البن اليمني "موكا" هل سيعود مجده على أيدي النساء؟
شهدت زراعة البن التي تعد مورداً اقتصادياً لليمن، انخفاضاً كبيراً في الآونة الأخيرة، نتيجة الظروف المناخية.
رانيا عبدالله
اليمن ـ يعمل مزارعو اليمن على استعادة المكانة العالمية للبن اليمني الذي هيمن على العالم طيلة ثلاثة عقود من الزمن بسبب جودته العالية كونه ينمو في تضاريس جبلية تمنحه مذاقاً مميزاً، لكن الاهتمام بإنتاجه تضاءل مؤخرًا بفعل عدة عوامل، وعلى الرغم من الركود الذي أصاب زراعته، إلا أن البلاد تشهد مبادرات شعبية كبيرة في الآونة الأخيرة لمحاولة استعادة المكانة العالمية للبن اليمني.
يعتبر اليمن الموطن الأصلي والأول لشجرة البن، بحسب دراسة للباحثة أروى عبدالله الخطابي، في ورقة بحث بعنوان "تجارة البن اليمني"، وتنتشر زراعته في مناطق متعددة من اليمن منها بني مطر وحراز، وبني حماد وبعض قرى تعز، ومديريتي الحيمة الداخلية والحيمة الخارجية غربي العاصمة صنعاء، بالإضافة إلى منطقتي بُرع في محافظة الحديدة غرباً.
ورغم أهمية البن اقتصادياً الا أن زراعته تتراجع أمام زراعة شجرة القات، ونتيجة للظروف المناخية ايضاً التي أثرت على معظم الأراضي الزراعية، وعدم اهتمام وتشجيع مزارعو/ات شجرة البن، وتقديم الخدمات التي تجعلهم يستمرون في زراعته من قبل وزارة الزراعة والري.
نساء تزرعن البن
تقول آمنة قاسم إحدى المزارعات في قرية بني حماد "تراجعت زراعة البن بسبب شح المياه الجوفية، وندرة هطول الأمطار، وأصبحنا نجني القليل من محصول البن مقارنة بالأعوام السابقة".
وترى أن أهم الحلول لتحسين زراعة البن لجني محصوله، وتصديره إلى الخارج هو توفير المياه، وذلك عن طريق إنشاء خزانات لتخزين مياه الأمطار لتصبح جاهزة لري شجرة البن، والاعتناء بالأشجار من خلال محاربة الحشرات الضارة بالشجرة، وتوفير المعدات وتأهيل وتدريب المزارعين والمزارعات "نحن النساء نهتم بزراعة نبة البن منذ بداية زراعتها إلى جني ثمارها بعد أن تصل إلى النضج المناسب، وتجفيفه ومن ثم تقشيره وتنقيته".
ولأهمية شجرة البن واعتبارها أهم أمجاد اليمنيين تتمنى آمنة قاسم أن تصبح نصف الحقول مزروعة بالبن والنصف الأخر مزروع بالذرة، فبذلك سينهض حال البلد وستهدي الأرض أبنائها كل الخير إذا ما الاهتمام بها على حد قولها.
مليون شجرة بن
ورغم المشاكل التي تواجه المزارعين والمزارعات إلا أن زراعة البن بدأت بالعودة والتطور بشكل نسبي، ومن ضمن الأنشطة التي تعمل من أجل التوسع في زراعة البن وزيادة القدرة الانتاجية للبن اليمني، قامت جمعية بني سنان التعاونية الزراعية مطلع أذار/مارس ٢٠٢٣، على تدشين زراعة مليون شجرة بُن في محافظة تعز حتى عام ٢٠٢٥ من أجل العودة إلى "موكا" زراعة أشجار البن.
وأقام نادي البن اليمني في نهاية تشرين الأول/أكتوبر تحت شعار "غصن البن يعانق غصن الزيتون"، مهرجان البن اليمني بمدينة المخا الواقعة على ساحل البحر الأحمر والتي اشتهرت بتصدير القهوة منذ قرون، وقدمت خلاله العديد من أوراق العمل، منها ورقة عمل قدمتها عميدة مركز دراسات وبحوث تنمية المرأة بجامعة تعز الدكتورة إشراق هائل عن "دور المرأة في تحقيق تنمية زراعية وتسويق وتجارة البن في اليمن"، لإظهار الدور الاقتصادي والتنموي للمرأة اليمنية في زراعة وتجارة وتسويق البن، وتسليط الضوء على الدور الاقتصادي والتنموي للمرأة في زراعة البن وتجارته وتسويقه، وأهمية تفعيل دورها.
