الأشكال الجديدة للزواج... بدعة تسلب المرأة حقوقها وتجعلها سلعة

باتت المرأة في وقتنا الحاضر كسلعة تباع وتشترى من خلال الأشكال الغريبة للزواج منها الراسخة في المجتمعات ومنها المبتدعة، وفي مجملها عملت على سلب كرامة المرأة وحقوقها وإرادتها وقيمها الإنسانية لصالح الرجل.

مركز الاخبارـ
تتم المتاجرة بالمرأة في الشرق الأوسط وجميع دول العالم بطرق عديدة. في العالم الإسلامي يعد الزواج الطريقة الوحيدة المقبولة لإقامة علاقة شرعية بين رجل ومرأة، وعلى ذلك تم ابتداع أنواع عديدة له تسمح للرجل بالمتاجرة بالمرأة بطريقة شرعية تحت مسمى "الزواج"، مع تواطئ المجتمع لشرعنة هذه العلاقات. 
وواجهت كل أنواع الزيجات المستحدثة فشلاً ذريعاً ودفعت المرأة ثمنا باهظاً لها من استقرارها وأمنها، وأُهدرت حقوقها وإنسانيتها وتم استغلالها بأبشع الصور. مورس بحق ضحية هذا الزواج أشكال عديدة للعنف وهو ما زاد من مشاكل المجتمع، كما أن الأطفال ضحايا هذه الزيجات يدفعون الثمن الأكبر لغياب السكن والاهتمام والمحبة من الأبوين وضياع الأمن والاستقرار بينهما.
فمنذ أمد بعيد ظهرت مسميات وأنواع غريبة للزواج منها ما عرف باسم زواج المتعة ومنها عرف باسم زواج المسيار وغيرها الكثير من الأنواع كالزواج العرفي والزواج بالإكراه وزواج الفاتحة وهلم جرا.
 
زواج المتعة... أقدم الأنواع المستمرة
شاع لدى العرب قبل الإسلام أشكال متعددة للزيجات، منها ما بات يعرف بزواج المتعة، الذي كان يمارسه العرب قديماً وكذلك المسلمون الأوائل خصوصاً في غزواتهم الطويلة.
ويعد زواج المتعة من أقدم أنواع الزيجات المستمرة، وهو الزواج الذي يتفق فيه الطرفان على الاستمتاع الجسدي بينهما لفترة محدودة من الزمن، قد تكون مدته دقائق أو ساعات أو أيام أو شهور، وكان متبع في الجاهلية إلى أن جاء الاسلام وحرمه وجعله جائزاً في بعض الحالات مثل الغزوات.
وانتشر بشكل كبير في وقتنا الحاضر نتيجة لعقود من الحرب والمحن التي لحقت البلدان وسيطرة ما يعرف بالأحزاب الدينية، وانتشار فتاوى عشوائية لرجال دين لديهم اجنداتهم المرتبطة بفكر أو سلطة معينة.
فأصبحت المرأة كمتاع بين أيدي الرجل يأخذها متى يشاء ويتركها حينما يريد عن طريق هذا الزواج الذي يفتقر إلى أدنى حقوق الزوجة كالنفقة والمأوى، كما يتسبب في خلق أطفال يحرمون من أبسط حقوقهم في هذه الحياة. 
وتعتبره شريحة كبيرة من المجتمع وخاصة الدول المسلمة التي لا تبيح مثل هذا النوع من الزواج بأنه زواج دعارة يستغل النساء الضعيفات. لكن يبيحه المذهب الشيعي، وينتشر بشكل كبير في إيران ومؤخراً أصبح أكثر انتشاراً في المدن العراقية الشيعية المقدسة كالنجف وكربلاء، وتقتصر ممارسته على المسلمين الشيعة الذين يشكلون الجزء الأكبر من سكان العراق.
وسلط تقرير أجرته صحيفة شهروند الإيرانية في عام 2018 على نسبة انتشار زواج المتعة في إيران، وأفاد بأن 84% من الشباب الإيراني مارسوا هذا النوع من الزواج.
وترى الكثير من النساء أن هذا النوع من الزواج لا يحقق الاستقرار والسكن للمرأة ويختزل العلاقة الزوجية في الإشباع الجنسي. 
ويعتبره أهل السنة والجماعة بأنه زواج حرام وغير أخلاقي، لكنهم يمارسون أشكال مختلفة عن زواج المتعة وهي أيضاً تكون في الخفاء وتسلب المرأة حقوقها. كزواج المسيار الذي يعتبر الوجه الآخر لزواج المتعة.
 
