الإسكندرية... "سهام الخير" تدعم النساء وتنهض بواقعهن
واقع المرأة يحتاج لجهد كبير من أجل تغييره وتعتبر الإسكندرية واحدة من المحافظات التي لها خصوصية بعد القاهرة، ولا تختلف كثيراً المعاناة بها عن باقي المحافظات.
أسماء فتحي
القاهرة ـ تعاني النساء من أزمات لا نهائية بعضها ناتج عن الثقافة الذكورية المهيمنة والآخر حصيلة المسار العام الذي همش دور النساء في بعض المحطات التاريخية، بل وتعمد الضغط عليهن وتنميط دورهن في المجتمع.
لمعرفة أبرز القضايا التي تمر بها النساء في محافظة الإسكندرية وتسليط الضوء على ما تتعرضن له من انتهاكات اجتماعية لا تناسب دورهن المؤثر والحيوي في المجال العام والخاص كان لوكالتنا مع رئيسة مؤسسة "سهام الخير للتنمية" في الاسكندرية، سهام فهيم الحوار التالي:
واقع النساء في الاسكندرية يحتاج لدعم تنموي... ما الذي تقدمه مؤسسة سهام الخير في هذا النطاق؟
عملي المباشر على ملف حقوق الإنسان جعلني أدرك ما يقع على كاهل النساء من أعباء وأضع يدي على جانب ليس بالقليل من قضاياهن التي تحول دون قدرتهن على النجاة من الانتهاكات التي تتعرضن لها وعلى رأسها الدعم والتنمية وتقديم الخدمات.
وتمكين النساء الاقتصادي والسياسي أول طريق التعافي من الأزمات فشعورها أنها مستقلة إلى حد كبير يثقل قدراتها على اتخاذ القرار، ويساعدها على رفض أي سلوك من شأنه أن يجور على آدميتها وحقوقها التي كفلها لها الدستور والقانون.
لذلك سعينا في المؤسسة لمساعدتها في الجانب الخدمة التنموي ووفرنا لها جانب من الاحتياجات التي تزيد من قدرتها على المواصلة وتغطية احتياجات أسرتها خاصة إن كانت هي من تعيلها وتتولى مسؤوليتها منفردة.
النساء هن الأكثر فقراً وفق الاحصاء الرسمي الصادر عن المجتمع المدني والنسوي تحديداً... فما هي الأدوات التي قد تساعد على تجاوز تلك الأزمة؟
الوضع الاقتصادي العام للأسف صعب على الجميع وهناك واقع مرتبك إلى حد كبير والنساء تتصدرن هذا المشهد كغيره باعتبارهن قوام الأسر الأساسي، وأيضاً جانب كبير منهن تعلن أسرهن وهو الأمر الذي جعلهن في صدارة الفئات التي يمكن تصنيفها بالفقيرة.
وعدد كبير من النساء لا تمتلكن مصدر دخل تنفقن به على أسرهن خاصة المطلقات والأرامل علماً بأن أعدادهن باتت كبيرة، ويعد تمكينهن من عمل يوفر لهن دخل ثابت أحد أهم الأدوات التي تساعد في التعامل مع أزمة فقر المرأة، كما أنها أيضا تقلل من فرص التحايل عليها وانتهاك حقوقها الإنسانية لأنها لن تكون مضطرة للقبول بالأمر الواقع.
ارتفعت وتيرة العنف خلال العامين الماضيين... فكيف تقيمين واقعهن في الاسكندرية؟
تعاني النساء في المحافظة من العنف بمختلف أشكاله في المجال العام والخاص سواء كان أسري أو اجتماعي أو اقتصادي، فعادة ما يقع على كاهلها عبء التمييز وتحتل المرتبة الثانية مقارنة بالرجل وهو ما يحملها أعباء إضافية.
وانتشرت في المحافظة عدد من الحوادث مؤخراً منها واقعة رفض فتاة الزواج بشاب وقتلها، وهو ما جعل الفتيات تقعن في قبضة الخوف والتوتر لفترة طويلة وباتت العلاقات بين الجنسين مقلقة، وحرصت الكثيرات على وضح حدود لحماية أنفسهن من أي انتهاك أو تعدي محتمل.
وبعضهن وقعن في أزمة الانتقاص من أجورهن ومستحقاتهن في أماكن العمل لا لشيء إلا لأنهن إناث لكون النوع الاجتماعي هو المتحكم في الأمر، ومهما كانت كفاءة المرأة وقدرتها على العطاء في عملها تظل في كثير من الأحيان وداخل عدد ليس بالقليل من المؤسسات عند الترتيب الثاني لكون الرجل مميز دون الاستناد لأية معايير أو اعتبارات واضحة.
أما عن العنف الأسري فحدث بلا حرج فالفتيات تقهرن داخل جدران تلك المنظومة بعضهن تجبرن على الزواج المبكر وأخريات للختان وغيرهن لأنماط التربية الخاطئة كعدم الإبلاغ عن التحرش لكونه سيلحق الفتاة بالوصم ويجعل أسرتها عرضة للفضح.
نظرة المجتمع للمرأة التي تخالف قواعده خاصة تلك التي تنمطها أو تقهرها عادةً ما يكون بها قدر من الوصم... هل ترين أن ذلك يحدث في الإسكندرية للنساء أم أن وضعهن مختلف؟
برأيك هل وضع النساء في الإسكندرية يختلف عن غيرهن من حيث التنميط المجتمعي والوصم؟
للأسف الوصم والتقليل من ذات المرأة موجود طالما قررت الخروج عن المألوف، فمن تعمل وتخرج للمجال العام توصف بأنها "مسترجلة، ومحدش رباها" وخاصة في المناطق النائية التي تقترب في تكوينها من المناطق الريفية، كما أنها تتعرض لوابل من الجمل المحبطة والعبارات المزعجة التي تعرقل سير عدد من الفتيات وتؤثر سلباً على قراراتهن.
ولا يوجد وعي بأهمية دعم النساء وأن نجاحهن في حد ذاته ارتقاء بأسرهن، وهو الأمر الذي يتطلب عمل حقيقي من المعنيين بالقضية على حقوق المرأة المهدرة والمنتهكة خاصة تلك التي تسعى لتحقيق أحلامها وإثبات ذاتها في المجال العام.
ما المعوقات التي تحول دون قدرة النساء على النجاح والنهوض بواقعهن؟
المعوقات التي تحول دون قدرة النساء على النجاح في المجال العام والخاص تحتل مقدمتها نظرة المجتمع لها ومحاولة إحباطها وأحياناً وصمها إذا ما خالفت قواعده المتعلقة بالعادات والتقاليد البالية الراسخة في نفوس مواطنيه.
كما أن واقع التمييز والتنميط له دور كبير في الانتقاص من حقوقها بل ووجودها ذاته مقارنة بالرجال، بالإضافة للعنف بكل صوره سواء في المجال الخاص أو العام لأنه يعيق مسيرتها ويحول دون قدرتها على مواصلة السعي والنجاح.
أما عن الحلول فيأتي في مقدمتها إشراك الرجال وتدريبهم على قضايا النساء واحتياجاتهن وسرد الحقوق الإنسانية لهن لرفع معدل وعيهم بحقوقها الإنسانية سواء في الأسرة أو العمل، وكذلك ضرورة توفير فرص عمل للنساء تضمن لهن دخل آمن في بيئة تراعيها ولا توقعها في قبضة التمييز السلبي، فضلاً عن ضرورة العمل على تمكين المرأة سواء اجتماعياً أو سياسياً أو اقتصادياً.