النساء والأطفال ضحايا الأجسام المشبوهة والمتفجرات في غزة
استطاعت المدربة وأخصائية علاج النطق آلاء شلح توعية عشرات نساء في مراكز الإيواء المختلفة من خلال مناقشة تجاربهن ووصفهن للأجسام الغريبة التي شاهدنها في مواقف مختلفة.
رفيف اسليم
غزة ـ قُصفت مدينة غزة منذ بداية الحرب الإسرائيلية بأطنان من المتفجرات على مدار 9 أشهر متواصلة، لحقتها عمليات برية طالت كافة الشوارع خلفت العديد من الأجسام المتفجرة والمشبوهة التي كان ضحيتها الأطفال والنساء.
تقول المدربة وأخصائية علاج النطق ألاء شلح التي قامت بعقد العديد من جلسات التوعية والتثقيف بمراكز الإيواء في شمال قطاع غزة بهدف تنبيههم وحمايتهم، أن هناك العديد من المخاطر التي تلحق بالنساء والأطفال جراء المتفجرات والأجسام المشبوهة أهمها زهق أرواح العديد من الأبرياء وبتر الأطراف، عدا عن مخاطرها على المدى البعيد على كافة أجهزة الجسم جراء دفنها في باطن الأرض تحت أنقاض المئات من الأبنية التي ربما لم ينفجر منها الكثير بعد.
ولفتت إلى أن بعض أجزاء تلك الأجسام المتفجرة تدخل جسم الإنسان وتصل للأجزاء الداخلية منه مما يؤدي لتمزيقها وذلك بحسب تقارير طبية صادرة خلال الفترة الأخيرة، عدا عن الحروق التي سببتها تلك الأجسام والتي تصل حد تفحم الجثة وانعدام ملامح الشخص بالكامل مما يصعب التعرف عليها، إضافة إلى أمراض حساسية الصدر والاختناق والسرطانات والاجهاض التي تعتبر قنابل الفسفور محفز أساسي لها.
وأوضحت أن تلك الأجسام تُصنع على أشكال مختلفة أبرزها تلك التي تتخذ اللون الأخضر وتصنع لتماهي الطبيعة من الأشجار والحشائش، وهناك العنقودية التي تنتشر بشكل واسع في المنطقة التي تقذف داخلها، كما أن هناك قنابل على شكل ألعاب الأطفال قد تكون كرة على سبيل المثال أو دبوس شعر، لافتةً إلى أنه يمكن لتلك الأجسام أن تأخذ وقت حتى تنفجر أو قد تنفجر بمجرد ملامسة الهواء لها.
وكون الطعام من أهم أولويات سكان شمال المدينة المحاصرة بحسب ألاء شلح، خاصةً بعد فرض حصار مطبق يستمر منذ شهرين فإن "إسرائيل" باتت تصنع تلك المتفجرات على شكل معلبات للطعام، ففور انسحاب القوات الإسرائيلية من منطقة ما، يتسابق الأهالي لأخذ ما تبقى مع احتدام المجاعة فيترك الجنود تلك القنابل كفخ لإزهاق المزيد من الأرواح، مستغلين حالة الجوع الحاد لهم.
وأشارت إلى أن هناك تفاوت بالوعي ما بين الأطفال والنساء، فمنهن من خضن التجربة بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من بيوتهن ووجدنها مفخخة خاصةً أدوات المطبخ والملابس التي تتصل بخيط رفيع بمجرد سحبه ينفجر المكان، فعملن على نقل التوعية لأطفالهن، بالمقابل هناك الكثير من النسوة تقعن ضحيتها فتقتلن أو تصبن بجروح أو تصبحن من ذوي الإعاقة.
وأكدت أنها استطاعت نقل التوعية للعشرات من النساء خلال 12 جلسة في مراكز إيواء مختلفة بالشراكة مع مركز "معاً" التنموي، من خلال مشاهدة العديد من الصور لتلك الأجسام المشبوهة ومناقشة تجارب النساء ووصفهم للأجسام الغريبة التي يشاهدونها في مواقف مختلفة، كتلك الناجية التي خرجت من تحت ركام منزلها بعد قصفه وهي بالداخل وسط توصية من أبيها ألا تصطدم بالصواريخ التي لم تنفجر بعد كي تنجو بحياتها.
وشددت على أنه يجب الابتعاد عن البحث تحت ركام الأبنية التي قد يلجأ لها بعض الفضوليين الذين لا يأبهون بمخاطر تلك الأجسام من أجل استخراج الحديد وبيعه وهو "الجسم الخارجي الذي تصنع منه تلك القنابل"، كي يحصلوا على دولار أو اثنين على الأكثر، لافتةً إلى أن تلك الأجسام تكون متصلة بصواعق وأسلاك قد لا تحتاج سوى جزء من الثانية حتى تنفجر محدثة دمار هائل، وبعضها لا يمكن إطفائها بالطرق الاعتيادية كالماء أو دفنها بالرمل لذلك في هذه الحالة تحديداً يجب تبليغ الجهات المسؤولة.
وتقدم ألاء شلح إلى جانب تلك التوعية التدريب على الإسعاف النفسي الأولي، للتعامل مع الظروف الصعبة التي تواجهها الأمهات بقطاع غزة وهو عبارة عن بداية الابتعاد عن مكان ومصدر الخطر التأكد من عدم إيجاد إصابات بالجسد، ومن ثم الانتقال لمكان أمن، وعدم ترك الطفل/ة العائلة كي لا يسمح لأحد باستغلال الحادث لصالحه خاصةً إذا ما كانت الضحية امرأة أو طفل، ومن ثم الحديث المطول حول القدرة على اجتياز المرحلة.
من جانبها قالت غادة شلدان إحدى الحاضرات، أن جلسات التوعية مهمة للغاية خاصة للفتيات والنساء اللواتي تتنقلن بكثرة في ظل حالات النزوح المستمرة بعد أن فقدن منازلهن، لافتةً إلى أنها بعد حصارها في منزلها فرت دون أن تستطيع أخذ مستلزماتها معها مما دفعها للبحث عن أدوات تساعدها على المعيشة سواء خلال اشعال النار وخبز الطحين مما هو متوافر في المكان وهي لا تعلم أن بعض منها هي أجسام مشبوهة.
وتسكن غادة شلدان الحدود الشرقية لقطاع غزة وكانت قد زرعت الأرض الملحقة للبيت بمختلف النباتات منها الخضروات والزيتون والنعناع والريحان الأمر الذي يدفعها لتفقد ما تبقى من الحديقة الصغيرة وتلتقطه لتتغذى عليه في ظل المجاعة التي يعاني منها الشمال، مشيرةً إلى أنها تجد العديد من الأجسام المشبوهة التي أصبحت تعرفها وتوعي من حولها بكيفية التعامل بعد الجلسات التي تلقتها.