زواج المسيار... تنازل للمرأة عن حقوقها
في العقود الأخيرة انتشر في بعض الدول العربية والدول الإسلامية ما يعرف بزواج المسيار أو زواج الإيثار، يُعتبر بحسب الفقهاء وشيوخ الدين زواجاً شرعياً مكتمل الشروط من رضا الزوجين وولي الأمر والشاهدين، لكن تتخلى فيه الزوجة عن أغلب حقوقها الشرعية كالنفقة والإقامة الدائمة للزواج والمأوى، ويغلب على هذا النوع من الزواج أنه يحصل في الخفاء.
ويُعد زواج المسيار من الطرق السهلة التي يقوم بها الرجل كي يتزوج، فهو يرغب بالزواج ويريده ولكن! زواج يستطيع فعله؛ لأنه يخلو من أي واجبات يقوم بها أو يؤديها أو يتعب من أجلها، فقط حضور متى شاء وحسب وقته وهوى نفسه.
وتلجاً بعض المجتمعات للقبول بهذا النوع من الزواج على اعتبار إنه يحل مشاكل الأرامل والمطلقات والرجال العاجزين عن القيام بأعباء الزواج ولاسيما المادية، لكنه في الحقيقة يمثل عنفاً بالنسبة للمرأة لأنها تتخلى عن كافة حقوقها المادية والإنسانية، وتصبح متاع للرجل ولإرضاء رغباته الجنسية.
ويعد زواج المسيار أحد أنواع الزواج المباحة عند أهل السنة، وينتشر بشكل كبير في الدول الخليجية ومنها السعودية والإمارات وفي الأردن ومصر ولبنان والمغرب.
وقد أيد هذا النوع من الزواج كلاً من يوسف القرضاوي أحد أبرز الوجوه الإخوانية والسلفي ابن باز معتبرين انه مباح وزواج شرعي يتضمن كافة الشروط متغافلين عن ضرورة الإشهار وهو بند ديني ملزم، لكن انتقدهم في ذلك السلفي ناصر الدين الألباني ورفضه بشكل قاطع لما يشتمل عليه من إهدار للغايات الكبرى للزواج وهي السكن والطمأنينة ولما ينتج عنه من تقاعس في تربية الأبناء وإهمال حقوقهم.
والنساء الحقوقيات يعارضن زواج المسيار بشكل كبير وكذلك المثقفات، الناشطة الحقوقية والكاتبة السعودية هتون الفاسي قالت "بأن زواج المسيار يحول الزواج إلى مجرد علاقة جنسية"، وانتقدت رجال الدين لأنهم يجيزونه.
وفي 2شباط/فبراير 2018، أطلقت الفنانة المصرية الشابة رنا خليل منسقة حملة "قطرة أمل"، النسخة الثانية من حملتها التي أطلقتها لمواجهة العنف ضد المرأة باستخدام المكياج، لتسليط الضوء على الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة وخاصة زواج المسيار وأكدت أنه دعارة مقنعة.
حيث قامت رنا خليل بارتداء ملابس غريبة مع تناثر الأموال حولها في كل مكان في إشارة إلى تحول المرأة إلى سلعة لمن يدفع أكثر، وجسدت من خلال حملتها الاختلاط الحقيقي النابع من معاناة الفتاة التي تزوجت بهذه الطريقة تحت بند الزواج والتخلص من العنوسة لتتعرض بعد ذلك لأعلى درجات العنف الجسدي والنفسي.
 
الزواج الأبيض... زواج شفهي بين الطرفين
تتفنن الذهنية الذكوري باستحداث أشكال جديدة لاستغلال المرأة تحت مسميات وردية تكون مقبولة في مجتمعات محافظة، فكان الزواج الأبيض ابتكار جديد أدرج على لائحة استغلال المرأة برضا من المجتمع.
وزادت في الآونة الأخيرة ظاهرة الزواج الأبيض التي كانت منتشرة في المجتمع الإيراني منذ ما يقارب عقدين من الزمن، والزواج الأبيض اتفاق شفهي بين شاب وشابة على العيش المشترك كزوجين "المساكنة"، لكن دون إضفاء أي صفة شرعية أو قانونية ودون التزام أي من الطرفين بأي حقوق أو واجبات.
ويسمى هذا الارتباط بالفارسية "ازدواج سفيد" وهو يشبه إلى حد ما، علاقة الاصدقاء الحميميين المنتشرة على نطاق واسع في الدول الغربية، إذ أنه غير موثق بعقد رسمي أو عرفي.
وهناك من أيد هذ الزواج متحججاً بالقيود التي تفرضها السلطات عليهم ومنعهم من العيش بشكل طبيعي، ويعتبرونه ظاهرة حميدة مبررين ذلك بغلاء المعيشة الذي يمنعهم من الزواج، لكن الزواج الأبيض يمكن الطرفين في العيش معاً لفترة طويلة دون مسؤوليات أو ضغوط.
ويعتبره علماء الاجتماع تهديداً وجودياً للحياة الأسرية والقيم المجتمعية التي تأسست عليها العائلة، كما يؤيد معارضو هذا الزواج هذه الفكرة ويؤكدون على أنه يهدم فكرة الأسرة من أساسها ويهدد مستقبل البلاد وهو مخالف للموروثات، وللمفاجئة فإن أكبر منتقديه المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي الذي يعتبره من احط أنواع الزواج.
 
