتحقيق بوقوع أكثر من 975 مصابة وجريحة إضافة إلى مقتل 583 من النساء اليمنيات في المحافظات التي وقعت فيها الحرب، وتتصدر تعز هذه الأرقام ثم محافظة الحديدة تليها المحافظات الأخرى خاصة مأرب، الجوف، البيضاء، لحج عدن، الضالع، شبوة، وسقطت أكثر من 210 نساء قتيلات وجريحات نتيجة زراعة الألغام في مناطق بيئتهن في أماكن الاحتطاب، وأماكن المياه، وأماكن الموارد التي تصل إليها النساء، حيث تم استهداف وتلغيم هذه المناطق وبالتالي أصبحت النساء معرضات لخطر القتل والإصابة، إضافة إلى عدم القدرة على الوصول إلى هذه الموارد، وبالتالي حرمانهن وأسرهن من الرعاية والحقوق.

كما تم اعتقال أكثر من 91 امرأة وإخفاءهن في محافظات مختلفة، وتتقدم أمانة العاصمة صنعاء هذه الأرقام تليها الحديدة، وحجة، والمحويت، وذمار فهذه المناطق شهدت اعتقالات قسرية فهي خاضعة لسيطرة الحوثيين.