"الحق في الحياة" أول جمعية لرعاية مصابي متلازمة داون في غزة

تعمل جمعية "الحق في الحياة" على إدماج الطفل من عمر سنة وحتى 4 سنوات بالتعاون مع الأم، ومن ثم يتم تحويل الطفل لبرنامج المنتسوري وإعطائه جلسات علاجية فردية لعلاج النطق.

رفيف اسليم

غزة ـ تعتبر جمعية "الحق في الحياة" أول مؤسسة فلسطينية غير حكومية - ربحية، تقدم مساعدتها للفتيات والفتيان المصابين بمتلازمة داون والتوحد داخل قطاع غزة، عبر أربعة برامج أساسية تبدأ بالتدخل المبكر وحتى الدمج في المجتمع، بهدف خلق فرص عمل لتلك الفئة وجعلها قادرة على أن تستقل اقتصادياً.

لجأت أروى العطل وهي أم لطفل مصاب بمتلازمة داون، لجمعية "الحق في الحياة" ليتم تقديم الخدمات النفسية لها ولطفلها، ومن ثم الأنشطة التدريبية والعلاج الطبيعي وغيرها ليستطيع التعرف على الحياة التي يستعد لاستقبالها، وعن ذلك تقول إن الطفل المصاب بمتلازمة داون يكون لديه تأخر على صعيد الإدراك والحركة لذلك يجب التعامل معه بشكل خاص ليستطيع الجلوس والمشي والدخول إلى رياض الأطفال.

ولم تخفي أروى العطل أن أكثر ما كان يرعبها هو عدم إمكانية تقبل المجتمع لطفلها وكيفية حمايته من أي أذى نفسي أو جسدي من الممكن التعرض له دون أي ذنب قد يكون اقترفه، لذلك كانت تخشى الخروج من المنزل برفقته، لتتفاجأ مع مرور الوقت أن الجميع يحبه، مضيفة أنه التدريبات ساعدته على تجاوز الخوف والبقاء وحيداً من خلال دمجه مع بقية أطفال جيله خلال اللعب.

 

 

بدورها قالت أخصائية تنمية القدرات نضال الأسود، أنه يتم استقبال الأطفال في برنامج التدخل المبكر من سن شهرين وحتى 4 سنوات، حيث يأتي بقدرات ضعيفة ومن ثم يتم تعليمه الوقف والزحف والمشي والصعود على الدرج من خلال برامج مخصصة ولأعمار متفاوتة حسب قدرات الطفل، بالإضافة إلى تهيئة الأم كي تكون معلمة طفلها عبر عدة جلسات متعددة للأم لتصبح قادرة على أداء تلك المهام بشكل مهني صحيح.

وأوضحت أن البرنامج ينقسم لخمس مجالات تعليمية، منها مجال المخالطة الاجتماعية كي يندمج مع أقرانه في المجتمع متعلم السلام والترحيب وطرق الباب والتعبير عن الفرح، السعادة، الامتان، والمجال الإدراكي لتنشيط الحواس عبر المجسمات ورسم خطوط للتعرف على الصور المألوفة، ومجال اتصالي من نطق وإيماءات وجه، ومساعدة ذاتية ليخدم الطفل نفسه بنفسه كي يتعلم كيف يقضي كافة حاجاته، وأخيراً المجال الحركي الذي يهتم بالعضلات الدقيقة.

وبينت نضال الأسود، أن هناك تفاوت في تجاوب الأمهات مع علاج الحالة، فهناك من تفقدن الأمل بالمقابل البعض منهن لا يفوت مواعيد الجلسات مهما كانت ظروفها، لافتةً إلى أنها دوماً تنصح الأمهات بأن يتركوا أطفالهن للتحرك والشراء من البقالة القريبة من المنزل أو اللعب مع الأطفال كي يتعلم الاعتماد على نفسه ومن ثم يتم دمجه في برنامج التعليم الذي يحوي منهاج خاص بهم وفي حالة تطور الطفل يلتحق بالتعليم في مدارس الدولة عبر دمجه مع أقرانه الأصحاء.

