المحامية لبنى مكي: بهذه الطرق يحصل المؤمن على حقوقه من شركات التأمين

أكدت المحامية لبنى مكي على ضرورة الوقوف على استغلال شركات التأمين العملاء الذين يعتبرون الطرف الأضعف في عقود التأمين، بتحديد شروط العقد المعد والمطبوع مسبقاً من قبلها

تشتد وطأة الأزمة الاقتصادية اللبنانية وتترافق مع أزمة صحية تشمل رفع الدعم عن أغلب الأدوية ولاسيما أدوية الأمراض المزمنة، وتراجع شركات التأمين عن التزاماتها الاستشفائية أو المخبرية بسبب تغير سعر صرف الدولار وارتفاع نفقة الاستشفاء ودفع سعر بوليصة التأمين بحسب سعر صرف الدولار. ولكن هل يمكن لشركات التأمين أن تتنصل من واجباتها في ظل وجود عقد موقع بين الطرفين؟ 
كارولين بزي 
بيروت ـ ، وبخط غير مقروء ليحدّ من حرية الأخير في مناقشة بنود العقد أو تغييرها، ويوافق ويذعن لشروطه. 
 
"عقد التأمين هو عقد رضائي متبادل وملزم للطرفين"
تجيب عن هذه القضية المحامية لبنى مكي، وتقول لوكالتنا "من المعروف أنّ الصحة هي الهم الأول والأخير لدى أي مواطن لبناني في ظل التقصير الفاضح من قبل الدولة بهذا الشأن، من أجل ذلك يلجأ غير المشمولين بالرعاية الصحية من أية جهة ضامنة إلى طرق باب وزارة الصحة علها تقوم بتغطية نفقات الدخول إلى المستشفى، بينما البعض من الميسورين يلجأ إلى التعاقد مع شركات التأمين من أجل تغطية الاستشفاء، وفي هذه الحالة يتم توقيع عقد تأمين مع شركة التأمين بشكل رضائي".
وتوضح أن "عقد التأمين قد جرى تعريفه في قانون الموجبات والعقود اللبناني الصادر في العام 1932، المادة 950 منه، التي تنص على 'هو عقد بمقتضاه يلتزم شخص يقال عنه الضامن بعض الموجبات عند نزول بعض الطوارئ بشخص المضمون أو بأمواله مقابل دفع بدل يسمى القسط أو الفريضة'". 
انطلاقاً من نصّ المادة المذكورة، فإنّ عقد التأمين هو عقد رضائي متبادل وملزم للطرفين، فالمؤمن يتوجب عليه دفع المبلغ المتفق عليه، وشركة التأمين ملزمة بتغطية ما يتوجب عليها عند حصول الطارئ، ولا يحق لأي منهما الإخلال ببنوده. 
 
"على المؤمن أن يطلّع على كافة بنود عقد التأمين"
وتضيف "يعتبر عقد التأمين من عقود الإذعان، كون المؤمن هو الطرف الأضعف في العقد لأنّ شركة التأمين هي من تحدد شروط العقد المعد والمطبوع مسبقاً من قبلها، وبخط غير مقروء وفقاً لما نراه في كافة عقود التأمين، بحيث يحدّ هذا الأمر من حرية العميل في مناقشة بنود العقد أو تغييرها، بحيث يوافق العميل على العقد ويذعن لشروطه، وهذ أمر شائع يقتضي الوقوف عنده، حتى لا يتسنى لشركة التأمين الالتفاف على العقد والاستفادة من الثغرات الموجودة فيه. وهنا يتوجب على المؤمن عند توقيع بوليصة التأمين أن يطّلع على بنود العقد اطلاعاً دقيقاً نافياً للجهالة بغية معرفة حقوقه وموجباته، وعليه أن يكون حذراً عند توقيع، وأن يدلي بالبيانات الصحيحة المتعلقة بصحته دون أدنى غش، حتى لا تستفيد شركة التأمين من المعلومات غير الصحيحة المدلى بها".
وتتابع "عدم التزام شركة التأمين بالعقد الموقع معها يعني إخلالاً منها بموجباتها العقدية تجاه المؤمن، تتحمل مسؤوليته، لما له من تأثير سلبي على صحة المؤمن الجسدية والنفسية، كون هذا الأمر يهدّد استقرار وضعه الصحي لفقدانه الأمان الذي كان يتوخاه من عقد التأمين، بحيث يحاول المؤمن في حال عدم ميسوريته، على ضوء مطالبة المستشفى أو المختبر بنفقات استشفائه وفحوصاته وخلافه، أن يجد مخرجاً من أجل تغطية النفقات، من خلال مثلاً مراجعة وزارة الصحة من أجل دفع النفقات إذا تمت الموافقة، وإلا عليه في هذه الحالة أن يتحمل النفقات من جيبه الخاص، على أن يطالب بحقوقه الناجمة عن العقد فيما بعد أمام القضاء المختص لإلزام شركة التأمين بالدفع والتعويض عن الأضرار اللاحقة بالمؤمن بنتيجة تنصل شركة التأمين عن أداء موجبها الملزم لها قانوناً".
 
