الكوليرا... مأساة جديدة تلاحق النساء والأطفال الناجين من الزلزال في إدلب

تواجه العديد من النساء والأطفال الناجين من الزلزال، والنازحين في مراكز الإيواء ومخيمات الشمال السوري، مخاطر الإصابة بمرض الكوليرا نتيجة الزلزال المدمر وما خلفه من ظواهر عديدة على كافة الأصعدة الخدمية والصحية والمعيشية.

هديل العمر

إدلب ـ تسبب ازدياد الكثافة السكانية بشكل كبير وغير مسبوق في مناطق المخيمات النائية والعشوائية التي تعد بيئة خصبة لانتشار المرض، في ظل غياب تام للأساليب الوقائية والعلاجية في تفشي وباء الكوليرا بشكل متسارع.

اكتشفت مريم الطاهر (33عاماً) وهي نازحة بسبب الزلزال إلى مخيمات بلدة أطمة شمال إدلب، إصابة طفليها (محمد 8 أعوام) و(رائد ستة أعوام) بمرض الكوليرا، بعد أعراض مرضية خطيرة عانيا منها وكادت أن تودي بحياتهما نتيجة تعرضهما لمياه الصرف الصحي المكشوفة.

تقول مريم الطاهر إنها لاحظت تأزم حالة طفليها الصحية بشكل مفاجئ بعد أن ظهرت عليهما أعراض صعبة وقاسية، كارتفاع درجات الحرارة، والغثيان، وآلام المفاصل والعضلات، بالإضافة للإسهال المزمن، ما دفعها لعرضهما على طبيب مختص والذي أكد لها إصابة الطفلين بمرض الكوليرا بعد عدة تحاليل وفحوصات مخبرية.

وأضافت أن الطبيب المختص أجبرها على حجر الطفلين في إحدى النقاط الطبية المتخصصة بالكشف عن مرض الكوليرا، مخافة انتقال العدوى لبقية أفراد العائلة، وذلك ريثما يخضعان لفترة علاج وصفتها بـ "الطويلة والشاقة" نتيجة شدة الأعراض الناتجة عن تأخر الكشف عن المرض.

وأشارت إلى أن السبب الرئيسي لإصابة طفليها هو قرب خيمتها القماشية من مجاري الصرف الصحي المكشوفة، واستعمالهم لمياه غير صحية ومعقمة نتيجة الأوضاع الخدمية والمعيشة المزرية التي يشهدها المخيم الذي أنشئ في أعقاب الزلزال المدمر.

وأوضحت أن المرض بدأ يستشري في المخيم الذي تقطنه، وذلك بعد أن أصيب أربعة أطفال آخرين بذات المرض، دون أي تدابير أو حلول أو حتى اهتمام بخطورة الوضع في حال تسارعت وتيرة العدوى بين العوائل وسكان المخيم.

وحذرت منظمات إنسانية عاملة في إدلب من "كارثة إنسانية حقيقة" باتت تلوح بالأفق بعد الدمار الكبير الذي سببه الزلزال في البنى التحتية وشبكات المياه والصرف الصحي، خاصة مع وصول أعداد الإصابات بالكوليرا إلى 568 حالة، وأعداد الوفيات إلى 21 حالة وفاة.

"نجوت من الزلزال ولكنني لم أسلم من الوباء" بهذه الكلمات تلخص غزل البصاص (28عاماً) وهي نازحة في مخيمات كفر لوسين شمال إدلب، معاناتها نتيجة إصابتها بالمرض بعد أقل من أسبوعين من نزوحها.

"مياه ملوثة، ومجاري الصرف الصحي تفصل بين الخيام" توصف غزل البصاص حال المخيم الذي سكنت فيه في أعقاب الزلزال المدمر، في إشارة منها إلى الأوضاع المأساوية التي تهدد حياة آلاف النازحات والأطفال في تلك المجمعات السكنية النائية والعشوائية.

وأضافت أنها تعرضت لوعكة صحية مفاجئة، تزامنت مع أعراض شديدة الخطورة، لتكتشف إصابتها بمرض الكوليرا على سرير مشفى "باب الهوى" حيث تم حجرها في مركز علاج الكوليرا، مشيرة إلى أن حالتها الآن جيدة وتتماثل للشفاء مع المتابعة الطبية.

وأشارت إلى أنه وبعد إصابتها بالمرض انتقلت عائلتها للعيش في مخيم آخر أفضل حالاً من سابقه، نتيجة مخاوف زوجها من إصابته وإصابة أطفاله بالوباء، لافتةً إلى أنهم مضطرون للعيش في المخيمات بعد تهدم منزلهم نتيجة الزلزال المدمر.