الضرب والعنف في مدارس إدلب ينفر الطلاب ويسهم في تسربهم

تتكرر مظاهر العنف والضرب في مدارس إدلب بشكل مستمر، وهي ليست وليدة المرحلة وإنما كانت وما زالت موجودة منذ زمن وإن كانت في المرحلة الحالية أشد وطأة على حياة الطلاب الذين عانوا الحرب والضغوطات النفسية والنزوح لسنوات

سهير الإدلبي
إدلب ـ .
لم يعد الطفل حسام الحايك (٩) سنوات يرغب في الذهاب إلى مدرسته الواقعة في إدلب المدينة بعد تعرضه للضرب من قبل معلميه وزملاؤه في المدرسة.
يقول حسام الحايك والدمعة في عينيه "لا أحب المدرسة ولا أحب المعلمين ولا الطلاب ولا أي أحد، كلهم يعاملونني بطريقة سيئة".
حاولت والدته وتدعى نور الحايك (٣٠) عاماً أن تقنعه بالعودة إلى المدرسة مراراً وتكراراً ولكن دون جدوى، فهو يرفض وبشكل قاطع الذهاب، ويهددها بالهروب من المدرسة إن حاولوا إجباره على العودة.
تقول نور الحايك مبرزة خوفها على مستقبل ابنها "لا أدري ما السبيل الذي يمكن معه إعادة حسام إلى الدراسة، فهو راح يكره المدرسة بشكل لا يمكن تصوره وخاصة بعد تعرضه للضرب والتعنيف من قبل معلمه".
وتضيف أنها ذهبت إلى المدرسة وحاولت الاستفسار عن سبب ضرب حسام الذي دفعه في نهاية المطاف لتوقفه عن الدراسة ولكنها لم تجد جواباً شافياً ولا أي اهتمام يذكر من قبل إدارة المدرسة بالأمر، رغم أهمية ذلك وارتباطه بمستقبل طفل ساهموا بطريقة أو بأخرى بإبعاده عن مقاعد الدراسة باستهتارهم، وما كان من الأم إلى العودة خالية الوفاض يائسة من أي حل يمكن معه إقناع طفلها بالعودة إلى المدرسة من جديد.
نور الحايك لا تلوم حسام على كرهه المدرسة بعد ما لاحظته داخلها من فوضى وازدحام وتدافع الطلاب على السلالم وضربهم بعضهم بعضاً على مرأى من أعين الموجهين والمشرفين والمعلمين دون أن يحركوا ساكناً وكأن الأمر "أقل من عادي"، لتقع النتائج السلبية على عاتق الأطفال الأضعف والذين لم يجدوا من ينصفهم ويدافع عن حقهم بالحصول على التعليم بأمان وبعيداً عن كل مظاهر العنف والضرب والتنمر على حد وصفها.
لم يقتصر انتشار الضرب في المدارس على إدلب المدينة وحسب وإنما امتد ليشمل كامل المنظومة التعليمية والمدارس الموزعة في المخيمات دون أن يكون هناك سبيل للحد منه أو حتى التخفيف من تبعاته.
المعلمة رفاه الحنيني (٢٨) عاماً ضد فكرة ضرب الأطفال سواءً كان ذلك في المنزل أو المدرسة مهما أخطأ الطفل، ذلك أن للعنف تأثير سلبي على حياة الطفل فهو يعزز شعوره بالخوف والظلم ويزعزع ثقته بالآخرين في الوقت نفسه.
وتشير إلى أن الطفل ممكن أن يكره الوسط المحيط ما يشكل له اضطرابات نفسية مستقبلية، عدا عن التسبب بالأذى النفسي والجسدي وانعكاس الأمر على طريقة تفكيره وتعامله العدواني مع الآخرين.
إضافة إلى تأثير الضرب والعنف المباشر على قدرات الطفل المعرفية وقابليته للتعليم ونفوره المحتم من المدرسة وتعرض مستقبله الدراسي للخطر.
ومن هنا تشدد المعلمة رفاه الحنيني على الاتجاه لطرق أخرى في التعامل مع الأطفال كالتنبيه والتوعية وتعليمه الالتزام والانضباط عن طريق الحوار والنقاش ويمكن أن نمنع عنه أشياء يحبها لفترة مؤقتة مثل اللعب ليصبح أكثر تفهماً لأخطائه وإصلاحها بشكل تلقائي بعيداً عن الضرب والعنف والتنمر.
ووفقاً لاتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل تصف الأمم المتحدة الضرب وكل أشكال العنف الجسدي والعقلي بأنها انتهاك لحقوق الطفل بحسب المادة (١٩) من الاتفاقية التي تشير المادة (٢٨) منها إلى ضرورة اتساق الانضباط المدرسي مع "الكرامة الإنسانية للأطفال".
ويواجه الأطفال في إدلب ظروفاً قاسية تتراوح بين الفقر والنزوح ونقص الاحتياجات، أمام دعم إغاثي خجول يسعى لسد الرمق، بالإضافة إلى انخفاض الدعم المقدم لسير العملية التعليمية في الشمال.
وتراجع أيضاً تصنيف التعليم كأولوية أمام بروز حاجات ملحّة، كتأمين مخيمات ومساعدات غذائية ودوائية ولقاحات في ظل تفشي فيروس كورونا.