"لا يمكن لشركات التأمين أن تتنصل من نفقات الولادة"
وتلفت لبنى مكي إلى أن عدم مصداقية البيانات التي يدوّنها المؤمن عند إجراء عقد التأمين تجعل شركة التأمين في حل من التزاماتها إذا اكتشفت أنّ البيانات المصرّح عنها للشركة غير صحيحة، لا سيما فيما خص الأمراض المزمنة أو مرض السرطان أو واقعة الحمل وخلافه، بحيث أن شركة التأمين لا يمكن لها أن تتنصل من تغطية نفقات العلاج، في حال تبيّن لها أن المؤمن قد أصيب بالمرض بعد توقيع عقد التأمين وليس قبل، ولا تتوفر لديه سوء النية".
وفي حال المرأة الحامل، تعلق قائلةً "كما أن شركة التأمين لا يمكن لها أن تتنصل من نفقات الولادة في حال أن الحمل قد حصل بعد إجراء عقد التأمين، ولكن على المرأة المتزوجة عند توقيع عقد التأمين أن تتنبّه أن يشمل التأمين نفقات الولادة ونفقات علاج المولود في حال كان بحاجة لعناية طبية عند ولادته، حتى لا يصار إلى تعلّل شركة التأمين أن العقد يشمل نفقات الولادة دون علاج المولود".
وتشير إلى أن هناك عدة طرق يمكن للمضمون أن يسلكها تحصيلاً لحقوقه، وتفند تلك الطرق وتقول "من خلال مراجعة القضاء العدلي والاختصاص يعود للمحكمة الناظرة في القضايا المالية إما للقاضي المنفرد المدني أو المحكمة الابتدائية المدنية، وذلك بحسب قيمة المبالغ المطالب بها، ويمكن أن يتقدم بدعواه أمام مجلس الضمان التحكيمي وهو محكمة استثنائية تتألف من هيئتين، هيئة تنظر في حوادث السير وهيئة أخرى تنظر في قضايا الاستشفاء، بشرط ألا تتجاوز قيمة المطالبة خمسة وسبعين مليون ليرة لبنانية، وألا يكون المؤمن قد تقدّم بدعواه قبل ذلك أمام القضاء العدلي، وفي حال عاد وتقدم بالدعوى أمام القضاء العدلي يتوقف المجلس عن النظر بها ويقرر شطبها".
وتعبّر المحامية لبنى مكي عن أسفها عما آلت إليه الحال في لبنان بالقول "للأسف فإن هذا المجلس معطل من عدة سنوات بسبب اعتكاف رئيسه عن القيام بمهامه، ومن ثم استقالته مؤخراً، والذي لا بد أنه يؤثر على حقوق المطالبين، ولذا ينصح بمراجعة القضاء العدلي، وعلى المؤمن أن يتنبّه إلى وجوب المطالبة بحقوقه خلال مهلة سنتين من تاريخ استحقاق المبلغ المتوجب عليها دفعه".