الضغوطات والعنف النفسي يقتل المرأة أكثر من العنف الجسدي

تحدت فاطمة محمد الذهنية الذكورية والعقلية العشائرية لدى أهالي منطقتها وشقت طريقها في الاعتماد على ذاتها وإثبات نفسها بدلاً عن الرضوخ للعادات والتقاليد البالية.

فيدان عبد الله

الشهباء ـ الذهنية الذكورية فرضت العنف بعدة أشكال على النساء، بالإضافة إلى سيطرة مرتزقة داعش التي دعمت هذه الذهنية وتسببت في تفاقمها.

فاطمة محمد من أهالي قرية أم الحوش في مقاطعة الشهباء بشمال وشرق سوريا تبلغ من العمر 23 عاماً، كان لها نصيب كبير من العنف الجسدي والنفسي في طفولتها التي حرمت منها أساساً، لتصبح بعمر الطفولة أم لطفلان وبينما لم تستوعب كل ما جرى فقدت زوجها، ولكنها اختارت طريق التحلي بالإرادة والعزيمة القوية.

تقول فاطمة محمد "حياتي مليئة بالمتاعب، مررت بالكثير من المراحل العصيبة، تزوجت عندما كان عمري 14 عاماً، كان هذا بعد دخول مرتزقة داعش على منطقتنا، ولم يؤخذ رأيي بعين الاعتبار"، مضيفةً "أكثر الفتيات اللواتي تزوجن في عمري انفصلن بعد مده قصيرة من الزواج، ولأسباب عديدة أهمها عدم وعيهن الكافي، فيما أصبحن أمهات يتحملن مسؤولية كبيرة وهن طفلات بالحقيقة"، متسائلة "كيف يمكن أن يربي طفل طفلاً آخر؟".

لم تعش فاطمة محمد حياتها كباقي الفتيات "لم استمتع بطفولتي، ولا شبابي، ولا حتى بعد زواجي، بعد مرور أشهر أختطف زوجي على يد مرتزقة داعش وسجن أكثر من 6 أشهر، ولم أكن التقي به سوى مرة أو مرتين في السنة، بعد 5 سنوات من زواجي قتل زوجي بقذيفة الاحتلال التركي. عانيت كثيراً قبل وبعد الزواج من الصعوبات التي فرضتها علي الحياة بعمر الطفولة والشباب، وأن أحمل مسؤولية أكبر من عمري".

ولم تنتهي الظروف الصعبة والتجارب الأليمة على فاطمة محمد وإنما وبعد وفاة زوجها ازدادت المسؤوليات وتعرضت للكثير من العنف النفسي نتيجة سيطرة المجتمع والعادات والتقاليد البالية "أقوال المجتمع لا ترحم خاصة بعد وفاة زوجي بكوني أصبحت أرملة، فلم يعد بإمكاني الخروج، ولا العمل، وكل شيء أفعله محسوب علي، ويفسر على مزاجهم، لكنني استطعت بعد كل تلك الضغوطات أن أتحلى بالقوى والعزيمة، ورفضت العادات والتقاليد التي فرضت علي أن أتزوج مرة أخرى وأترك أطفالي، وبعد تحرير الشهباء من المرتزقة، كان أهل المنطقة ينظمون أنفسهم بالكومينات، ومجالس الإدارة الذاتية وفق مشروع الأمة الديمقراطية، فخرجت من قوقعة المنزل وأحكام الذهنية الذكورية، وشققت طريقي لوحدي، من خلال التنظيم والتدريب، وتطوير شخصيتي بفضل ما قدمته لنا الإدارة الذاتية، واستطعت أن أقف في وجه كل من يريد أن يهمش شخصيتي".

تعتبر فاطمة محمد مثال للمرأة الساعية وراء التنظيم الذاتي، ومثالاً للام المتمسكة بأبنائها ورعايتهم، ومنذ أكثر من 5 أعوام أصبحت عضو مثابر وفعال في مجلس الإدارة بمقاطعة الشهباء.

وفي ختام حديثها قالت "لست نادمة على الخطوات الجريئة التي خطيتها بوجه المجتمع، فلقد استطعت أن أكسب هذه القوة بفضل المؤسسات النسائية في الإدارة الذاتية، فقد كان لها الدور الكبير على حياتي وحيات الكثير من النساء المهمشات، فاليوم نساء الشهباء ونساء شمال وشرق سوريا كافة لم يعدن يصمتن أمام الانتهاكات التي تمارس بحقهن، أصبحن يرفضن العنف، ويطالبن بحقوقهن المشروعة بدون خوف أو تردد".