الكوليرا... تهدد النازحات في إدلب وسط ضعف الرعاية الصحية والخدمية

تعاني نساء نازحات في إدلب، من تهديدات ومخاطر الإصابة بمرض الكوليرا، نتيجة الواقع المعيشي والبيئي السيء الذي يفتقر لأدنى المستويات الصحية والخدمية.

هديل العمر

إدلب ـ في ظل استمرار تزايد الإصابات بشكل ملحوظ بمرض الكوليرا في إدلب والمخيمات المحيطة بها التي تعد بيئة خصبة لانتشار الوباء بشكل كبير، نتيجة التلوث البيئي والكثافة السكانية التي تشهده تلك المناطق.

وفقاً لإحصائيات محلية فإن عدد حالات الوفاة جراء الإصابة بمرض الكوليرا في إدلب وصل إلى 15 حالة، في حين بلغت أعداد الإصابات المؤكدة قرابة 492 إصابة، منذ تفشي المرض.

ولم تتوقع ربى السلوم البالغة من العمر 29عاماً، وهي نازحة مقيمة في مخيمات بلدة كفرلوسين شمال إدلب، أن الأعراض المرضية التي عانت منها على مدى ثلاثة أيام، سببها مرض الكوليرا الذي أصيبت به نتيجة قرب خيمتها من مجاري الصرف الصحي المكشوفة، وانتشار مكبات القمامة على مقربة من المخيم الذي تقطنه هي وأطفالها الثلاثة منذ نزوحهم من مدينتهم معرة النعمان أواخر عام 2019.

وقالت أنها اكتشفت المرض بعد أن تأزمت حالتها الصحية، لتتفاجئ بعد إجرائها التحاليل المخبرية أنها مصابة بعدوى الكوليرا الخطيرة، وهو ما دفعها للابتعاد عن أطفالها والمكوث في إحدى المراكز التخصصية لتلقي العلاج.

وأوضحت أنها عانت من أعراض مرضية صعبة وقاسية، ومنها حمى شديدة وضعف عام في الجسم وفقدان الشهية وغثيان وقيء وألم في البطن، والجفاف وخسارة مفاجئة بالوزن، وغيرها من الأعراض الأخرى.

وأضافت أن الأطباء أخبروها بأن الأعراض التي عانت منها تعتبر خفيفة مقارنة بباقي الإصابات التي يمكن أن تكون قاتلة خلال ساعات قليلة، في حال التأخر بالكشف عنها وبدء مرحلة العلاج اللازم، قبل تفشي المرض وسيطرته على كامل أعضاء وخلايا الجسم.

وأشارت إلى أن التلوث البيئي الذي يحاصرها وقرب مكبات النفايات ومجاري الصرف الصحي المكشوفة من مكان سكنها، كان السبب الرئيسي خلف إصابتها وإصابة أكثر من 5 نساء أخريات في المخيم الذي تقطنه.

ولا تخفي حزنها وألمها إلى ما آل إليه حالها وحال أطفالها التي اضطرت مجبرة للابتعاد عنهم خشية انتقال العدوى لهم، علماً أنها المعيلة الوحيدة لهم بعد وفاة والدهم بفيروس كورونا العام الماضي.

وأواخر الشهر الماضي تشرين الثاني/نوفمبر، انتقلت سعاد مخزوم البالغة من العمر 35 عاماً، برفقة عائلتها إلى مخيم آخر، بعد تفشي وباء الكوليرا في المخيم الذي كانت تقطنه، خشية إصابتها وأطفالها بالمرض، في ظل سرعة انتشاره وغياب الحلول والاهتمام بمكافحته والسيطرة عليه.

وقالت أن تعدد الإصابات بمرض الكوليرا في مخيمها الواقع بالقرب من مدينة حارم في إدلب، دفعها لمغادرة المخيم والانتقال إلى مكان أكثر أمناً، خاصة وأن مخيمها القديم يفتقر إلى أدني مستلزمات المعيشة وعلى رأسها المياه الصالحة للشرب.

وأوضحت أن معظم الإصابات كانت لنساء وأطفال كونهم الأكثر تعرضاً للمياه الملوثة، وهو ما دفعها للنجاة بنفسها وأطفالها من إمكانية إصابتهم، شأنها شأن عشرات العوائل الأخرى التي دفعتهم مخاوفهم إلى النزوح مرة أخرى.

 

وأشارت إلى أنه وبالرغم من تفشي المرض في المخيم، إلا أنها لم تلحظ أي اهتمام أو رعاية أو تقديم سبل الوقاية للنازحين من قبل المنظمات الإنسانية العاملة في إدلب، مما ينذر بانتشار الوباء بسرعة كبيرة بين النازحين.

ومن جانبها قالت الطبيبة روان العبو البالغة  من العمر 38 عاماً وهي من سكان مدينة إدلب، أن خطورة المرض تكمن في ضعف القطاع الطبي وتردي الواقع الخدمي وخاصة في المناطق النائية والمخيمات العشوائية التي تعد بيئة خصبة لانتشار الوباء بشكل كبير.

وأوضحت أن التعرض للمياه الملوثة والغير معقمة من الأسباب الرئيسية لتفشي المرض، في الوقت الذي تعاني منه عشرات المخيمات لنقص حاد في مياه الشرب، وهو ما يجبرهم لاتخاذ سبل بديلة والاعتماد على تجمع مياه الأمطار أو المجتمعات المائية لتلبية احتياجاتهم.

وأشارت إلى أن المرض يمكن أن يصيب جميع الفئات العمرية دون استثناء، ولكن الأطفال والنساء هم الأكثر تعرضاً له نتيجة تعرضهم المستمر للمياه والمواد الغذائية الملوثة.

وأوضحت أن أعراض المرض تتمثل بالإسهال الحاد، قيئ وغثيان، جفاف، تقلصات مؤلمة في العضلات، ويمكن لهذه الأعراض أن تكون قاتلة خلال ساعات إذا لم يتم تشخيصها وعلاجها.