 

 

من جانبها أوضحت أخصائية علاج النطق فاطمة دغمش، أنه يتم إدماج الطفل من عمر سنة وحتى 4 سنوات بالتعاون مع الأم التي يقع على عاتقها متابعة حالة طفلها في المنزل أيضاً، ومن ثم يتم تحويل الطفل لبرنامج المنتسوري وإعطائه جلسات علاجية فردية لعلاج النطق عبر خطة مخصصة لكل طفل على حدا كي يتم متابعة تطورات الحالة والتدخلات اللازمة.

ويتميز برنامج المنتسوري وهو عبارة عن منهج تعليمي موجه نحو الأطفال، بتوفير بيئة معدة ومرتبة وبسيطة وحقيقية وذات مظهر ممتع للتعلم، فكل عنصر في البرنامج موجود لسبب معين يساعد في تعليم ونمو الطفل.

وبينت أنه من الصعوبات التي تواجهها خلال عملها مع أطفال متلازمة داون اختلاف القدرات ما بينهم وتفاوتها بشكل كبير في بعض الأحيان، وعدم تعاون بعض الأمهات في تطبيق الأهداف في المنزل لسهولة إنجازها، موجهة نصيحة للأمهات أن عليهن بالصبر لأن الطفل قد يستغرق وقت كبير في تخزين الكلمات والمصطلحات ربما يحتاج الأمر لعشرات المرات كي يفصح عما تعلمه خلال الجلسة.

 

 

وقالت مديرة جمعية "الحق في الحياة" عدالة أبو ستة، أنها أسست تلك الجمعية كونها خاضت تجربة أن تكون أم لأحد أطفال متلازمة داون، وواجهت عدة صعوبات فاتخذت على عاتقها مساعدة الأمهات اللواتي رزقن بأطفال مصابين، وبالفعل تم تأسيس الجمعية لتكون منارة لهن وترشدهن إلى الطريق الذي سيخفف من وطأة معاناتهن.

ولفتت إلى أنه تم تأسيس الجمعية بمساعدة تسع نساء شكلن الهيئة التأسيسية لتنطلق نشاطات الجمعية بشكل رسمي في عام 1993، لخدمة أطفال متلازمة داون، مشيرةً إلى أنه في عام 2006 ازدادت أعداد الأطفال المصابين بمرض التوحد، لذلك تم إنشاء مبنى فلسطين التخصصي للتوحد كي يقدم خدماته إلى ما يقارب 130 طفل.

وبينت عدالة أبو ستة، أن الجمعية قد اتخذت على عاتقها أن تُخَرج الشاب/الفتاة كعضو فاعل في المجتمع يستطيع كسب مردود مادي من خلال كده/ا، لذلك قسمت الجمعية مراحل العلاج لـ 6 مراحل، منها مرحلة التدخل المبكر وتبدأ من عمر يوم وحتى 4 سنوات، وبرنامج رياض الأطفال المستمر لعمر 8 سنوات، ومدرسة التربية الخاصة للأطفال، وبرنامج ما قبل التأهيل المهني، وبرنامج التأهيل المهني، وأخيراً برنامج التشغيل الخارجي وخلق فرص عمل مؤقتة للأفراد المصابين.

ولم تنكر عدالة أبو ستة، أن الجهل والثقافة وعدم تقبل الأم أو الأب وتحمل مسؤولية ذلك الطفل هي سبب رئيسي في تأخر شفاء الحالة، لافتة إلى أن العلاج يبدأ من أفراد الأسرة عبر جلسات العلاج والدعم النفسي مع حالات مشابهة ويجب أن تكمل هي في المنزل أداء المهمة المنوطة بها بالمتابعة والتدريبات وصولاً لحالة التحسن المرجوة.