المغرب... أمثال شعبية تسيء للمرأة وتكرس النظرة الدونية تجاهها
أكدت راضية العراقي على أن أغلب الأمثال التي تحتفظ بها الذاكرة الشعبية عن المرأة في المغرب والتي تتناقلها الألسن، تحمل صوراً سلبية عنها ما يكرس العقلية الذكورية المهيمنة على تركيبة المجتمع.
حنان حارت
المغرب ـ تتناول الأمثال الشعبية المغربية، المرأة في جميع مراحلها العمرية وأوضاعها الاجتماعية، فبعض الأمثال تصفها بـ "الماكرة والمخادعة" كـ (سوق النسا سوق مطيار يا الداخل رد بالك يوريو لك من الربح قنطار ويديو لك راس مالك)، وأخرى تدعو إلى سلبها حق التعليم بدعوى أنه يساهم في انحلال أخلاقها كالمثل القائل "بنتك لا تعلمها حروف ولا تسكنها غروف".
فيما هناك أمثال تعتبر "عنوسة" المرأة هم وثقل كبير في حين أن الرجل مهما بلغ سنه يمكنه الزواج، ولا يعتبر تأخر الزواج مشكلة لديه بل يقبله المجتمع على عكس المرأة، ويترجم ذلك في مثل "الهم هم العزبة (المرأة) أما العزري (الرجل) يتزوج دابا".
وهناك عينة من الأمثال الشعبية تقدم المرأة على أنها سيئة الأخلاق، ويقتصر دورها في الحياة على الإنجاب وخدمة الزوج والأسرة، فيما ذهبت العديد من الأمثال إلى تشبيه المرأة بـ "الحيوان"، في حين تظل الأمثال التي ترفع من شأن النساء قليلة جداً كالمثل القائل "المرأة فضل البيت"؛ ما يعني أن وجود المرأة في المنزل قيمة مضافة.
وقد أطلقت جمعية جسور ملتقى النساء المغربيات، حملة لمناهضة الأمثال الشعبية الرائجة في المجتمع، والتي تعكس عنف لفظي تجاه المرأة وتنقيصاً منها للتنبيه بخطورة الأفكار التي تكرسها الصور النمطية تجاه المرأة.
وأوضحت عضوة جمعية جسور ملتقى النساء المغربيات راضية العراقي أنه الجمعية بادرت بفكرة مناهضة الأمثال الشعبية التي تتناول المرأة، لأنه يتم تداولها بشكل يومي، دون وعي بأنها تحمل عنف رمزي.
وأشارت إلى أن بعض الأمثال الشعبية تسيء للمرأة المغربية، وتسلبها جميع حقوقها وتستخف بمردودها، وتظهرها أنه لا رأي ولا قرار لها؛ كما هو الشأن بالنسبة للمثل القائل "شاورها وما ديرش برأيها" أي استشر المرأة دون أن تأخذ برأيها، وأيضاً "الخير امرأة والشر امرأة"، وكذلك هناك مثل آخر يوضح مدى الظلم الذي يصيب النساء من خلال تداول هذه الأمثال "إلا طلقتيها لا توريها دار باها"، ما يعني أن قرار الطلاق بيد الرجل وليس من حق المرأة، وأن الرجل إذا طلق زوجته يقطع عنها العون فلا يوصلها حتى لمنزل والدها.
وبينت أن "هناك بعض الأمثال يتم فيها تشبيه أي فعل بأنه كفعل المرأة، وهذا فيه استخفاف وتقليل من أهمية ما تقوم به، فمثلاً قيادة المرأة للسيارة يقال "هاديك غير مرا"، للتشبيه بالضعف والتقليل من شأنها والإهانة وبعدم أهليتها للسياقة.
وتنسب الثقافة الشعبية في أمثالها الجانب المسيء إلى المرأة، وفي بعضها تسلبها حقوقها، في حين تنسب إلى الرجل الجانب الخير وتمنحه كل الامتيازات برغم عيوبه "بعض الأمثال تعطي للرجل الحق في فرض سلطته على المرأة وتكريس دونيتها وخضوعها لسلطته بتزكية من المجتمع، فرغم ما سجل من تقدم وما حققته المرأة على مستوى الحريات والحقوق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، والنضال الذي تخوضه لإثبات جدارتها في مواجهة المجتمع الذكوري وثقافته الشعبية، إلا أنها لم تستطع بعد التخلص من رواسب الهيمنة الذكورية".
وعن أسباب التحامل على المرأة في الأمثلة الشعبية، أبرزت راضية العراقي أن الحكمة الإلهية أعطت للمرأة حق الإنجاب؛ وبالتالي فهي رمز لاستمرارية المجتمع، الأمر الذي عمق ذلك التحامل لدى الرجل والذي تمت ترجمته في الأمثال الشعبية التي تحمل التحقير للمرأة.
وترى أن صورة المرأة المغربية في الأمثال الشعبية تشبه إلى حد كبير صورتها في المجتمعات الأخرى "الأمثلة الشعبية التي تسيء للمرأة لا توجد فقط في المغرب، بل في المنطقة ككل في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، لأن هذه الأمثال الشعبية تأتي من ثقافة ذكورية ترغب في السيطرة على المرأة وتنقص من قيمتها في المجتمع".
وكيف يمكن مناهضة الأمثال الشعبية التي تعطي صورة سيئة عن المرأة، توضح "هذه الكلمات والأمثال يمكن مناهضتها بشكل يومي من قبلنا كنساء بإصرار، فقبل استعمال تلك الأمثلة علينا أن نتساءل من أين جاءت؟ وما هو مصدرها؟ وماذا يقصد بها؟، يمكننا مناهضة ما يروج بعدم تداوله حتى نمنع تناقله، وذلك عن طريق توعية النساء".
وأكدت على أنه لا بد من توعية المجتمع بقيمة المرأة وتبادل الأفكار بين الجنسين "يجب التعاون بين الطرفين لبناء المجتمع وإصلاحه ومحاربة الأفكار السلبية والذكورية؛ فالمسؤولية ثنائية، وأيضاً يمكن الاعتماد على الفن لإبراز الأفكار الإيجابية ومناهضة كل ما هو مسيء للنساء وحتى الرجال".
وأضافت "يجب استهداف الفئة الشابة لاعتبارها مستقبل الغد وهي القادرة على تغيير الأفكار السلبية والأمثال الشعبية المسيئة خاصة مع توفر وسائل جديدة قادرة على استخدامها لتطويع مختلف القضايا والانتصار لفكرة المجتمع المتناسق الذي لا يسيء فيه أي طرف للآخر؛ لقد وجب العمل على تغيير الذهنية قبل كل شيء، ومن ثم ينطلق التغيير الحقيقي".
وفي ختام حديثها، بينت راضية العراقي أن الأمثال المغربية الأمازيغية والعربية أنتجت في سياق ذكوري يعبر عن نظرة دونية للمرأة "هذه العبارات المتداولة لا يجب أن نقابلها بنوع من الفكاهة، بل على كل امرأة سمعت مثل شعبي يسيء لها وينقص من قيمتها في المجتمع، عليها ألا تلتزم الصمت بل تواجه قائله بشجاعة وجرأة، حتى يخضع استخدامه للتفكير والتدقيق قبل استعماله".