المرأة المصرية بين أدوار نمطية وتحديات مجتمعية

تواجه النساء في مصر تحديات ثقافية واجتماعية عديدة، حيث تضعهن الثقافة المجتمعية النمطية في قوالب محددة تتعارض مع رغباتهن في القيام بأدوار متنوعة تواكب تطلعاتهن، في وقت تسعى فيه النساء لكسر الحواجز وتحقيق العدالة.

أسماء فتحي

القاهرة ـ تقع الكثير من النساء في قبضة الاستحواذ الذكوري وما يفرضه من تنميط عليهن، وهو الأمر الذي جعلهن فرائس أدوار اجتماعية تحملّهن أعباء كبيرة داخل الأسرة وخارجها.

يعد الدور الرعائي أحد أركان الثقافة المجتمعية التي ترفض أي كسر له أو خرق لقواعده، وبالتالي فالنساء الرافضات له أو الراغبات في القيام بأدوار أخرى هن في الأساس معرضات للوصم والرفض من محيطهن، وهو ما دفع بعدد من الناشطات النسويات للانطلاق قدماً في العمل من أجل إقرار حقوق المرأة والتحفيز على كسر حاجز الصمت والخروج من تعقيدات المجتمع وعاداته وتقاليده خاصة فيما يتعلق منها بتهميش النساء وإقصائهن بهدف تحقيق واقع أكثر عدلاً وأمناً لكل امرأة أياً كانت اختياراتها وقراراتها حول ما تقوم به من دور تقليدي كان أو غير ذلك.

 

تحديات بالجملة تواجه النساء

قالت مديرة مؤسسة كيان مصر للتنمية والتدريب سحر شعبان، إن هناك الكثير من التحديات التي تعاني منها المرأة على مدار أعوام طويلة منها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وتشكل عبء حقيقي عليها، لافتةً إلى أنها لمست الكثير من الضغوط التي تعاني منها النساء من خلال عملها معهن.

وأضافت أن النساء تعانين من ظاهرة العنف التي باتت تشكل ضغط حقيقي يحول دون قدرتهن على التقرير عن ذواتهن وبات يُمارس من قبل جميع أفراد الأسرة ومنها الحرمان من التعليم والعمل والتزويج المبكر وانتقالها للزوج كأنها مملوكة له فجميعها أمور تحتاج لإعادة نظر وعمل حقيقي لتغييرها.

وأشارت إلى وجود انتهاكات وتمييز واضح، فوضع المرأة في العمل يجعلها أقل في الترتيب من الرجل على مستوى الأجور، وكذلك الفرص وغيرها من الأمور، وعلى مستوى الأسرة كذلك توضع المرأة في مرتبة متدنية لتصبح متحملة لمسؤوليات متعددة ومتقاطعة دون تقدير حقيقي للدور الذي تقوم به.

 

الثقافة المجتمعية

وأوضحت سحر شعبان أن الثقافة المجتمعية مازالت تضع النساء في قالب محدد لا يصح خروجها عنه، موضحةً أن منظمات المجتمع المدني توجهت للكثير من المحافظات في الصعيد والريف للتعامل مع تلك النظرة النمطية إلا أن تغيير الثقافات يحتاج لوقت وجهد ومدى زمني حتى يتم التأثير والتغيير الفعلي.

ولفتت الانتباه إلى أن الصورة النمطية الراسخة في الوجدان حول المرأة يجب أن تتغير من خلال العمل التكاملي سواء من خلال القوى الناعمة لما لها من قدرة على التغيير وكذلك التربية داخل الأسرة والتعامل مع أفرادها بالمساواة دون انتقاص من أحد الأفراد اعتماداً على مسألة الجنس ذكراً كان أو أنثى.

وأشارت إلى أن الصدام لن يثمر عن شيء وسيخلق فجوة حقيقية في المجتمع ففي حال الحديث على صعيد مصر على سبيل المثال من واقع التجربة بات هناك إدراك أن تغيير الثقافة النمطية عند الرجل تؤثر وتغير فعلياً في أرض الواقع لكونه الأكثر فاعلية في هذا الملف، مؤكدةً أن الحوار المجتمعي مهم بشكل كبير كي يدرك كل فرد مدى تأثير قضايا النساء في المجتمع وأن تذليل الأزمات من شأنه أن يغير ويضيف له ويجعله أكثر أماناً وفاعلية وإنتاجية.

 

العمل التكاملي والممتد يساهم في حل الأزمة وعلاج الفجوة

ونوهت سحر شعبان إلى أن المجتمع المدني وخاصة المؤسسات الحقوقية التي تعمل على حقوق النساء لا تكل ولا تمل في محاولة تذليل التحديات التي تعيق حركة النساء في المجتمع، إلا أن هناك تقصير من بعض المؤسسات فالجميع يجب أن يعمل تحت هدف واحد وهو تنمية المجتمع والنهوض بواقع المرأة "بالرغم من عقد الندوات والتدريبات ولقاء النساء في مواضع كثيرة من أجل التوعية والمناشدة من أجل سن قوانين تحمي المرأة وأخرى تمثل العدالة أو المساواة لهن ولكن جميع ذلك لم يخلق التأثير المرجو منه بعد".

واعتبرت أن الحلول تبدأ بقوانين عادلة للنساء وعلى جميع مؤسسات الدولة العمل على ذلك الملف فعلى سبيل المثال الإعلام له دور كبير ومؤثر على مستوى التوعية وكذلك تغيير نظرة المرأة وما يواجهها من إشكاليات.

 

 

المرأة بين التنميط والتحديات

بدورها أوضحت المحامية سارة جمال، وهي عضوة مبادرة سند للدعم القانوني للنساء، أن أحد أبرز التحديات التي تواجه النساء تتمثل في الصورة النمطية السائدة حولهن بأنهن غير قادرات على التواجد في مراكز صناعة القرار، مضيفةً أن تصورات المجتمع حول المرأة كونها مسؤولة عن أعمال الرعاية وتربية الأبناء ومن ثم فالخارجات عن ذلك التصور موصومات بأنهن لا يراعين أطفالهن وأنهن غير مهتمات بدورهن الأساسي وغير ذلك من الأفكار.

وأكدت على ضرورة تغيير الخطاب الذي يتم التعامل به مع المجتمع، معتبرةً أن لغة الحوار مع المجتمع تحتاج لإشراك حقيقي للرجال أيضاً، فضلاً عن أهمية التعامل مع فكرة نجاح المرأة وتغيير الثقافة النمطية لكونه يثري الحياة، وحتى لا يتحول الأمر وكأنه صراع بين الجنسين.

وأشارت إلى أن أحد أبرز الحلول التي يمكن التعامل بها مع الثقافة المجتمعية تتمثل في قيام مؤسسات المجتمع المدني بالعمل التوعوي بدور المرأة الحقيقي في المجتمع، مؤكدةً على أهمية العمل على القوانين التي تحمي النساء وتدعم وجودهن الآمن في المجال العام، لافتةً إلى أن للقوى الناعمة دور مهم يجب تحفيزه في دعم قضايا النساء.

وأوضحت أن للمناهج التعليمية دور مهم في دعم قضايا النساء ودورهن المجتمعي الرئيسي سواء في المجال الخاص أو العام، معتبرةً أن للمبادرات المجتمعية والمؤسسات النسوية دور كبير في تمكين النساء على المستوى الاقتصادي والقانوني وغيره.