الاعتداءات الجنسية خطر يهدد أطفال تونس

ارتفع عدد الاعتداءات الجنسية ضد أطفال تونس خلال السنوات الأخيرة في ظل استمرار الخوف من كسر جدار الصمت.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ لازال طرح موضوع الاعتداءات الجنسية ضد الأطفال في تونس من ضمن المواضيع المسكوت عنها والتي يتم تناولها عرضاً، وفي أغلب الأحيان عندما يتم تقديم التقرير السنوي للطفولة أو عندما يتم تسجيل حالة اعتداء صادمة يتم الكشف عنها.       

 

تفاقم الظاهرة

تؤكد الرئيسة السابقة لجمعية صون لحماية الأطفال والمراهقين من العنف والاعتداءات الجنسية فوزية شعبان جابر تفاقم الظاهرة، وأنه سيكون لها تداعيات وخيمة على مستقبل المجتمع التونسي باعتبار أن أطفال اليوم هم عماده غداً.

وقالت إن الجمعية تأسست عام 2018 من قبل مجموعة من المدافعين عن حقوق الطفل نظراً لأن الاعتداءات الجنسية من المواضيع المسكوت عنها "عندما كنت أعمل بإدارة الطفولة كنا نستقبل يومياً حالة اعتداء جنسي سواء في القطاع الخاص أو القطاع العام ونحتار أمام معالجتها لذلك أدركنا أن الموضوع مسكوت عنه والأفضل أن نكسر جدار الصمت ونتحدث عنه".

وأشارت إلى أن الجمعية واجهت في البداية استغراب البعض واعتبروا انها جرأة كبيرة من مؤسسيها كما أن بعض المؤسسات الخاصة رفضت مساعدة الجمعية لأنهم لا يريدون أن ترتبط اسماؤهم بكلمة الاعتداءات الجنسية بينما هناك مؤسسات ساعدت على تمويل حملات الجمعية وبرامجها في ظل عدم حصولها على منحة من الحكومة.

وأفادت بأن الجمعية تعمل على مساعدة الأطفال منذ سن الرابعة إلى حدود المراهقة وضحايا الاعتداءات هم من الإناث بدرجة أولى ثم يأتي الذكور، مشيرةً إلى أن "أغلب المعتدين هم من محيط الضحية أي العم أو الخال أو الأخ أو ابن الخال والخالة والعم والعمة".

وذكرت بأن الحماية تنقسم إلى جزأين جزء التعهد وجزء الحماية والجمعية تعمل أساساً على الوقاية "نعمل على تنمية قدرات الطفل حتى يعرف ما معنى الاعتداء الجنسي وكيف يتصرف إذا كان قد تعرض له من أي شخص". مبينةً أن "الجمعية تحاول التطرق إلى الموضوع مع الأهل ووجدنا تجاوباً منهم وحرصاً على الحديث إلى أطفالهم بطريقة علمية".

وأضافت أن الجمعية تعمل مع الإدارات في مجال الكشف المبكر عن الاعتداءات الجنسية وتقوم بيوم تدريبي لفائدة الإدارة أو يومين حسب الطلب لأن "الطفل قد يبدو عليه أحياناً تغيير في السلوك وملامح الضحية ولابد من الاستعانة بالطبيب أو الأخصائي النفسي للتأكيد أو تفنيد الاعتداء".   

وذكرت أن الجمعية "تعمل حالياً بآليات تعتمدها دول مجلس أوروبا وهو فخر لنا ولكل إطارات الطفولة وقمنا بإنجاز فيديو ودليل ونظمنا العديد من الأنشطة وكونا 21 متفقداً ومتفقد مساعد وهم بدورهم قاموا بتكوين 163 منشطة لرياض الأطفال في غضون 3 أشهر".

وذكرت أن كل روضة أطفال تنظم لقاء مع الأولياء في إطار معاضدة العائلة دور المؤسسة، لافتةً إلى أنه "في يومي 1و2 آذار القادم ستنطلق المرحلة النموذجية الثانية وسوف نتجه نحو مناطق أخرى داخل الجمهورية".

