اللعب وسيط تربوي

"مع بداية العطلة الصيفية وبحث بعض الأمهات عما يشغل أوقات فراغ أطفالهن، وتذمر أخريات من طاقة أطفالهن الحركية التي لا تهدأ خلال اليوم، التي يمكن استغلالها بما هو نافع عن طريق اللعب معهم

أماني المانع
دمشق ـ ، والتحدث معهم لتعليمهم قيماً نافعة وعادات سليمة" هكذا تقول الأخصائية التربوية هالة صيام.
عرفت الأخصائية التربوية هالة صيام أولاً اللعب بأنه نشاط موجه يقوم به الأطفال لتنمية سلوكهم وقدراتهم العقلية والجسمية والوجدانية، ويحقق في نفس الوقت المتعة والتسلية، كما تتمثل في اكتساب المعرفة وتقريب مبادئ العلم للأطفال وتوسيع آفاقهم المعرفية ويمكن استخدام التعلم باللعب في المدرسة والمنزل أيضاً من خلال تطبيق وتنفيذ أنشطة وألعاب تربوية تعليمية ترفيهية.
أكدت البحوث التربوية أن الأطفال كثيراً ما يخبروننا بما يفكرون فيه وما يشعرون به من خلال لعبهم التمثيلي الحر واستعمالهم للدمى والمكعبات والألوان والصلصال وغيرها، ويعتبر اللعب وسيطاً تربوياً يعمل بدرجة كبيرة على تشكيل شخصية الطفل بأبعادها المختلفة؛ لهذا فإن الألعاب التعليمية متى ما أحسن تخطيطها وتنظيمها والإشراف عليها تؤدي دوراً فعالاً في تنظيم التعلم، وقد أثبتت الدراسات الحديثة القيمة الكبيرة للعب في اكتساب المعرفة ومهارات التوصل إليها إذا ما أحسن استغلالها وتنظيمها.
وتقول هالة صيام بأنه من خلال استغلال الأم لأوقات فراغ أطفالها وتطبيقها بعضاً من الألعاب فهي تقوم بذلك بتنمية شخصية الطفل اجتماعياً، فهو يتنافس مع إخوته أو رفاقه، ونفسياً سيشعر بالحب والاهتمام والنشاط والحماس ليثبت نفسه في كل لعبه، وأيضاً تجعل الطفل بعيداً عن العزلة والخجل فهو سينخرط في جو اللعب والتفاعل والتنافس. 
وأشارت بأنه لا بد أن نوجز أهمية اللعب كوسيلة للتعلم بأنها أداة تربوية تساعد في إحداث تفاعل المتعلمين مع عناصر البيئة لغرض التعلم وإنماء الشخصية والسلوك، كما يمثل وسيلة تعليمية تقرب المفاهيم وتساعد في إدراك معاني الأشياء، وتعتبر أداة فعالة في تفريد التعلم وتنظيمه لمواجهة الفروق الفردية وتعليم الأطفال وفقاً لإمكاناتهم وقدراتهم وميولهم واتجاهاتهم، وتنشيط القدرات العقلية وتحسن الموهبة الإبداعية لدى المتعلمين، كذلك يعتبر اللعب طريقة علاجية يلجأ إليها المربون لمساعدتهم في حل بعض المشكلات التي يعاني منها بعض المتعلمين وأداة تعبير وتواصل بين المتعلمين.
وتضيف بأن هذه الأهمية تتشعب إلى فوائد تبدو واضحة لدى المتعلم الذي يؤكد ذاته من خلال التفوق على الآخرين فردياً وفي نطاق الجماعة، ويتعلم التعاون واحترام حقوق الآخرين واحترام القوانين والقواعد ويلتزم بها، ويعزز انتماؤه للجماعة، "سنلاحظ كم يساعد اللعب في نمو الذاكرة والتفكير والإدراك والتخيل واكتساب الثقة بالنفس والاعتماد عليها مما يسهل اكتشاف قدراته واختبارها".