زواج الفاتحة
كل فترة تطل علينا أشكال جديدة من الزواج تنتشر بين الشباب والفتيات مستترة تحت عباءة الدين لإراحة الضمائر إن وجدت، ومنها ما يطلق عليه زواج الفاتحة. 
وينتشر هذا النوع من الزواج في المناطق الجبلية المغربية وبعض المناطق الصحراوية الجنوبية، وهو عقد لا يوثق بين الرجل والمرأة بحضور بعض الشهود من الأسرتين، حيث يكتفون بقراءة الفاتحة، ويقول فيها الشاب للفتاة "أريدك زوجة صالحة فيما يرضي الله، زوجيني نفسك على الفاتحة المبارك"، فترد الفتاة "زوجتك نفسي، لنقرأ الفاتحة ونوثق زواجنا أمام الله"، فيرد "أنا قبلت ببركة الفاتحة". 
ويعتبر هذا النوع من الزواج غير قانوني ولا يمكنه ضمان الحقوق الأساسية للأسرة، وخصوصاً الأم والأبناء، حيث يترتب عليهم عدم القدرة على تسجيل الأطفال في دفاتر الحالة المدنية وذلك يعني عدم قدرتهم على التعليم، وكذلك حرمانهم من الحصول على بطاقة تعريف وطنية بعد بلوغهم سن الرشد، ويحرم الأبناء من ميراث أبيهم.
 
زواج الإكراه... انتهاك لحقوق الإنسان
يطلق عليه تسميات عديدة كالزواج بالإكراه أو الزواج الجبري أو القهري وفيه يجبر الأهل أو العائلة الابن أو الابنة بالزواج بواسطة التهديد أو استعمال العنف، فهو يقوم على المصالح وتحكمه العادات والتقاليد البالية أو المال بصفة عامة.
وتصنفه الأمم المتحدة بأنه انتهاك لحقوق الإنسان، لما فيه من قمع لحرية الفرد ورغباته، فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان نص في ديباجته على أن للمرأة مطلق الحرية في اختيار الزوج المناسب دون قهر أو جبر، وأن هذا الأمر جوهري لا يمكن التهاون فيه؛ نظراً لارتباطه بصورة مباشرة بحياتها الخاصة، مستقبلها وكرامتها.
ويغزو هذا الزواج الأسر الشرق أوسطية بشكل عام والمسلمة بشكل خاص وليس له رقيب أو حسيب وتمارسه بعض المجتمعات بشكل علني.
 
الزواج السياحي
الزواج السياحي أو زواج الصيف أو المصياف، هو زواج يعقد في إجازة الصيف دون تحديد وقت للطلاق، ويمارس هذه النوع من الزواج الأثرياء ورجال الأعمال كثيرو السفر.
ويحرمه أهل القرآن والسنة، وينتشر في عدة دول عربية كالمغرب وسوريا واليمن ومصر التي تعتبر من أكثر الدول التي انتشر فيها هذا النوع، وأثبتت العديد من الدراسات والأبحاث بأن عدد حالات الزواج في عام 2017 وصلت إلى 45 ألف حالة.
ولم تكتفي المجتمعات بتلك الأنواع التي انتشرت منذ أكثر من عقدين ومازالت مستمرة حتى الآن، إلا أن ابتدعت اشكالاً جديدة انتشرت في المجتمع ومنها الزواج بشرط وهو زواج مكتمل الأركان ومقومات الزواج، لكن يفسده وجود شرط يقيده كعدم الأنجاب، أو الزواج بنية الطلاق.
وزواج الدم فيه يقوم الشاب والفتاة بوخز إبهام كل منهما لإخراج الدماء، ثم وضع الإبهامين على بعضهما؛ حتى يمتزج كل منهما بالأخر.
والشكل الآخر هو زواج الهاتف أو الأنترنت ويتمثل في قيام الشاب والفتاة بترديد صيغة الزواج الشرعية على طريق الهاتف بسؤالها وسؤاله.