النساء هن الأكثر تأثراً بالفساد المبني على النوع الاجتماعي

أن عدم وصول النساء للمراكز القيادية في المجتمع هو ما عزز الفساد المبني على النوع الاجتماعي، وهو أحد أشكال العنف المستحدثة والتي يجب التصدي لها.

رفيف اسليم

غزة ـ تواجه النساء في البلاد العربية بشكل عام وفي فلسطين بشكل خاص الفساد المبني على النوع الاجتماعي، والذي قد يعرض المرأة للأذى الجسدي أو النفسي وحرمانها من المطالبة بحقوقها التي تجهلها غالبية الأحيان، أو تخشى المطالبة بها بسبب وصمة المجتمع خاصة في حالات التحرش والابتزاز الجنسي.

تعرف الباحثة هند أبو نجيلة الفساد المبني على النوع الاجتماعي أنه إساءة استخدام السلطة من قبل المسؤول للحصول على منفعة خاصة قد تحمل الطابع الجنسي، لافتةً إلى أنه يتشابه مع الأشكال الأخرى من العنف المبني على النوع الاجتماعي، مع وجود فارق أساسي وهو الشخص الذي يمارس ذلك الفعل.

وأوضحت أنه بالرغم من الجهود الدولية والمحلة المتعددة لمواجهة العنف المبني على النوع الاجتماعي على مدار سنوات طويلة إلا أنه ما زال يتسع وتتعدد أشكاله، لتبقى الفئات المهمشة في المجتمعات هي ضحيته الأولى كالمرأة والطفل وكبار السن والفقراء، لافتةً إلى أن الفساد هو أحد أشكال العنف المستحدثة والتي يجب التصدي لها.

وأشارت إلى أن عدم وصول النساء للمراكز القيادية في المجتمع هو ما عزز الفساد المبني على النوع الاجتماعي، فاحتكار الرجال المناصب العليا بناءٍ على رغبة المجتمع الذي دوماً ما يوليه السلطة بغض النظر عن السلوك الذي قد ينتهجه ضد النساء هو ما فاقم الوضع.

وأن ما زاد الأمر خطورة هو امتناع المرأة عن الشكوى فأصبحت هي الضحية الأولى للفساد المبني على النوع الاجتماعي، خوفاً من نظرة المجتمع لها خاصة عندما يكون ذلك الفساد هو تحرش أو طلب رشوة جنسية أو تعدي عليها، لتغدو فريسة سهلة للجاني وتحرم من حقوقها الاجتماعية والاقتصادية كي تتلافى التعامل معه ظناً منها أن ذلك هو الحل.

وأكدت على أن جميع النساء تتعرض للفساد بداية من المرأة الفقيرة المهمشة وحتى تلك الموظفة التي تعمل بالمؤسسات الحكومية أو الخاصة، وأنهن بحاجة لجلسات عدة من التوعية والتثقيف والتدريب حول مخاطر ذلك الفساد، وكيفية توجيه الشكاوى إلى الجهات ذات الاختصاص التي تعني بكشف الفساد لمحاسبة مرتكبيه ومساندة ضحاياه.

 

 

ومن جانبها لاحظت الناشطة المجتمعية ثريا أبو زهري من خلال عملها ضمن حملات مختلفة لمواجهة العنف، أن الفساد المبني على النوع الاجتماعي بدأ ينتشر بشكل أكبر وسط صمت مطبق من النساء اللواتي تدفعن وحدهن فاتورته، في ظل مجتمع يجرم المرأة المتقدمة بشكوى ضد الرجل الذي يمارس الفساد والعنف بأشكاله المتعددة.

وقالت إن النساء العاملات هن الأكثر تضرراً من الفساد عن غيرهن، كونهن تلجأن للصمت كي لا تخسرن وظائفهن في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تجعلهن غير آمنات على وجود مصدر رزق آخر، متحملات التحرش اللفظي والجسدي وأشكال مختلفة من العنف، سواء من الزملاء أو المدير في العمل.

ولفتت إلى أنه قد تواجه النساء غير العاملات الفساد أثناء أدائهن المعاملات الرسمية الاعتيادية اليومية خلال دفعهن الفواتير أو استصدار بعض الأوراق أو إتمام المعاملات دون أدراكهن لذلك، أو ربما تواجه المرأة أشكال مختلفة كالواسطة والمحسوبية، فتحرم من أحد حقوقها وهي عاجزة عن تقديم لشكوى، وهذا ما يعتبر من أحد أخطر أوجه الفساد المبني على النوع الاجتماعي.

وأكدت على أنه يجب العمل بشكل مكثف على حملات التوعية سواء الميدانية التي تختص بالنساء غير العاملات أو الموظفات في أماكن عملهن لاطلاعهن على القوانين التي تضمن حقوقهن في بيئة أمنة خالية من الفساد المبني على الاجتماعي، خاصة اللواتي لا تدركن أن كلمة من زميل لهن خارجة عن حدود الأدب تعتبر تحرش ويجب شكايته.

وقالت الناشطة المجتمعية ثريا أبو زهري أنه من الضروري أن ترافق تلك الجهود حملات الكترونية قادرة للوصول إلى النساء في كافة أماكن تواجدهن سواء في المنزل أو العمل لنشر التوعية وتعليمهن ألية تقديم الشكاوى، والضغط على صناع القرار لمحاسبة كل من يقدم ضده شكوى بهذا الخصوص وتكثيف إجراءات الرقابة في المؤسسات الحكومية.