وعن أنواع الألعاب التربوية تقول "تنقسم إلى الدمى كأدوات الصيد، السيارات، العرائس، أشكال الحيوانات، والألعاب الحركية كألعاب التركيب، السباق، القفز، التوازن، الجري، ألعاب الكرة، وألعاب الذكاء مثل الفوازير، حل المشكلات، الكلمات المتقاطعة، إلى جانب الألعاب التمثيلية كالتمثيل المسرحي، لعب الأدوار، وألعاب الغناء والرقص كالغناء التمثيلي، تقليد الأغاني، الأناشيد، الرقص الشعبي، وألعاب الحظ  كالدومينو، الثعابين والسلالم، ألعاب التخمين، بالإضافة إلى القصص والألعاب الثقافية كالمسابقات الشعرية، بطاقات التعبير".
وعن تميزها في مجال توظيف استراتيجية التعلم باللعب في المدرسة تقول "كنت أنفذ بعض الأنشطة والألعاب مع التلاميذ ومن خلالها يتم التوصل لشرح أفكار الدرس مثل استخدام لعبة صيد السمك. ولعبة الكرة المتنقلة التي تتنقل بين أيدي التلاميذ، والتلميذ الذي تقف عنده الكرة مع أنغام الموسيقا يقوم بنزع غلاف من الكرة ويقرأ السؤال ويجيب عنه". 
وعن فائدة الألعاب التي يمكن صنعها عن طريق إعادة التدوير، تقول هالة صيام أن لعبة الدلو والكرات وكذلك لعبة النرد وصيد الأسماك والكرة المتنقلة، تنمي لدى الطفل مهارة الحركة والتركيز والانتباه والتفكير والسرعة، وكذلك التنافس والتعاون من خلال الطلبات التي تتخلل اللعبة، بالإضافة إلى حب الاستكشاف والمغامرة.
ثم شرحت هالة صيام كيف يمكن أن يكون نظام المكافأة للطفل، فيمكن للأم أن تُحضر لوحة بأسماء الأطفال كل طفل له حقل وعندما يلعب الطفل اللعبة ويحقق الفوز ضمن شروطها ينال نجمة أو نقطة وتحدد عدد النجوم التي ينال الطفل جائزة عند حصوله عليها، ثم يختار هديته كالذهاب لمكان يفضله لنزهة العائلة، أو شراء شيء بسيط. 
وأكدت على كيفية اختيار اللعبة المناسبة للأطفال حيث يندرج ذلك تحت مسمى شروط اللعبة باختيار ألعاب لها أهداف ومساعي تربوية واجتماعية وأخلاقية محددة، وفي الوقت ذاته مثيرة وممتعة ومن بيئة الطفل، أي يجب أن تكون قواعد اللعبة سهلة وواضحة وغير معقدة ودور الطفل واضح ومحدد في اللعبة وتشعره بالحرية والاستقلالية في اللعب.
أما بالنسبة لصانع الألعاب فعليه أن يركز في صناعة الألعاب أن تكون بسيطة وسهلة ومشوقة وممتعة وتحقق الأهداف المرجوة منها بحيث تنعكس على شخصية الطفل اجتماعياً ونفسياً وتربوياً، مثل ممارسة العادات الصحية السليمة، والالتزام بالآداب الاجتماعية، وتعزز شخصية الطفل وثقته بنفسه وتحفزه وتشجعه على المشاركة مع الآخرين في الألعاب فيبتعد عن الانطواء والعزلة والعنف وتعود الطفل على التنافس والمشاركة مع الآخرين في جو اجتماعي وتفاعلي مع المشاركين.
وتختتم الأخصائية التربوية هالة صيام حديثها بالتأكيد على أن اللعب له دور أساسي في تحقيق العديد من الأهداف التربوية والنفسية والاجتماعية التي تعود على الأطفال بفوائد كثيرة، ولذلك يجب على التربويين والمعلمين والأهل الحرص على استخدام أساليب وأنشطة متنوعة في تعليم الأطفال، وتدريبهم في جو ممتع ومشوق لتحقيق الأهداف السلوكية والاجتماعية والتربوية التي يسعون لتحقيقها.