الحجاب بالإجبار والخلع ليس مجرد قرار

"مبروك" بهذه الكلمة يتم تهنئة الفتيات في المجتمع المصري عند ارتداء الحجاب سواء كان القرار برغبتها أو رغماً عنها ولكن عند خلع الحجاب تبدأ رحلة من المعاناة بالتنمر وتنتهي بالعنف الأسري والاعتداء البدني

نيرمين طارق
مصر ـ .  
تتعدد قصص إجبار الفتيات على ارتداء الحجاب فقد تكون لاعتبارات دينية أو لمجرد الخوف من كلام الناس أو عملاً بمبدأ هذا ما وعينا عليه وكبر عليه أجدادنا، وأحياناً تكون الفتاة مقتنعة به أو متأثرة بمن حولها أو تحاول تقليد بعض الفنانات والإعلاميات والمشاهير، إلا أن قرار التخلي عنه ونزعه يعود للعائلة والمجتمع، فمجرد طرح الفكرة يحدث جدلاً كبيراً.
تقول شيرين يونس (31) عام من مدينة طنطا "قررت خلع الحجاب منذ عامين ولم تعترض والدتي بل قالت بأنها في فترة الستينات كانت تسير هي وشقيقتها في الشارع بفستان قصير، كنت سعيدة جداً بردة فعلها ولكن فوجئت بأخي الأكبر الذي يعيش في الإسكندرية وحضر خصيصاً لهذا الأمر، قام بشدي من شعري وحاول قصه لولا تدخل والدتي، علم بخلعي للحجاب من جارنا الذى يعد أقرب أصدقائه وهدد والدتي بقطع المساعدة الشهرية التي يرسلها لنا بعد وفاة والدي إذا صممت على قراري، وعدت لارتدائه مرة أخرى فنحن نعتمد مادياً على مساعدة أخي".
السب 
مها عادل (25) عام من حي شبرا الخيمة بالقليوبية "ارتديت الحجاب لأني تعرضت لتنمر شديد أثناء الطفولة بسبب خشونة شعري وكانوا يصفوني في المدرسة بالبنت الكارتة (شعرها خشن) وكنت محل سخرية من كل بنات العائلة وعندما أخبرت والدتي بما يقولونه فكان ردها، لقد قالوا الحقيقة فشعرك خشن مثل جدتك، فتعرضت للتنمر من قبل والدتي أيضاً، كان عقابها لي عند أي خطأ ارتكبه هو شدي من شعري؛ لذلك بعد التخرج وعند حصولي على أول راتب ذهبت لمركز التجميل وقمت بفرد شعري باستخدام البروتين وعدت من  مركز التجميل دون الحجاب الذي ارتديته لإخفاء شعري الخشن وكنت في قمة السعادة أثناء عودتي؛ فلأول مرة شعري مفرود على ظهري ولكن عند دخولي المنزل تعرضت للسب من والدتي واتصلت بخالي الذى جاء خصيصاً لضربي وقال لي إنه لن يسمح لأحد أن يقول أن بنت أخته انحرفت لان البيت لا يوجد فيه رجل؛ بعد وفاة والدي، فعدت لارتدائه ولكني لم أشعر بالسعادة إلا عندما كان شعري مفرود أمام الناس في الشارع الذي وصفني فيه بناته بالبنت الكارتة".
المراقبة
تقول جهاد عبد العال (30) عام من مدينة نصر بالقاهرة "بعد خلعِ الحجاب كان زملائي في العمل يقولون أن هدفي هو البحث عن عريس والبعض منهم توقفوا عن الحديث معي، وشك جميع أفراد اسرتي في سلوكي، فبدأ والدي بتفتيش هاتفي بشكل يومي وشقيقي الأصغر كان ينتظرني أمام مقر عملي يومياً ولفترة طويلة كنت ممنوعة من الخروج مع أصدقائي، ولكن مع الوقت تقبلوا الأمر، إلا أني تعرضت للتنمر لفترة طويلة".
