المطلقات في إدلب... بلا نفقات أو حقوق

تواجه النساء المطلقات في إدلب واقعاً أليماً بين نظرات المجتمع الدونية وحرمانهن من حقوقهن وأطفالهن وسط انعدام القوانين التي تساعدهن في الحصول على أدنى مستحقاتهن كنساء يمتلكن حق العيش بكرامة واستقرار وأمان

سهير الإدلبي
إدلب ـ .
ازدادت حالات الطلاق في الشمال السوري بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة وخاصةً وسط الفقر والغلاء والضغوط النفسية التي تواجه الزوجين وعدم قدرة الزوج على الإنفاق، ما يدفعه في كثير من الأحيان لخيار الطلاق كحل وحيد لمشاكله المستديمة، غير أن عدم وجود قانون صارم يعطي المطلقة حقها ساهم في زيادة الظاهرة والاستهتار بها من قبل الأزواج ما وضع المطلقات في الطريق الأصعب.
قالت صفية الأنوس (٢٨ ) عاماً، وهي نازحة من قرية كفر عويد ومقيمة في مخيمات باريشا إنها فضلت التنازل عن حضانة أطفالها الثلاثة لوالدهم بعد طلاقها منه لعدم قدرتها على تحصيل نفقاتهم ونفقاتها على السواء، "امتنع والد أطفالي عن تغطية أي مصاريف شهرية للأطفال وأنا لا أملك المال الذي يساعدني في الإنفاق عليهم، لذا تنازلت عن حضانة أطفالي رغماً عني".
تشعر صفية الأنوس بالظلم المجحف بحقها فهي باتت بلا زوج ولا أطفال ولا عمل ولا معيل، تصارع الحياة بمفردها، عدا عن نظرات المجتمع لها التي لا ترحمها وتلومها في كل ما جرى لها من مشاكل زوجية أفضت لطلاقها.
فيما أمضت ريما القصير (٣٠) عاماً سنتين كاملتين لتتمكن من تحصيل حقها في المؤجل بعد أن طلقها زوجها ورفض دفعه لها وتزوج بأخرى.
تقول ريما القصير "تزوجت قبل ثلاث أعوام عن طريق أحد الشيوخ بعقد غير معترف به، ولم أتمكن من تثبيت زواجي رسمياً، وها أنا اليوم أعاني تبعات تحصيل حقوقي الشرعية دون جدوى".
وأضافت أن المرأة غالباً ما تكون الخاسر الوحيد في حال وقوع الطلاق، فهي قلما تتمكن من الحصول على أياً من حقوقها التي يسلبها إياها طليقها، فتغدو بلا عائلة أو تعويض أو مستقبل نتيجة نبذ المجتمع المحيط لها.
وتعاني المطلقات في إدلب من تبعات عدم تمكنهن من تسجيل زواجهن ما ينعكس على تفاصيل حياتهن حين يكون الطلاق خيارهن الوحيد، وغالباً ما تتحمل المطلقات نفقاتهن ونفقات أبنائهن في حال تهرب الزوج من القيام بمسؤولياته في ظل عدم وجود سلطة تلزمه بذلك.
لم تشأ رائدة المحلول (٣٢) عاماً أن تتخلى عن أبنائها رغم عدم التعرف على نفقاتهم من جهة والدهم، وهي تجهد بالعمل في مجال الخياطة للإنفاق على نفسها وعليهم، كما أنها لم تلجأ للمحاكم لقناعتها المطلقة بعدم جدوى ذلك.
ومن جهة أخرى لا ترغب بتعميق حدة المواجهة مع طليقها الذي سيعمد لتخليصها أبنائها انتقاماً منها إن فعلت ذلك، "نعم تنازلت عن حقوقي في سبيل الحفاظ على أبنائي فأنا لا أرغب بأن يعيشوا بعيدين عني تحت رحمة زوجة والدهم التي لم تكن لتهتم بهم".
من جهتها قالت المحامية هدى الكريم (٣٢) عاماً أن للمرأة المطلقة الحق في الحصول على نفقة أطفالها وكامل حقوقها المشروعة، غير أن إدلب لا تخضع لقانون وإنما لمزاجية القضاة الشرعيين الذين غالباً ما ينحازون لصف الرجل ويلزمون المرأة بالتنازل عن حقوقها مقابل إما طلاقها أو حضانة أطفالها، وهو ما عاينته بشكل شخصي في حالات متعددة، الأمر الذي يضع المطلقة أمام خيارين أحلاهما أمر من الآخر وفق تعبيرها.
ومع عدم خضوع محاكم إدلب لقوانين فعلية لا تزال المطلقات تواجهن ظروفاً صعبة بعد حرمانهن من أدنى حقوقهن في حضانة الأطفال والنفقة والمهر، وهو ما يمعن في ظلمهن والاستهانة بخيار الطلاق لدى معظم الأزواج.