الليشمانيا تسبب تشوهات للنساء والأطفال في إدلب

سوء الأوضاع المعيشية وقلة الرعاية الصحية في مخيمات الشمال السوري تحول دون تلقي النازحين العلاج من الأمراض الجلدية المنتشرة

لينا الخطيب

إدلب ـ تنتشر الليشمانيا في إدلب على نطاق واسع، وخاصة في مخيمات النزوح نتيجة وجود الصرف الصحي المكشوف وانتشار القمامة وسوء الخدمات، فضلاً عن غياب الكوادر الطبية ونقص الدواء اللازم لمكافحة المرض.

تفضل الطفلة جنى العمر (12 عاماً) النازحة من بلدة تلمنس إلى مخيم كفر عروق بريف إدلب الشمالي، البقاء في الخيمة وعدم الخروج إلا عند الضرورة، لأنها تشعر بالخجل، بسبب حبة الليشمانيا الموجودة على وجهها، وما نتج عنها من تشوهات وتقرحات، وعن معاناتها تقول "منذ قرابة شهرين ظهرت على وجهي حبة حمراء صغيرة، وبدأت تكبر شيئاً فشيئاً، وبعدها اصطحبني والدي إلى طبيب مختص بالأمراض الجلدية، فأكد أنها حبة الليشمانيا، وطلب منا الإسراع بتلقي العلاج في مركز طبي متخصص".

ولفتت إلى أنها بدأت تتلقى العلاج عن طريق الحقن الموضعي أسبوعياً، ولكن فقر حال أسرتها منعها من متابعة العلاج، "يعمل والدي في البناء بأجر يومي قليل، بالكاد يكفي لتأمين نفقاتنا، لذا توقفت عن زيارة المركز، ما أدى لكبر حجم الحبة واتساعها وتقرحها".

عليا القاسم (33 عاماً) النازحة من مدينة سرمين إلى مخيم في بلدة كفر لوسين، تعاني أيضاً من الليشمانيا مع طفليها، "أعيش مع زوجي وأولادي الثلاثة في مخيم عشوائي يفتقر للنظافة والخدمات، كما نعاني من كثرة البعوض والذباب في المخيم، ما أدى لظهور أكثر من 20 إصابة بالليشمانيا".

وأشارت إلى أنها تلقت العلاج مع طفليها في صيدلية قريبة من المخيم على نفقتها الخاصة، ولكن المرض ترك ندبة في وجهها تحتاج إلى عمل جراحي تجميلي للتخلص من أثرها.

وتطالب عليا القاسم المنظمات بالتدخل السريع لإيجاد حلول سريعة، من خلال إصلاح قنوات الصرف الصحي داخل المخيم، ومكافحة الحشرات بالمبيدات اللازمة، وتوزيع سلل نظافة، للحد من انتشار اللشمانيا.

بعد المراكز الصحية وإهمال المرض فترة طويلة كان سبباً في تفاقم إصابة نور الكيالي (19 عاماً)، وعن معاناتها تقول "بعد ظهور حبة حمراء على خدي الأيمن، لم أكترث للأمر، وظننت أنها ستختفي مع مرور الوقت".

ولكن لم تدرك أن الأمر سيزداد سوءاً، مشيرةً إلى أن افتقار المخيم الذي تقطن به لوجود نقطة طبية، وبعد المراكز الصحية، حال دون الإسراع في حصولها على العلاج، "بعد استفحال المرض استخدمت كافة أنواع العلاج الموضعي والعضلي إلى جانب الطب العربي والخلطات العشبية دون فائدة"، لافتةً إلى أن أحد الأطباء نصحها بكيها للتخلص منها".

من جانبها قالت الطبيبة المختصة بالأمراض الجلدية حسناء الحمود (39 عاماً) من مدينة سرمدا شمال إدلب، "الليشمانيا" أو المعروف بـ "حبة السنة" أو "حبة حلب"، مرض طفيلي المنشأ، يصيب الأماكن المكشوفة من الجلد، وينتقل عن طريق لدغة من حشرة تسمى "ذبابة الرمل"، وهي حشرة صغيرة لا يتجاوز حجمها ثلث البعوضة العادية، لونها أصفر، يزداد نشاطها ليلاً، ولا تصدر صوتاً عند لدغ الإنسان.

وأشارت إلى أن أعراض الإصابة تظهر على جلد المصاب بشكل نقاط حمراء، تتحول إلى حبة صغيرة، تغطيها قشرة قد تتقرح وتلتهب وتدوم لفترة طويلة، ويمكن أن تترك ندبة مشوهة، تدوم طوال العمر إذا لم يتم معالجتها مبكراً.

ولفتت إلى أن المخيمات تعتبر بيئة مناسبة لحشرة ذبابة الرمل المسؤولة عن المرض بسبب انتشار "القوارض والجرذان" وقلة الاهتمام بالنظافة العامة، فضلاً عن اكتظاظ آلاف السكان ضمن تجمعات سكنية غير مجهزة.

وبينت حسناء الحمود أن للمرض عدة أنواع منه "الحشوي" وهو مرض قاتل لأن الطفيلي يتركز في الكبد والطحال، أما النوع الثاني فهو الأكثر شيوعاً وانتشاراً ويسمى "الجلدي" وهو يسبب قرحات جلدية على شكل حبة جافة أو رطبة، قبيحة المظهر وتسمى "حبة السنة" لأن بعضها يحتاج إلى حوالي 6 أشهر أو سنة لشفائها، ويتم علاجها عن طريق الحقن الموضعي أو العضلي.

وأضافت "النقص في كمية الدواء بالنسبة لعدد الحالات يعتبر مشكلة كبيرة، ويحول دون استيعاب جميع المرضى داخل مراكز الرعاية الصحية الأولية، ما يضطرهم لشراء العلاج على نفقتهم الخاصة، علماً أن المريض يحتاج إلى عددٍ مِن الجلسات، حسب شدة الحالة ومكان الإصابة ومدى انتشارها في الجسم".

ونوهت إلى أن 50% من مراجعي العيادة يعانون من الليشمانيا، مشددة على ضرورة توفير ما تحتاجه المخيمات من خدمات طبية مكثفة لمكافحة هذا المرض، وغيره مِن الأمراض.