الجنولوجيا... دور بارز في القضاء على العنف ضد المرأة

يهدف مركز أبحاث ودراسات الجنولوجيا من خلال أبحاثه وتحليلاته إلى تعزيز دور المرأة والقضاء على العنف الممارس بحقها.

نورشان عبدي

كوباني ـ يعمل مركز أبحاث ودراسات الجنولوجيا بإقليم شمال وشرق سوريا على رفع مستوى الوعي بين فئات المجتمع من أجل القضاء على الذهنية الذكورية وبناء حياة ندية تشاركية تحمي المرأة وتعزز حقوقها.

تأسس مركز أبحاث ودراسات الجنولوجيا في مقاطعة الفرات بإقليم شمال وشرق سوريا في 6 آذار/مارس عام 2019 بهدف تحقيق المساواة والعدالة والتعايش المشترك بين الجنسين، وعلى هذا الأساس يجري علم الجنولوجيا أبحاث ودراسات لإعادة إحياء ثقافة المرأة ودورها.

وللحفاظ على هوية وشخصية المرأة يقوم مركز أبحاث ودراسات الجنولوجيا بإجراء أبحاث وتحليلات متنوعة حول قضايا ومواضيع تهم المرأة كالعنف وتعدد الزوجات والحياة الندية التشاركية وزواج القاصرات وغيرها.

في بداية شهر تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2023 أجرى مركز أبحاث ودراسات الجنولوجيا بحث وتحليل عن ظاهرة العنف وتضمن أسبابه وأشكاله وتأثيراته على الصحة النفسية والجسدية للنساء، وحول ذلك قالت الناطقة باسم المركز بمدينة كوباني بمقاطعة الفرات صديقة خلو "يعتمد عملنا على إجراء الأبحاث والدراسات الموسعة من الناحية السيسيولوجية والفلسفية والثقافية، ففي البحوث يجب اختيار المجال والفترة الزمنية المناسبة لإصدار النتائج وذلك بحسب احتياج المجتمع والمرأة للمجال، أما الدراسات التي نقوم بها فيجب أن تهدف بالمقام الأول لحل بعض القضايا العالقة وبشكل خاص تلك التي تعرقل تقدم المرأة".

وعن سبب اهتمام المركز بالبحث والتوسع في ظاهرة العنف ضد المرأة قالت "في أي عمل نقوم به يجب أن تكون هناك أسباب مقنعة وعلى الرغم من نضال وكفاح المرأة بعد ثورة المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا لا زالت ظاهرة العنف ضدها مستمرة حتى لو كان عدد الشكاوى قليل، وقد لمسنا ذلك من خلال عملنا ووجدنا أن العنف في مناطقنا متفشي وبشكل واسع ووصل في بعض حالاته للقتل أو إقدام الضحية على الانتحار، ما أجبرنا في الآونة الأخيرة على التوسع في بحث ظاهرة العنف على نطاق مقاطعة الفرات".

كما تطرقت لأبرز أشكال العنف المنتشرة في المنطقة بقولها "هنالك أشكال مختلفة من العنف الجسدي الممارس بحق النساء والفتيات كالضرب باليد أو استخدام أي أداة بغض النظر عن خطورتها بالإضافة للعنف اللفظي أو النفسي، يمكن أن تتعرض المرأة لكل أشكال العنف من قبل الزوج أو الأب أو الأخ وأيضاً المجتمع، لذلك خلصنا إلى أن العنف يؤثر أولاً وبشكل مباشر على المرأة ومن ثم على المجتمع بشكل غير مباشر، فعندما تكون المرأة معرضة للعنف الجسدي أو النفسي في منزلها أو عملها أو مجتمعها سيكون كيانها وشخصيتها مدمرة والأمر الذي سيؤثر على تربية أطفالها ونفسيتهم أيضاً".

وأوضحت أنه "إذا استمرت ظاهرة العنف ضد المرأة بالتفشي يجب أن نسأل أنفسنا كيف سيكون مستقبلنا فعندما تكون المرأة معرضة للعنف في منزلها ومجتمعها وتعيش تحت وطأة الفكر الرجعي كيف سيكون مستقبل أبناءها؟، لذلك من أجل بناء مجتمع ومستقبل حر يجب قبل كل شيء وضع حد للعنف الذي تتعرض له النساء والفتيات وتحريرهن من أي فكر رجعي يحاول كسر إرادتهن وسلب هويتهن". 

وعن مضمون البحث والتحليل حول ظاهرة العنف ضد المرأة قالت صديقة خلو "تضمن التحليل أسباب وأشكال العنف ضد المرأة وكذلك عمرها، واعتمد بحثنا على قصص واقعية للنساء مع إجراء لقاءات ومحادثات مع هؤلاء النساء، وتم ذلك بالتعاون مع مراكز مختصة بالدفاع عن قضايا المرأة كدار المرأة ومنظمة سارا لمناهضة العنف ضد المرأة وقوى الأمن الداخلي الخاص بالمرأة"، مضيفةً "بعد الاستماع والتحليلات اتضح لنا أنه من أبرز أسباب تفشي ظاهرة العنف ضد المرأة هي سيطرة العادات والتقاليد البالية والذهنية الذكورية، وكذلك المفاهيم الخاطئة بحجة الدين التي ينتهجها المجتمع فقط لوضع المرأة تحت السلطة الذكورية، بدأنا في بداية شهر تشرين الثاني بهدف القضاء على ظاهرة العنف ضد المرأة وتحرير النساء من العادات والتقاليد البالية، بحثنا تضمن احصائيات عن نسب المعنفات، وهو بحث ميداني تم فيه الاعتماد على اللجنة الصحية التي وثقت حالات العنف وأشكاله مع تقييمها للحالات التي تمت معالجتها".

وحول نتائج البحث وتأثيره على المرأة والمجتمع قالت "مع بداية العام الحالي انتهى البحث المعني بظاهرة العنف وتوصلنا إلى أن العنف يمارس على المجتمع بشكل عام من قبل العادات والتقاليد وليس عادات المجمع وثقافته بل العادات الدخيلة التي انتشرت ضمن المجتمع بسبب اللاوعي، وتم تدوين النتائج على شكل محاضرة ليتم نشرها من خلال المحاضرات التوعوية والندوات الحوارية والملتقيات، بهدف القضاء على العنف الممارس بحق المرأة".

وفي نهاية حديثها أوضحت صديقة خلو أنه "بحسب نتائج الأبحاث والدراسات التي نعمل عليها ليس فقط في مقاطعة الفرات ولكن على مستوى إقليم شمال وشرق سوريا، نحن نستطيع الحد من ظاهرة العنف ضد المرأة لكننا بحاجة لفترة زمنية طويلة، لأن المجتمع الذي يعيش على أساس العادات والتقاليد لن يتقبل فكرة التخلي عن تلك العادات بعام أو عاميين"، مؤكدةً أن "المرأة قادرة على جعل المجتمع يتخلى عن تلك العادات بفكرها من خلال رفع مستوى الوعي وتعريف المجتمع بهويتها وحقيقتها وأهمية دورها في المجتمع والتضحيات التي تقدمها يمكن أن تضع حداً للعادات والتقاليد وبالتالي ستقضي المرأة  من خلال ذلك على العنف الممارس بحقها".