المأوى الوحيد لهن... معاناة النساء داخل الخيام

تعيش النازحات حياة مليئة بالتحديات والصعوبات، حيث يفرض عليهن داخل الخيام ظروفاً قاسية تتطلب منهن قوة وصلابة فائقة في هذه البيئات الصعبة، ولا تقتصر معاناتهن على توفير الاحتياجات الأساسية فقط، بل تشمل أيضاً التكيف مع غياب الأمان والاستقرار.

غفران الهبص

حلب ـ وسط حالة من الفوضى والنزاعات التي تعصف بمناطق حلب تنبض حياة النساء بالخيام التي أُجبرن على تسميتها منزلاً، وأصبحت شاهدة على معاناتهن اليومية، فتحت هذا السقف القماشي لا يمكن الشعور بالخصوصية وأيضاً يتطلب الأمر نضالاً من أجل توفير الاحتياجات الأساسية للأسر.

المخيمات التي هي ضريبة الحرب التي تعرضت لها المناطق وأصبحت أبرز التحديات التي تواجهها النساء في تلك المناطق نتيجة افتقادهن للحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة، كما أنهن تواجهن ظروف معيشية قاسية أثرت على صحتهن النفسية والجسدية في ظل نقص المياه النظيفة وانعدام الكهرباء وافتقاد الحد الأدنى من الخصوصية لعدم وجود جدران أو أسقف تساعد على حمايتهن.

 

تحدي البقاء تحت الأسقف القماشية

كثيرة هي تلك القصص المحملة بالآلام، وواحدة منهم دلال الحمد، وهي أم لسبعة أولاد هُجرت قسراً من بلدتها منذ خمس سنوات تاركة منزلها وأحلامها لتجد نفسها مضطرة للعيش في إحدى القرى الآمنة من القصف والنزاعات "نعيش أنا وأسرتي في خيمة تفتقر إلى الأمان والخصوصية والحياة اليومية بائسة مليئة بالتحديات والصعوبات، فعادة ما يبدأ يومي وأنا وسط حيرة البحث عن سبل تأمين قوت عائلتي وأحياناً أشعر بالعجز لعدم قدرتي على توفيرها".

وأوضحت "نعاني من صعوبة الحصول على المياه الصحية، في ظل انقطاع شبه دائم للكهرباء، كما أن للتغيرات المناخية تأثير كبير ففي فصل الصيف تحرقنا حرارة الشمس والتعرض المستمر للدغات الحشرات ومنها المميتة وفي الشتاء لا تحمينا أسقف الخيم من البرد القارس فضلاً عن هطول الأمطار الغزيرة وغرق الخيم".

 

نقص في الرعاية الطبية

الحياة بالمخيمات تزيد من أعباء النساء الصحية فهن وأطفالهن أكثر عرضة للأمراض، وبسبب الأوضاع الاقتصادية لا يمكنهن زيارة عيادة الأطباء بشكل دوري وهو ما جعل الوضع الصحي غاية في السوء.

وقالت إن "الوصول إلى الرعاية الطبية يعتبر تحدياً كبيراً في الخيام، فالمراكز الطبية بعيدة كثيراً عن المخيمات وهو الأمر الذي يزيد من مخاطر الأمراض والمشاكل الصحية، وعندما يصاب أحد من أطفالي بأي مشكلة صحية حتى ولو كانت فقط تحتاج لأخذ دواء عن طريق الحقن أضطر أن أذهب سيراً دون وجود وسيلة نقل لمدة نصف ساعة تقريباً لأحصل على الخدمة الطبية اللازمة".

 

التأثير النفسي والاجتماعي

الحياة في المخيمات تضع النساء في توتر مستمر لكونهن أمام تحديات صعبة لإبقاء أسرهن في وضع مستقر وسط ظروف وأجواء غير مستقرة.

وأوضحت أن "القلق الدائم والاكتئاب لا يفارقني، فشعوري الدائم بلوم نفسي على الحياة التي يعيشها أطفالي لا تفارقني فمنهم من يقوم بجمع الأعواد الخشبية والبلاستيكية لنشعل النار ونطهي بعض الطعام ومنهم من يذهب إلى الأراضي الزراعية لجلب بقية الخضار المرمية في الحقول، لتأمين بعض احتياجاتنا".

وقالت إن "السكن في الخيام يعني المرارة والألم والقسوة فهو أمراً يستدعي تدخلات إنسانية عاجلة"، متمنية أن يتم تحسين البنية التحتية في الخيام وتوفير المياه النظيفة والوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم للأطفال وتعزيز الأمان والخصوصية لجميع الفتيات والنساء وتوفير خدمات الدعم النفسي والاجتماعي.