البائعات المتجولات في مترو الأنفاق... مضايقات لا نهاية لها

تقول إحدى البائعات المتجولات في مترو الأنفاق، إن معاناتهن تضاعفت مع قلة العمل وارتفاع أسعار السلع الأساسية والتضخم.

شبنم توكلي

طهران ـ العديد من النساء في إيران وخاصة المعيلات لأسرهن، تتحملن مسؤولية وأعباء تلبية احتياجات الأسرة، والكثيرات منهن لا تحصلن على أي دعم مادي، فتضطررن للقيام بأعمال شاقة ومرهقة لتأمين قوت عائلاتهن،   في الوقت الذي تعانين فيه من الإرهاق النفسي والجسدي والفشل الذي ينتهي بخيبة الأمل.

تشتكي سارة محمدي التي تتجول في مترو الأنفاق من قلة العمل والتضخم وارتفاع أسعار السلع الأساسية وإيجار المنزل، وتقول "لقد تجاهلت السلطات كل مشاكل المجتمع وركزت على إلزامية الحجاب، لدينا قضايا أكثر أهمية مثل البطالة لدى الفئة الشابة، فالعديد من الشباب والفتيات ينهون حياتهم بسبب البطالة واليأس إثر الأوضاع المعيشية الصعبة".

وأضافت "اتعرض للتحرش كل يوم، حتى من قبل الرجال الذين هم في نفس عمر والدي، ليس لدي أمل في مستقبلي ومستقبل أطفالي، لقد أردت إنهاء حياتي مرات عديدة ولكني ندمت من أجل أطفالي، مهما حاولت، لن أستطيع تحقيق أي شيء، أشعر بالتعاسة واليأس عندما يطلب مني طفلي شيئاً ولا أستطيع تلبية طلبه وتقديمها له".

سارة محمدي أم لثلاثة أطفال، تعمل على بيع الألبسة في مترو الأنفاق منذ ما يقارب العشر سنوات، ليست الوحيدة التي تعاني من تدهور الوضع الاقتصادي فالكثير من النساء تعانين في صمت وتتألمن لأنهن لا تستطعن تلبية متطلبات واحتياجات أطفالهن. 

البيع في مترو الأنفاق يعني العمل لساعات طويلة وسط حشد من الناس المتعبين والغاضبين، وسط التلوث الضوضائي الذي يضاعف التعب دون وعي، فالعمل في أنفاق مغلقة لا يمنح المساحة للتنفس بشكل جيد بسبب قلة الأوكسجين.

كما أنه يكثر غاز الرادون الذي ينتج عن الاضمحلال الإشعاعي الطبيعي لليورانيوم المتواجد في الصخور وأنواع الترب كافة، في الأماكن المزدحمة والمغلقة مثل المنازل ومترو الأنفاق، وهو يعتبر أحد الأسباب الرئيسية لسرطان الرئة بعد التدخين، فعندما تتعرض الرئة لهذا الغاز تبدأ الأنسجة تتضرر تدريجياً، مما قد يسبب السرطان على المدى الطويل.

وبالنظر إلى أنه ما بين 65 إلى 95 من الباعة المتجولين يقضون حياتهم في بيئات مغلقة، فإن هذا الغاز يمكن أن يؤثر على صحتهم، أي أنه بغض النظر عن صعوبة العمل، فإن الباعة المتجولين ليس لديهم مكان عمل مناسب.

إن وجود الحد الأدنى من مستويات المعيشة وتوفير الحد الأدنى من مرافق الراحة في المجتمعات النامية أو المتقدمة أمر ضروري لحياة الإنسان، المجتمع مسؤول عن كل فرد ويجب عليه تهيئة الظروف له للعيش في بيئة صحية.

في إيران أدى الوضع الاقتصادي السيئ من جهة والتمييز الذي هو نتاج المجتمع الطبقي من جهة أخرى، إلى توفير ظروف سيئة لكسب العيش، وتتفاقم تلك المشكلة بالنسبة للنساء في بلد يعاديهن، حيث تعشن صراعاً مضاعفاً من أجل البقاء.