وحول قدرة الطفل على إدراك أنه يتعرض لاعتداء جنسي أكدت أن "الطفل بعمر الأربع سنوات لا يعرف معنى الاعتداء الجنسي ولكن هناك أماكن من جسمه لا يمكن أن يمسها أحد ثم إن الطفل إذا كتم تعرضه لهذا الانتهاك لمدة طويلة فسوف يكون لذلك أضراراً كارثية وبالتالي يجب أن يقول الطفل هذا السر من خلال تكوين ثقة بينه وبين أشخاص". مبينةً أن أكبر نسبة من المعتدين هم من المحيط القريب جداً.

وذكرت أن الجمعية لديها شراكات مع جمعيات أخرى على غرار الشبكة العالمية للجمعيات التي تعمل في المجال الجنسي "هذه الجمعيات قامت بدراسة لمتابعة الاعتداءات الجنسية على الإنترنت على مستوى إقليمي (تونس والجزائر ومصر والأردن) بهدف إيجاد حل والنظر في القوانين وجمعيتنا قيمت المعطيات ولاحظنا تزايد في الاعتداءات الجنسية على الإنترنت أكثر من الاعتداءات الجسدية وسوف ننظر في الظروف التي توفرها الدولة حيث يوجد يوم بعد يوم اعتداء جنسي وأحياناً ابتزاز بالصور، والجمعية شريكة في الخطة الوطنية لمجابهة العنف الرقمي ضد الطفل".

وعن تجاوب الأهالي مع مبادرات الجمعية أكدت أنه يوجد تفاعل من الأولياء خاصة الذين يبحثون عن حل للمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و12 سنة وهم عاجزون عن الحديث إليهم "يوجد أيضاً طلب من المدارس والإعداديات ومؤسسات الطفولة بالتوازي يتم تنظيم لقاءات مباشرة مع الأولياء فقط".

وأكدت أنه كلما كان علاج الطفل من الاعتداء الجنسي مبكراً كلما كان أفضل لا سيما أن "طفل اليوم أصبح بسبب الإنترنت واستعماله للهواتف الذكية دون مراقبة أكبر من الطفل في الماضي بسنتين على الأقل، وهذا الوضع استوجب القيام بحماية كاملة مع الأسر والأطفال والمهنيين في العاصمة والجهات الداخلية على غرار منزل بورقيبة والقيروان والجم".

وبلغت نسبة الفتيات ضحايا الاعتداء الجنسي وفق جمعية صون 71 بالمئة و29 بالمئة ذكور، 80 بالمئة منها من محيط الطفل، لافتةً إلى أنه "في تونس لم يعد هناك اهتمام بالإحصائيات وبتبويبها مثلاً (زنا المحارم أو الدعارة) وعام 2022 تم تسجيل 1515 طفل ضحية الإتجار بالبشر دون تفاصيل وهو ما يصعب علينا العمل والتركيز على شيء بعينه".

 

مخلفات خطيرة

تأثيرات الاعتداءات الجنسية على الطفل كثيرة كما أكدت فوزية جابر "تداعياته متعددة ومتنوعة وخطيرة و50 بالمئة من محاولات الانتحار سببها الاعتداء الجنسي الذي لم تفصح عنه الضحية، كما يؤدي إلى اضطرابات نفسية واضطرابات في السلوك والتغذية والرغبة في العزلة ورفض العيش ويصبح الشخص عدوانياً مع الجميع ويقبل على الإدمان". موضحةً أن الذي لا يتكلم عن الاعتداء الجنسي لا يمكن أن يستمر في العمل ولا يستطيع الاستقرار في الزواج وتربية أبنائه.

ولفتت الرئيسة السابقة لجمعية صون لحماية الأطفال والمراهقين من العنف والاعتداءات الجنسية فوزية شعبان جابر في ختام حديثها إلى أن 20 بالمئة فقط من هذه الانتهاكات تم كشفها لذلك لابد من كسر حلقة الصمت لأن "الطفل سوف يشعر بعدم تقدير الذات والتوجه نحو الدعارة والاعتداء الجنسي والطفلة التي يبلغ عمرها 14 سنة يمكن أن تهرب من منزل العائلة والانسياق وراء شبكات الدعارة التي استغلت 263 طفلاً وفقا لأخر الاحصائيات"، مبينةً أن ديوان الأسرة طلب المساعدة من الجمعية بعد ارتفاع عدد عمليات الإجهاض في صفوف الطفلات واستقطابهن من قبل شبكات الدعارة.