الهجرة... طريق محفوف بالمخاطر
وصفت ناشطات يمنيات الوضع الراهن في البلد بالمزري، وترين أن أغلب العائلات والشباب/ات يرغبون في الهجرة، وذلك بسبب تردي الحياة المعيشية والحرب المستمرة منذ عام 2015.
رانيا عبدالله
اليمن ـ دفعت الظروف المعيشية بعد سنوات من البطالة وخطورة العيش في ظل الصراع الدائر في البلاد، كلا الجنسين ومن مختلف الفئات العمرية إلى خوض رحلات مميتة عبر البحار أو المعابر الحدودية البرية التي تقابلها إجراءات أمنية مشددة للحد من محاولات الهجرة غير الشرعية.
الموت على الحدود
يفكر أغلب اليمنيون في الهجرة للحصول على عيش كريم وحياة آمنة، فالحرب التي اندلعت في عام 2015 كانت كفيلة بسحق ما تبقى من أمل، وحطمت كل سُبل الحياة التي يرجوها أي إنسان على وجه هذه الأرض، ومن لم تُتاح لهم الطرق القانونية والشرعية للهجرة، فيسلكون الطرق الغير شرعية للهجرة عبر مهربين وسماسرة، ما يسبب لهم العديد من الحوادث والانتهاكات والعنف من قبل جنود الحدود والاستغلال من قبل المهربين، والوفاة أحياناً على الحدود دون الوصول إلى الحلم.
ففي عام 2021 توفي شابان وأصيب ثلاثة أخرين بنيران الشرطة البولندية على حدود بلاروسيا، وفي مطلع شهر تموز/يوليو 2023 أعلنت السفارة اليمنية في وارسو وفاة الشاب مجاهد مسحن الحويسك الذي عثر على جثته في النهر الحدودي الفاصل بين بيلاروسيا وبولندا، أثناء محاولته عبور النهر للوصول إلى أوروبا.
وضع البلد المتهالك
ناشطات يمنيات يصفن الوضع الراهن في البلد بالمزري، وترين أن أغلب العائلات والشباب/ات يرغبون في الهجرة، وذلك بسبب تردي الحياة المعيشية والحرب المستمرة منذ عام 2015.
ترى الناشطة الاجتماعية نوره منصور نعمان أن عدد المهاجرين في الفترة الأخيرة سواءً من الرجال أو النساء قد زاد بسبب وضع البلد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، مما أدى إلى هجرة أغلبية الشباب من كل الفئات العمرية عبر الانهار والبحار، فالتفكير بالهجرة من قبل بقية الشباب المتواجدين داخل اليمن عامة وخاصة تعز، يعود لانعدام فرص العمل والبطالة والوضع الأمني المتدهور وانقطاع الرواتب.
وأضافت "يواجه الشباب صعوبات ومخاطر على الحدود لمحاولة الوصول إلى الدول الأوروبية أو الدول الخليجية مثل السعودية وقطر وغيرها بسبب قلة فرص العمل والفرص التعليمية والبحث عن الاستقرار الاقتصادي والمعيشي".
من جهتها ترى أمل المجاهد أن أسباب الهجرة هي طول فترة الحرب ما دفع الشباب للهجرة إلى خارج اليمن بطريقة شرعية أو غير شرعية "عدد من الأسر اليمنية كان لها دخل مستمر ومشاريع وبسبب الحرب والوضع الاقتصادي خسروا مشاريعهم وأعمالهم فاضطروا أن يتركوا بلدهم ويهاجروا خارج اليمن، كما أن بعض الأسر والشباب لم يستطيعوا تحمل تكاليف الهجرة والدخول بطريقة رسمية بفيزا فاختاروا السفر بالهجرة غير الشرعية عبر سماسرة للدخول إلى دول أوروبية مثل هولندا ونجد بعض الأسر والنساء وأطفال لا يحالفهم الحظ فيقعون بمخاطر التعذيب والاعتقال والاضطهاد من جنود في تلك الدولة، بعضهم يتوفون بالإضافة إلى عدم تفاعل الحكومة اليمنية مع العالقين في تلك الحدود ولا توجد معالجات سريعة لحل مشاكلهم مما يودي إلى ضياع قضية المهاجرين غير الشرعيين، وتنتهي قصتهم، وبعض الأسر وجهت مناشدات على مواقع التواصل الاجتماعي وطلب المساعدات للخروج من المأزق، لكن للأسف لم تتلقي اهتمام بالشكل المطلوب من الحكومة والجهات المعنية".
وقالت الناشطة المجتمعية مارسيليا العسالي "نحن نعيش أوضاع استثنائية في ظل مجتمع حقوقه مُنتهكة من جميع الجوانب، فهاجرت الكثير من الأسر وحصلت على اللجوء ولكن أغلبهم بطرق غير شرعية، فيتكبدون خلال فترة رحلتهم معاناة شديدة، وقد رأينا أسر يمنية وشباب عالقين على حدود الدول الأوروبية وكان الوضع مأساوي للغاية".
الحلم والتحديات!
كانت ليلى عبد الله تفكر بشكل دائم باللجوء إلى دول أوروبا هرباً من الحرب الدائرة في اليمن والفقر والعنف الأسري الذي كانت تتعرض له، فقررت مع شقيقتها السفر إلى مصر عام 2018 وبقين هناك لمدة عامين، وكافحن وعملن حتى تجمعن تكاليف تهريبهن إلى أوروبا.
قررت الشقيقتان السفر من مصر إلى تركيا، للوصول إلى المهربين، وواجهن خلال رحلتهن العديد من التحديات والصعوبات، منها بقائهن في الجبل وسط الصقيع والبرد، ونفاد الماء والطعام، الخوف والذعر وسط البحر، بالإضافة الى تعرضهن للاستغلال من قبل المهربين والنقض في وعودهم.
وصلت ليلى عبد الله وشقيقتها بعد معاناة طويلة الى وجهتها، لكن تظل أغلب الأسر والشباب الراغبين في الهجرة ضحايا للمهربين والسماسرة في عدد من الدول.
تقول أروى سعيد "فشل أخي عدة مرات من الوصول إلى أوروبا بعد محاولاته العديدة عبر سماسرة ومهربين، لكن المهربين انقضوا الاتفاق بعد أن خسر قرابة ١٠ ألف دولار، فاضطر للسفر إلى السعودية، واستقر هناك، بدون فيزة عمل، وهو حالياً يعمل في مطعم بشكل مجهول وراتب قليل".
وأضافت "كنا لا نفكر بالهجرة أو السفر خارج البلد، لكن بسبب الحرب، خسرنا المحل الوحيد الذي كان مصدر للرزق، وأصبحت الحياة صعبة للغاية، فقرر شقيقي الهجرة للبحث عن مستقبل أفضل".