الأثر النفسي للزلزال على النساء والأطفال في إدلب

لم تقتصر آثار الزلزال المدمر الذي ضرب كل من تركيا وسوريا في السادس من شباط/فبراير الجاري، على جروح الجسد، بل امتدت إلى النفوس والعقول، لتترك ندوباً عميقاً لدى الأطفال والنساء، وتتجلى من خلال الاضطرابات والخوف والصدمة النفسية أو الشعور بالعجز.

لينا الخطيب

إدلب ـ زاد الزلزال المدمر الذي ضرب كل من تركيا وسوريا قبل 12 يوماً، من معاناة أهالي إدلب بعد أن فجعت الكثير من الأسر بفقدان أبنائها وأحبتها، فيما كُتبت حياة جديدة لآلاف آخرين جرى انتشالهم من تحت الأنقاض، ولكنهم وجدوا أنفسهم أمام صدمات نفسية كبيرة، وخاصة الأطفال والنساء نظراً لهول الحدث وقسوته.

لا تزال الطفلة براءة العبس (12 عاماً) من مدينة حارم تعيش حالة صدمة وذهول، جراء بقائها لأكثر من 48 ساعة تحت أنقاض منزلها، وبجانب جثث والديها الذين فقدا حياتهما تحت الركام.

وعن وضعها تقول خالتها سلوى الداني (39 عاماً) "ما مرت به هذه الطفلة قاس جداً وله أثر نفسي سلبي كبير، وستبقى هذه المأساة المؤلمة والذكرى مسجلة في ذاكرتها إلى الأبد، لذا فهي تحتاج لتلقي العلاج والدعم النفسي".

وأوضحت أن الطفلة لا تتمكن من النوم سوى لوقت قصير، وتستيقظ مذعورة على الصراخ والبكاء ومناداة أمها وأبيها وأخوتها.

كذلك عبير الجابر (35 عاماً) من مدينة إدلب، أم لطفلين تعيش حالة نفسية صعبة بعد وقوع الزلزال، وعن ذلك تقول "قضينا عدة أيام في الشوارع وتحت الأشجار، عدنا إلى منزلنا الواقع في الطابق الرابع، عندما يئسنا من استأجار منزل أرضي، ولا أزال أشعر بحالة دوار وصداع منذ وقوع الزلزال وحتى هذا اليوم".

ولفتت إلى أنها تشعر بالقلق والخوف بشكل دائم جراء حدوث هزات ارتدادية قد تؤدي إلى انهيار المبنى الذي تسكنه، ووقوع المزيد من الضحايا والمصابين.

ولاء الحسناوي (35 عاماً) نازحة من مدينة سراقب إلى قرية بسنيا بريف إدلب الشمالي، نجت وحيدة من حطام منزلها الذي بقيت لساعات طويلة تحت أنقاضه قبل انتشالها من قبل فرق الإنقاذ "حتى اللحظة، لا أشعر بأنني خرجت، وكأنني ما زلت تحت الأنقاض، تلاحقني الأوهام والآلام، أتمنى أن يكون ما مررت به مجرد كابوس مرعب من الممكن أن أستيقظ منه في أية لحظة".

وعن مدى أهمية الدعم النفسي للأطفال وتأثير هذه الكارثة على الناجين منها تقول المرشدة النفسية حنان الجمول (41 عاماً) من مدينة إدلب "يحتاج الأطفال للدعم النفسي المتخصص لمساعدتهم على تجاوز الصدمة وإحياء نفوسهم من جديد على الرغم من الفقد والألم الذي مروا به".

وأشارت إلى أن حجم الكارثة يفوق قدرة تحمل الكثيرين، وأنّ كل ما يمكن فعله في الوقت الراهن هو محاولة للتخفيف عنهم، في سبيل درء الإصابة بأمراض نفسية شديدة لاحقاً، وبشكل أساسي ومبدئي فإنّ توفير المساكن الآمنة ووسائل التدفئة في هذه الأجواء الباردة، والتذكير بأنّ الخطر انتهى قد يشكل حجر الأساس لأي دعم نفسي قادم.

ولفتت إلى أن عدد من الأطفال تلقوا الصدمة بذهول وفقدان للوعي، فيما تلقاها آخرون من خلال الصمت دون أي رد فعل، أما النوع الثالث فكانوا يصرخون ويبكون ويعبرون عن آلامهم، وتنصح بوضع الأطفال الذين فقدوا أسرهم مع عائلات من أقاربهم أو أي عائلة أخرى مهيأة لمساعدتهم، لكي يشعر الطفل بالوجود العائلي بعد فقده لأهله.

وأوضحت أن الأطفال الذين تلقوا رعاية واهتماماً وبيئة حاضنة من الأهل يكونون أقدر على تلقي الصدمة وأكثر شجاعة، أما الأطفال أصحاب البنية النفسية الضعيفة فهم يتلقون الأمر بفجع وذهول وعدم تحمل، لأن قدراتهم النفسية غير قادرة على مواجهة الصدمة.