فيدان عبد الله

الشهباء - في 20 كانون الثاني/يناير 2018 وفي ساعات بعد الظهر تحديداً تعرضت مقاطعة عفرين في شمال وشرق سوريا لهجومٍ واسع بري وجوي بطائرات وقذائف الاحتلال التركي ومرتزقته.

دام قصف وهجمات الاحتلال التركي على عفرين 58 يوماً، طيلة هذه الفترة استهدف كل شيء في المقاطعة وأسفر القصف العشوائي والهمجي عن فقدان أكثر من 500 مدني جلهم نساءٍ وأطفال لحياتهم، وجرح المئات، وارتكبت جرائم بحق الإنسانية، كما أن كافة جوانب الحياة ومختلف المجالات التي تطورت في عفرين خلال ثورة روج آفا وشمال شرق سوريا تضررت دفعة واحدة.

أهالي عفرين بمكوناتها منذ اللحظة الأولى للتهديدات حتى اليوم أعربوا عن صمودهم وإصرارهم للسير على طريق المقاومة، ورفض الاحتلال وجرائم الإبادة وهذا ما حدث خلال 58 يوماً من الهجمات و5 سنوات من المقاومة.

 

أقوى من أسلحة الاحتلال التركي

للمرأة في عفرين المحتلة دور مميز وبارز في المشاركة بمقاومة العصر والتصدي لهجمات الاحتلال التركي على المنطقة وعن تفاصيل أيام المقاومة استذكرت فهيمة أحمد من أهالي قرية أومارا في ناحية شرا بعفرين تلك الأيام وقالت "ظن الاحتلال التركي أنه بالمعدات العسكرية الضخمة والطائرات الحربية والأسلحة الكيماوية سيحتل عفرين خلال ساعات ووضع خطط تستهدف وتسرق الحياة من عفرين، لكنه نسي مدى تشبث أهالي المدينة بأرضهم، وروحهم الثورية تجاه قضيتهم".

ونوهت إلى أن النساء على وجه الخصوص رفعن صوت المقاومة للتصدي للاحتلال التركي من خلال أخذهن دوراً أساسياً في جميع المجالات، وتابعت "النساء من عمر السبع سنوات حتى السبعين عاماً شاركن في المقاومة وكل منهن بطريقة ما. منهن اتخذن دورهن في إعداد الطعام وإرساله إلى جبهات القتال، وأخريات سهرن ليلاً ونهاراً على خدمة المقاتلين/ات لمعالجة المصابين/ات وحماية الشوارع والقرى والتجول في ساعات الليل، وغيرها الكثير من النشاطات والخدمات التي قدمتها النساء خلال مشاركتهن في مقاومة العصر".

وأكدت فهيمة أحمد أن دول حلف الناتو والعالم أجمع تآمروا مع الدولة التركية في شن الهجمات على عفرين "يستحيل أن تشن تركيا هجوماً كهذا ما لم تأخذ الضوء الأخضر من الدول المهيمنة، فعلى الرغم من استخدامها جميع الأسلحة حتى المحرمة دولياً لم يتحرك المجتمع الدولي".

وشددت على أن النزوح من عفرين كان قراراً أجبر عليه أهالي عفرين "استخدام الدولة التركية الأسلحة المحرمة دولياً في العديد من القرى وتهديدها برفع وتيرة هجماتها أكثر وأقسى دفع أهالي عفرين لاتخاذ قرار المقاومة والصمود في المرحلة الثانية من مقاومة العصر على أرض الشهباء بالقرب من عفرين".

 

الصمت الدولي فرض على أهالي عفرين النزوح

روشان خليل من ناحية بلبلة في عفرين المحتلة أشارت إلى أن طيلة 58 يوماً لم تتوقف هجمات الاحتلال التركي على عفرين "كان القصف بشكل عشوائي وطائرات الاستطلاع تحوم على مدار الساعة فوق المنازل، وتسبب القصف بارتكاب أفظع المجازر بحق المدنيين وتدمير منازلهم، ومصدر رزقهم وعمت الفوضى، وتزعزع الأمان والاستقرار".

وأوضحت أن مقاومة أهالي عفرين كانت مميزة وملفتة ومدهشة للعالم، "قبل الهجمات وخلال أيام الهجوم لم يتردد فرداً واحداً من أهالي عفرين عن الخروج إلى الساحات والشوارع والمشاركة في التظاهرات الجماهيرية، ورفع شعارات الصمود والمقاومة، وودعوا شهدائهم بثقة النصر وبمراسم مهيبة وحاشدة تزينها زغاريد الأمهات وإشارات النصر".

وأشارت روشان خليل إلى أن خروجهم من عفرين ضد إرادتهم لكن تخاذل المجتمع الدولي فرض عليهم هذا الواقع "كان خياراً وحيداً أمامنا لحماية وجودنا والتصدي لمخططات الاحتلال التركي في إمحاء الشعب الكردي وضرب مشروع الأمة الديمقراطية"، وشددت على أن وجودهم في الشهباء ليس إلا طريقاً لتحرير عفرين.

 

"سنعود يوماً ما"

احتضنت مقاطعة عفرين خلال الأزمة السورية آلاف العوائل النازحة من مختلف المناطق والمحافظات، لمياء عباس من أهالي ناحية سفيرة في جنوب شرق حلب عبرت عن امتنانها لأهالي عفرين الذين استقبلوها وعائلتها في أقسى الأيام عليهم، وقالت إن عفرين أمنت لهم الأمان والاستقرار.  

وأشارت إلى أن الأمان والسلام الذي تحلت به عفرين وسط الأزمة السورية لم يرق لأعداء الشعب السوري، وعلى رأسهم الاحتلال التركي فشن هجومه عليها وضرب الأمان والاستقرار فيها.

ولفتت لمياء عباس إلى أن "تكاتف ووحدة الشعب في عفرين كان الرد الأقوى على جميع المخططات والتآمر الدولي"، مشيرةً إلى أنهم حتى بعدما هجروا صوب الشهباء خرج النازحين مع سكان المنطقة تأكيداً على وحدتهم وإصرارهم على رفض الاحتلال التركي للأراضي السورية.