واستعرضت الورقة دور المرأة الاقتصادي والتنموي وكيف أثرت الحرب والتغييرات بعد ثورة 2011، والتي جعلتها أكثر كفاءة مع زيادة مشاركتها فيما يتعلق بالانخراط في مجالات الحياة وامتهان العديد من المهن التي كانت حكراً على الرجال، حيث كانت تعتبر عاراً في المجتمع اليمني، واندماجها في مجال الأعمال الريادية، وكيف أصبحت تلعب دوراً أساسياً في إدارة سلاسل قيمة البن، وكيفية تطوير هذا الدور بما يعزز من تمكين النساء اقتصادياً، ويعزز اللغة والقبول بمشاركة المرأة بالدفع بعملية التنمية المستدامة في البلاد.
وترى أنه على الرغم من تأثير النساء اليمنيات على جميع مراحل إنتاج البن اليمني بشكل عام، حيث تعتمد العمليات الزراعية في قطاع البن اليمني على النساء بنسبة 75% فإن التواجد يقل تدريجياً في مرحلة الانتاج إلى 70% بالانتقال إلى المرحلة الأخيرة في قطاع البن والتي تمثل العمليات التسويقية والإدارية حيث ينخفض تواجد النساء اليمنيات بشكل ملحوظ ويمثلن بالكاد 5%.
وأكدت إشراق هائل في ورقتها على الدور الكبير الذي تقوم به المرأة الريفية في مجال الإنتاج الزراعي وخاصة زراعة محصول البن وأهمية دمج خطط التنمية كمورد بشري ومشارك رئيسي في تنمية المجتمع اليمني على مستوى الريف والحضر وكذلك حث الهيئات والمنظمات ومشاريع التنمية والجهات الداعمة المختلفة بتكثيف وزيادة البرامج والمشاريع الداعمة للمرأة الريفية. وتحسين مستوى مهارتهن في مختلف الأنشطة الزراعية وخاصة فيما يتعلق بمحاصيل البن بتقديم الإرشادات والتدريب وإدخال الطرق والتقنيات الحديثة وتمكينهن من ملكية الأراضي وإدارتها، وتحسين المستلزمات الزراعية.
ومن أبرز التوصيات التي جاءت بها هي العمل على التوعية حول نتائج تحليل سلسلة القيمة للمختصين في قطاع البن لتمكين المرأة وتوفير فرص عمل لائقة للمرأة، ودعم الحكومة في تطوير استراتيجية قطاع البن فيما يتعلق بالتسويق والعلامات التجارية وتحديد الأسعار، كما تشدد الورقة على أهمية إصدار التشريعات المناسبة لإنتاج وتسويق البن من أجل حماية النساء وتشجيعهن على إنتاج البن الجيد وتمكينهن من ملكية الأراضي وإدارتها، وتقديم الارشادات والدعم المادي وتحسين المستلزمات الزراعية، والخدمات المالية.
ترويج وتوعية زراعته
وقالت الصحفية هنادي أنعم "يعتبر مهرجان البن حدث فريد من نوعه يقام سنوياً في بعض المحافظات اليمنية، ويساهم هذا المهرجان في الترويج للثقافة اليمنية والتراث اليمني، ويساعد ويساهم في الاقتصاد اليمني وتعزيز السياحة داخلياً وخارجياً وجذب السياح".
من جهتها قالت الإعلامية هناء جميل أن مهرجان البن اليمني مهرجان يتم إقامته كل عام من أجل نشر الوعي بأهمية زراعة البن اليمني، كونه من أهم الموارد للاقتصاد في اليمن سابقاً.
وترى أنه بسبب الوضع الذي تعيشه البلاد قل الاهتمام بزراعة شجرة البن فتنظيم مثل هذه المهرجانات يعيد للبن أهميته وخاصة المزارعين ويدفعهم للعودة إلى زراعة البن والاهتمام به، وهذا الاهتمام سيعود بالتأكيد باقتصاد عالي للمزارعين ولليمن بشكل عام.
وترى المحامية غزة السامعي أن مهرجان البن اليمني من أهم المهرجانات التي أقيمت في الفترة الاخيرة، فإقامته بهذا الوقت الراهن مهم ليعرف العالم بأن الوطن الاصلي لهذه الشجرة هي منطقة المخا، ومنها استمد الاسم موكا وهي كانت المخا المصدر الرئيسي للبن ذو الجودة العالية على مستوى العالم، وتم تصديره إلى جميع أنحاء العالم، وتأتي أهمية هذا المهرجان لتوعية الناس بأهمية هذه الشجرة وموطنها الأصلي.