الجزائر: أرقام مخيفة للطلاق والخلع يفاقم مشاكل الأسر

سجلت الجزائر، في ظرف 6 أشهر فقط من العام الجاري، ارتفاعاً قياسياً لنسب الطلاق، حيث تجاوزت الحالات عتبة 10 آلاف حالة خلع، مقابل 44 ألف حالة طلاق في نفس الفترة حسب الإحصائيات الأخيرة الصادرة عن وزارة العدل في الجزائر

رابعة خريص
الجزائر ـ
وتُؤكدُ التقارير الرسمية التفاقم الخطير لظاهرتي الطلاق والخلع في الجزائر، إذ كشفت الإحصائيات الرسمية عن تجاوز حالات الطلاق في الجزائري لأكثر من 100 ألف حالة طلاق خلال سنة ونصف. 
وتشير الأرقام ذاتها إلى انتشار رهيب لظاهرة الخلع في المجتمع الجزائري، إذ فاقت حالات خلع الأزواج 10 آلاف حالة خلال النصف الأول من عام 2021.  
وسجلت حالات الخلع تصاعداً كبيراً في المجتمع الجزائري، حيث تخطت في سنة 2019 عتبة 13 ألف حالة، لتتجاوز 15 ألف حالة في سنة 2020 ووصلت خلال النصف الأول من 2021 إلى أكثر من 10 آلاف حالة.  
ويبدو أن المنظومة الاجتماعية الجزائرية أمام أخطار كبيرة تهددها بالتفكك، في ظل تفاقم ظاهرة الطلاق والخلع في السنوات الأخيرة. 
وينص القانون الجزائري على فك الرابطة الزوجية بالإرادة المنفردة عن طريق الطلاق طبقاً للمادة 48 من قانون الأسرة الجزائري المعدل والمتمم بالأمر 05/02، وللمرأة أيضاً الحق في حل هذه الرابطة بإرادتها المنفردة بما اصطلح عليه الخلع طبقاً للمادة 54 من نفس القانون إعمالاً لمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة.  
وتُحذر حقوقيات من مغبة تجاهل هذه الظاهرة بسبب خطورتها على الأجيال الجديدة خاصة وأن الطفولة باتت مهددة بسبب عدم توفر الأجواء الأسرية المريحة والضغوطات التي تتحول بمرور الوقت إلى أزمات اجتماعية خطيرة تهدد المجتمع الجزائري برمته. 
وترى بعضهن إن قانون الأسرة الجزائري يعتبرُ واحد من الأسباب التي تقف وراء تنامي ظاهرة الطلاق والخلع في الجزائر، وهو ما تؤكدهُ النائب البرلماني السابق فطيمة سعيدي لوكالتنا، إذ تقول إن الظروف الحالية تستدعي إعادة النظر في مواد لها علاقة بارتفاع حالات الطلاق والخلع.  
ومن بين المواد التي سلطت عليها الحقوقية فطيمة سعيدي الضوء إعادة النظر في المادة 54 مكرر من نص القانون التي تنص على ضرورة تقييد الممارسات التعسفية في استعمال الخلع عن طريق منح الزوج المتضرر من هذا الإجراء الحق في التعويض، إضافة إلى تعديل المادتين 49 و56 من القانون نفسه بهدف تعزيز آليتي الصلح والوساطة. 
وقالت النائب البرلماني السابق إن هاتين الظاهرتين لهما انعكاسات خطيرة على الأطفال بحكم انفصال الوالدين وتفكك الأسرة. 
وترى المختصة في علم الاجتماع غنية خلاصي، أن انتشار ظاهرتي الخلع والطلاق بشكل رهيب في المجتمع الجزائري تعودان إلى عدة عوامل مرتبطة بتراكمات تاريخية وثقافية واجتماعية.  
وتقول البروفيسور غنية خلاصي لوكالتنا "المشكلات الاجتماعية كالطلاق مثلاً تظهر خلال سيرورات مرتبطة بهذه التحولات"، وتستدلُ في هذا السياق بأنماط الحياة والتفكير والمواقف التي تختلف بين الماضي والحاضر".  
إضافة إلى ذلك تقول المختصة في علم الاجتماع إن العلاقة الزوجية أصبح ينظر لها على أساس المتعة وليس على أساس الواجب والالتزام، فمثلاً الزواج أصبح مرتبطاً لدى البعض بالتباهي والتفاخر دون النظر إلى أهلية الذكر والأنثى وهو ما يشكل خطراً على مؤسسات الزواج. 
ومن بين العوامل الأخرى التي تسلط عليها المختصة في علم الاجتماع غنية خلاصي الضوء العوامل الاقتصادية، وتقول إنها تساهم في خلق التوترات بين الأزواج. 
إضافة إلى ذلك تبين إن الأسرة فقدت الدور الذي كانت تلعبه في القديم فكانت الإطار الذي ينظم ويفرض القيم والمعايير، "اليوم نلاحظ أن كل المشاكل أصبحت تعالج في أروقة العدالة الجزائرية وليس داخل العائلة".