طلاق والدتي
نيفين محمود (27) عام من حي الزاوية الحمراء بالقاهرة "طرح فكرة خلع الحجاب في المنزل لم تكن واردة فوالدي هو من جعلني ارتديه بالإجبار عندما كان عمري 14، وكان يحاول إقناعي بارتداء النقاب، لكني قررت في نفسي أن أخلعه خارج المنزل دون معرفة الأسرة، ولكن في إحدى المرات لمحني عمي مع صديقتي بدون الحجاب وأخبر والدي الذي قام بقص شعري بعد تكتيفي بمساعدة شقيقي وعمي، وطلب من والدتي الذهاب لبيت والدها لأنها فشلت في تربيتي، بقيت والدتي بعيدة عن البيت لمدة شهر وأخبرني والدي أن طلاق والدتي سيكون قراره الوحيد إذا فكرت في خلع الحجاب مرة أخرى، لذلك عدت لارتدائه خوفاً على والدتي وحالتها الصحية والنفسية؛ فإنا لدي القدرة على تحمل الضغط النفسي الناتج عن ارتدائه بالإجبار ولكن سن والدتي لا يتحمل المعاناة والضغط، ولا استطيع التمسك بقرار خلع الحجاب والبعد عن الأسرة".
الفصل من العمل 
ميادة حسين (26) عام من حي المطرية بالقاهرة "واجهت والدي برغبتي في خلع الحجاب الذى ارتديته وأنا في الصف الثاني الثانوي بعد إلحاح من المعلمات في المدرسة، كان والدي ضد القرار في البداية ولكنه شعر بقلق عندما اخبرته أن هناك فتيات خلعوا الحجاب خارج المنزل دون علم أفراد أسرتهم، وافق والدي بعد إلحاح خاصة أن المنزل يعتمد على راتبي بشكل كبير، ولكن المشكلة هذه المرة كانت في جهة العمل فأنا معلمة في إحدى مدارس البنات الخاصة، فعندما ذهبت للعمل أخبرني مدير المدرسة أن المعلمة هي قدوة لكل الفتيات ووجودي بدون حجاب غير مقبول فتركت العمل وذهبت للتدريس في إحدى المدارس الدولية فهناك الغالبية من المعلمات بدون حجاب ولكن لم أسلم بالطبع من التحرش في المنطقة الشعبية التي أعيش فيها فلا يوجد في الحي بنات بدون حجاب سوى المسيحيات".
الزواج بالإجبار 
رانيا عبدالله (21) عام من حي عين شمس بالقاهرة "أجبرني والدي عندما كنت في الصف الثالث الإعدادي وشقيقاتي أيضاً على ارتداء الحجاب عندما علم أن أختي الكبيرة تعرضت للتحرش من قبل أحد شباب الحي الذي نقيم به، وبعد وفاة والدي بعام قررت أن أخلع الحجاب دون تردد فكان لدي رغبة في خلعه منذ سنوات ولكن القرار كان شبه مستحيل عندما كان والدي موجود، بعد خلعي له شاهدني عمي وقام بالاتصال بخالي وأخبره أن والدتي فقدت السيطرة علينا بعد وفاة والدي مع العلم أن عمي لم يتصل بنا مرة واحدة بعد وفاة والدي وأستولى على كل ميراثنا بالاتفاق مع جدي، أتى خالي وهددني بالزواج بالإجبار بسبب إصراري على خلع الحجاب ولكني لم استجب للتهديدات فأنا أعيل نفسي وأخبرتهم بأن ترك المنزل والاستقلال قد يكون نتيجة تدخلهم في حياتي الشخصية وشجعتني والدتي على ذلك، عندما قطعت الاتصال بخالي".
ويبقى الجدل قائماً .... لمن يعود قرار ارتداء أو خلع الحجاب  للأب أم الأخ أم المجتمع أم يجب ترك القرار للفتاة التي يخصها الأمر؟