المساعدات الاجتماعيات في المغرب... محاربات بدون حماية قانونية

تخوض المساعدات الاجتماعيات اللواتي تعملن بمراكز الاستماع التابعة لجمعيات مناهضة العنف ضد النساء معارك يومية لمواكبة النساء ضحايا العنف.

رجاء خيرات

مراكش ـ يتوزع عمل المساعدات الاجتماعيات بجمعيات مناهضة العنف ضد النساء، بين الاستماع ومرافقة النساء ضحايا العنف إلى المؤسسات الإدارية "محاكم، مستشفيات، دوائر الأمن" إلا أنهن لا تحصلن على أية حماية قانونية تتيح لهن ولوج هذه المرافق أو بيوت المعنفات لإجراء بحوثهن الاجتماعية بأمان.

تعمل المساعدات الاجتماعيات بمراكز الاستماع التابعة لجمعيات مناهضة العنف ضد النساء لمواكبة النساء ضحايا العنف، سواء من خلال الاستماع لمشاكلهن أو عبر ولوج المحاكم والمستشفيات ومراكز الأمن، إلا أن هذه المهام التي تقمن بها في مرافقة المعنفات تبقى محفوفة بالمخاطر، مما يتوجب توفير الحماية القانونية لهن، لأنه في حال وقوع حوادث أثناء القيام بهذه المهام، فإن المساعدة الاجتماعية تجد نفسها موضع مساءلة قانونية حول تواجدها في المكان والزمان الخطأ.

 

عمل محفوف بالمخاطر

تقول المساعدة الاجتماعية بمركز الاستماع التابع لجمعية "تحدي المساواة والمواطنة" بالدار البيضاء رجاء حمين لوكالتنا إن عملها يقتضي أن ترافق النساء المعنفات بمراكز الشرطة لوضع الشكوى ثم التوجه للمستشفى لدى خلية التكفل بالنساء ضحايا العنف من أجل الحصول على شهادة طبية تثبت الضرر، ثم النيابة العامة لوضع الشكوى وتحريك الدعوى ضد المعنِف.

وأضافت أن أغلب النساء المشتكيات تجهلن المساطر القانونية التي ينبغي اتباعها لوضع شكواهن والحصول على حقوقهن، وهو ما يحتاج منها لمرافقة المتضررات عبر هذه السلسلة الماراثونية من الإجراءات التي تجهلها أغلب المتضررات، كما أن بعضهن يصعب عليهن الولوج إلى العدالة بشكل عام إما بسبب الخوف أو الجهل.

وأوضحت أن المساعدات الاجتماعيات اللواتي تعملن بمراكز الاستماع لا تعتمدن في رحلاتهن المواكبة للنساء ضحايا العنف، إلا على "البادج" ووثيقة موقعة من إدارة الجمعية التي تعملن بها، وهي تبقى مستندات غير كافية لحمايتهن مما يمكن أن تتعرضن له من مخاطر قد تحل بالمكان الذي تتواجدن به أثناء مرافقتهن للمعنفات.

وعن مسؤولية البلاد في توفير الحماية اللازمة لهن، أوضحت أن البلاد تعتمد على مراكز الاستماع التابعة للجمعيات النسوية من أجل إنجاز الدراسات والتقارير في هذا المجال، إلا أنها مع ذلك لا توفر الحماية القانونية لهؤلاء المساعدات الاجتماعيات، فباستثناء اللواتي تعملن في مؤسسات تابعة للحكومة، كالمساعدات الاجتماعيات اللواتي تعملن في خلايا العنف التابعة لوزارة العدل "المحاكم" ووزارة الصحة "المؤسسات الاستشفائية" ومؤسسات التعاون الوطني، تبقى المساعدات العاملات في المجال الاجتماعي بدون أية حماية قانونية تذكر.

وأشارت إلى إن عمل المساعدة الاجتماعية يرتكز على الجانب الإنساني بالدرجة الأولى، حيث يعتبر البعد الإنساني هو الحافز نحو خوض العديد من المغامرات، خاصة بالنسبة لمجال الكفالة، الذي تضطر معه المساعدة الاجتماعية للتنقل للبيوت لإنجاز تقارير بعد بحث اجتماعي الهدف منه معرفة ما إذا كانت المتضررة تحتاج بالفعل للدعم المادي المقدم من قبل مؤسسات الداعمة، وهي مهمة تبقى محفوفة بالمخاطر بسبب ما يمكن أن تتعرض له داخل البيت "تحرش، عنف، اعتداءات".

 

 

توفير الحماية القانونية

ومن جانبها عبرت المساعدة الاجتماعية بمركز الاستماع التابع لجمعية "الفضاء الجمعوي النسائي" بمنطقة أيت أوبير "ضواحي مراكش" سعاد بوروسين عن أسفها لكون المساعدة الاجتماعية التي تقوم بعمل إنساني نبيل لا تحصل على حماية قانونية.

وأضافت "بالنسبة لي أتفادى أثناء قيامي بعملي، التنقل إلى بيوت النساء المشتكيات خوفاً من وقوع حوادث مفاجئة، مما يدفعها لتطلب من النساء المتضررات المتصلات التوجه إلى مركز الاستماع التابع للجمعية، من أجل مواكبتهن في كل المراحل، بدءاً بتقديم الدعم النفسي والإرشاد القانوني، وانتهاءً بالمسطرة القانونية في المحاكم (قضايا الطلاق، النفقة، إثبات النسب)".

وأشارت إلى أن أغلب النساء اللواتي تلجأن للقضاء الجمعوي النسائي، هن نساء قرويات ومعظمهن أميات، وهو ما يتوجب معه مرافقتهن إلى المرافق الإدارية التي ينبغي ولوجها من أجل الحصول على مستحقاتهن، ومن ثم فإن المساعدة الاجتماعية التي ترافق هؤلاء النساء تجد نفسها مضطرة لخوض تجربة صعبة وخطرة، في غياب تام لقوانين تحميها "فهن يعملن في إطار العمل الاجتماعي ويعشن وضع معقد، بحكم أنهن أثناء تنقلاتهن لا تتوفرن إلا على ترخيص من الرئيس المباشر، إلا أن هذه الوثيقة تبقى غير ذات قيمة في حال وقوع مشكلة ما، لا سيما و أن بعض المساعدات الاجتماعيات يكن مضطرات للتأخر ليلاً أثناء القيام بعملهن".

وأكدت على أن المساعدة الاجتماعية تبقى محاصرة بالقواعد والمساطر الإدارية في غياب الحماية القانونية، لافتةً إلى أن أغلب النساء اللواتي تعملن في إطار العمل الاجتماعي تعشن وضعية معقدة.

وطالبت بتوفير قوانين كفيلة بحماية المساعدات الاجتماعيات اللواتي تعملن بمراكز الاستماع التابعة للجمعيات النسوية، خاصة وأنهن تقمن بعمل نبيل وذي أهمية قصوى في مواكبة النساء ضحايا العنف.