الانتحار... ذريعة السلطات لقتل وتهديد ناشطات في إدلب
دعت الناشطة سلوى العبيد إلى توفير الحماية اللازمة للعاملات والناشطات وضمان سلامتهن وتوفير بيئة آمنة لهن.
هديل العمر
إدلب ـ تعرضت الكثير من الناشطات في الشمال السوري لتهديدات مستمرة وصلت حد الاعتقال وجرائم القتل من قبل ما تسمى بـ "هيئة تحرير الشام" للحد من أنشطتهن المدنية وإجبارهن على الاستقالة من المناصب القيادية في محاولة لإقصاء المرأة من أي أنشطة مجتمعية فاعلة وحصرها بالرجال وتحديداً المحسوبين على الفصائل المتعددة.
عثر على جثة الناشطة النسوية السورية هبة حاج عارف، في 27 شباط/فبراير من العام الجاري، مقتولة داخل منزلها في بلدة بزاعة في ريف حلب الشمالي، الخاضعة لسيطرة قوات حكومة دمشق.
وهبة حاج عارف ناشطة نسوية وعضو في شبكة المرأة السورية، عملت سابقاً في المجلس المحلي لمدينة بزاعة بريف حلب الشمالي، وهي أم لطفلين وتعمل مديرة قسم الفتيات في مدرسة خطوة جديدة.
قالت صديقة هبة روان الحمدان 35 عاماً أن هبة عارف تعرضت لتهديدات بالقتل قبل وفاتها بفترة قريبة، وهو ما أجبرها على الاستقالة من عملها في المجلس المحلي، ولكنها قررت أن تفصح عن تلك التهديدات والمضايقات لوسائل الإعلام غير أنها قتلت قبل أن يتسنى لها أن تفعل ذلك.
وأضافت إنه تم العثور عليها مقتولة شنقاً في منزلها، وتبين من خلال تقرير الطب الشرعي الذي تم إخفائه أن الشنق تم بعد خنق هبة عارف ليظهر على أنها حادثة انتحار، ومع ذلك أعلنت الجهات المسؤولة عن التحقيق أنها عملية انتحار.
لم تثق روان الحمدان كعائلة هبة عارف والكثيرون بما توصلت إليه التحقيقات، مؤكدة أن الناشطات تتعرضن لضغوط ومضايقات تصل إلى حد القتل كما حصل مع هبة عارف التي قتلت بسبب دفاعها ودورها في تمكين المرأة وتحريرها من القوقعة التي وضعت بها منذ زمن بعيد.
وقالت إن ما ادعته التحقيقات بأن هبة حاج عارف "أنهت حياتها انتحاراً" هي مزاعم بعيدة عن الصحة ومحاولة للالتفاف على الحقيقة وإخفاء معالمها، مؤكدة الحالة الطبيعية التي كانت تعيشها صديقتها.
وأشارت إلى أن جرائم القتل والسطو المسلح والاغتيالات تتكرر باستمرار في عموم مناطق سيطرة ما تسمى بـ "هيئة تحرير الشام"، حيث تعاني تلك المناطق من خلل أمني يمس جميع الفئات وخاصة النساء.
وتروي سندس البكور البالغة من العمر 40 عاماً، تفاصيل إلقاء القبض عليها من قبل مرتزقة "هيئة تحرير الشام" على خلفية عملها الإعلامي في إحدى منظمات المجتمع المدني وتقول "تم مداهمة مقر المنظمة وإلقاء القبض علي وزجي بالسجن بتهمة العمالة، حيث تعرضت لأبشع أساليب التعذيب داخل السجن وهو ما تسبب لي بكسور ورضوض في كلتا قدماي".
وأشارت إلى أن وضعها الصحي والنفسي داخل السجن كان مزرياً، ولم ينقذها في تلك الفترة التي مضى عليها بضع سنوات إلا قصف سجن هيئة تحرير الشام بإدلب بواسطة الطيران الحربي الروسي ما ساعدها على الهروب مع بقية السجناء.
وأوضحت أنها تعيش منذ ذلك الوقت هائمة على وجهها مع أسرتها متنقلة في مناطق الشمال السوري دون أن تتمكن من مزاولة عملها الإعلامي مرة أخرى خوفاً من انتقام آخر يمكن أن يطالها من قبل تلك السلطات في الوقت الذي لا يوجد فيه جهة دولية أو محلية تعمل على حماية الناشطات في المنطقة من أي خطر أو تهديد أو اعتقال يمكن أن تتعرضن له في أي لحظة.
من جانبها شرحت الناشطة المدنية سلوى العبيد 32 عاماً المخاطر التي تتعرض لها الناشطات من قبل الفصائل المعارضة بسبب أنشطتهن التي تستهدف تغيير عقلية المجتمع فيما يتعلق بحقوق المرأة والدفاع عنها، تلك الانتهاكات "غذتها عوامل الانفلات الأمني وغياب المحاسبة والقوانين الرادعة".