الفعاليات مختلفة في الـ 8 آذار هذا العام... غزة بدون احتفالات
أكدت فدوى عبد الله، أن التعايش مع الواقع الحالي يتطلب من النساء رغبة في التعافي والتنسيق مع المؤسسات لتحسين الخدمات المقدمة لهن في الوقت الحالي، فالأمر يبدأ باعتراف المرأة بحاجتها للتعافي والاستمرار في مواصلة الحياة.

رفيف اسليم
غزة ـ يشهد الثامن من آذار في قطاع غزة هذا العام بعد حرب طاحنة دمرت الحجر، والشجر، والبشر وأعادت بالنساء لأعوام عديدة ماضية، مما دفع المؤسسات النسوية في هذا العام إلى الاكتفاء بتقديم خدمات الدعم النفسي والإغاثي خلال هذه المناسبة، مع تذكير النساء بأهمية العودة لما كن عليه قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر لعام 2023.
فدوى عبد الله منسقة مشروع "أصوات النساء" الذي يقوده مركز الإعلام المجتمعي، أفادت أن هذا العام يطل الثامن من آذار من بين الركام والدمار، وبعد إبادة جماعية عايشتها النساء لما يقارب العام وثلاثة أشهر، محملة إياها العديد من الأعباء نتيجة الفقدان السياسي والاقتصادي والاجتماعي والنزوح المستمر، والعيش بدون أبسط مقومات الحياة.
ونوهت إلى أن الثامن من آذار يأتي للاحتفال بإنجازات النساء المختلفة وبأدوارهن، وبأعمال المؤسسات النسوية والجهود التي تبذلها من أجل تحسين مكانة المرأة في المجتمع، مشيرة إلى أن الحال في هذا العام اختلف لذا تركزت غالبية الجهود في تقديم خدمات تحسن الوضع الإنساني الذي تعيشه الفتيات والنساء في قطاع غزة.
وأوضحت أن غالبية الفعاليات التي ستطلقها المؤسسات النسوية في هذا العام هي فعاليات إلكترونية، وسيقدم مركز الإعلام المجتمعي مجموعة من القصص التي ستتحدث عن الانتهاكات التي تعرضت لها النساء في قطاع غزة سواء من قبل القوات الإسرائيلية، أو من خلال نتائج الحرب والإبادة المرتبطة بغياب النظام الحكومي الرقابي، وخضوعهن للنظام العشائري.
ولفتت فدوى عبد الله إلى أن الحرب غطت على الكثير من المشكلات التي تعرضت لها النساء، وعن معاناتهن، وربما العنف الذي تعرضن له بصمت طوال الفترة الماضية ولم يستطعن الحديث عنه لعدم وجود مكان آمن يستضيفهن، مبينةً أن بعض النساء أصبحن تتقبلن أشكال العنف كالعنف اللفظي والجسدي على سبيل المثال كونهن لا تملكن خيار آخر ولا تستطعن الدفاع عن أنفسهن.
وأضافت أن وقوع النساء تحت سيطرة المعيل غير المباشر بسبب اضطرار العائلات للعيش في أماكن النزوح، كان يضع النساء في أزمة حقيقة خاصة من لم تتعدى الخمسة وعشرون منهن وقد فقدت جميع أفراد عائلتها وتركت وحدها مما أدخلها في وضع نفسي صعب ومن ثم اقتصادي واجتماعي، وفرض عليها قيود من جميع أفراد العائلة الذكور.
وأكدت أن هذا الأمر لم تكن لتتقبله المرأة الفلسطينية أو تتعايش معه لكن ظروف الحرب واضطرارها للبقاء والمبيت في الشارع جعلها تقبل أوضاع ربما تمتهن كرامتها، خاصة في ظل عجز تقديم الخدمات المناسبة كالاستضافة والرعاية التي كانت تقدمها المؤسسات النسوية بغزة ما قبل الحرب.
ويعد تذكير المرأة بحقوقها جزء من مرحلة تعافيها ما بعد انتهاء الحرب في قطاع غزة، كون الحروب والصراعات ينتج عنها الكثير من التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تؤثر على مكانة المرأة، فإعادة تفكير النساء بحقوقهن هو مهم وضروري لتعايشهن وتحقيقهن التعافي بما يحقق قيامهن بأدوارهن.
ولفتت فدوى عبد الله، إلى أن فقدان العديد من النساء لمصادر رزقهن أفقدهن أمانهن وأدوارهن المختلفة في المجتمع، خاصة مع غياب إمكانية تلقيهن المساعدة في الوقت الحالي مما خلق فارق في شخصيات وحياة العديد من النساء الفلسطينيات، فبات من المهم العمل على جانب التمكين الاقتصادي ولو بأبسط الإمكانيات.
ويواجه المركز العديد من الصعوبات أبرزها الفصل الذي ما زال يمارس ولو بشكل غير مباشر بين الشمال والجنوب، واتساع الفئات التي هي بحاجة لتقديم المساعدات لها، عدا عن غياب الإنترنت والحاجة الملحة له في تحديث قاعدة البيانات بشكل مستمر ودوري، وأخيراً ارتفاع أسعار المواصلات بشكل خيالي مما يفرض قيود على الحركة والتنقل.
وفي ختام حديثها، أكدت فدوى عبد الله، أن التعايش مع الواقع الحالي يتطلب من النساء رغبة في التعافي والتنسيق مع المؤسسات لتحسن الخدمات المقدمة لهن في الوقت الحالي، فالأمر يبدأ باعتراف المرأة بحاجتها للتعافي والاستمرار في مواصلة الحياة، موجهة رسالة للنساء وسط كل الدمار الذي تعيشه غزة "جميل أن يكون هناك الثامن من آذار كي تدعم النساء بعضها البعض في تحقيق المزيد من الإنجازات ولو كانت بسيطة".