الأمثال الشعبية تكرس الصورة النمطية التي رسمت للنساء
أكدت النساء في إدلب بأن بعض الأمثال الشعبية رسخت في أذهان الكثيرين ضرورة تعنيف المرأة والتقليل من شأنها، داعيات إلى ضرورة توعية المجتمع بهذه المفاهيم الخاطئة التي ترفع من شأن الرجال وتقلل من شأن المرأة.
هديل العمر
إدلب ـ شكلت الأمثال الشعبية المتوارثة والتقليدية حالة تمييز كبيرة تحرض على العنف والحد من دور المرأة في إدلب، لتكون أحد الركائز الأساسية في تحجيم دور النساء في المجتمع المحلي.
تعرف الأمثال الشعبية بأنها جمل متوارثة ومتداولة بين أوساط المجتمع بكافة فئاته، إذ أنها تنقل أفكاراً قديمة تعود لعشرات السنين، حيث كان للمرأة الجزء الأكبر من هذه الجمل.
"هم البنات للممات، البنت تجيب العار والعدو لباب الدار، مرة ربت ثور ما فلح" جمل لطالما تسمعها رائدة الشيخ محمد البالغة من العمر 35 عاماً من زوجها وأمه وحتى ذويها في إشارة إلى ترسيخ مفهوم العنف ضد النساء والفتيات.
وحول ذلك تقول رائدة الشيخ محمد إن هذه الأمثال نابعة من الجهل والتخلف والتمسك بالعادات والتقاليد البالية، إذ أنها لا تزال تمتلك صدى كبيراً بين الرجال والنساء وخاصة المسنين منهم، حيث شكلت لهم معتقدات راسخة بضرورة تحجيم دور المرأة في المجتمع.
وأضافت أن انتشار هذه الأمثال والجمل بين الأهالي والسكان تدفعهم إلى تصديقها ومعاملة المرأة على أساسها والتي تنتهي إلى الضرب والتعنيف وربما الطلاق، بالإضافة لكونها تشجع على ارتكاب الجرائم تحت مسميات "الشرف، والسترة" مستشهدةً بالمثل الشعبي الشائع "البنت يا تسترها يا تقبرها".
وأشارت إلى أنها دائماً ما تواجه مشاكل أسرية مع زوجها نتيجة نعتها بالعديد من الجمل والأمثال المتداولة، وهو ما يشعرها بالدونية والإحراج نتيجة الأوصاف التي تحصر المرأة ضمن إطارات لا تتجاوز التربية والتنظيف.
وبدورها تقول أسماء الخلف البالغة من العمر 28 عاماً إن معظم هذه الأعراف شائعة بشكل يضاهي الكتب المدرسية، خاصةً وأن جميع هذه الأقاويل تحرض على العنصرية تجاه المرأة والتقليل من شأنها، وتتناول العديد من جوانب حياة النساء والمعيلات في العمل والدراسة والقيادة وغيرها.
ولفتت إلى أنه على الرغم من وعي بعض فئات المجتمع لهذه الأمثال، فإنه لا يزال معمول بها لدى العديد من المجتمعات والسكان وخاصةً في محافظة إدلب ومناطق المخيمات ذات الثقافات والعادات والتقاليد النمطية المختلفة.
وأوضحت أن هذه الأمثال تعكس العديد من المشكلات الأسرية والاجتماعية بين الأهالي والسكان وخاصةً في إدلب التي تشهد كثافة سكانية عالية وثقافات مجتمعية مختلفة وسائدة تنتشر بشكل كبير بين الأهالي والنازحين.
وأشارت إلى ضرورة توعية المجتمع بهذه المفاهيم الخاطئة التي ترفع من شأن الرجال، وتقلل من شأن المرأة التي تكون "ضلع قاصر" بنظرهم وأنه يجب على المرأة أن تكون تابعة للرجل في قراراتها وتصرفاتها وحتى في أمورها الشخصية.
ومن جهتها تقول آية الأمين ذات الـ 32عاماً، أنها ربطت الصعوبات والمضايقات التي تتعرض لها معظم العاملات والطالبات، بهذه الأمثال والعبارات التي لا تزال تحكم فئة كبيرة من الأهالي والسكان وهو ما يبدو واضحاً في محاربة عمل المرأة واستكمالها لتعليمها وحصرها ضمن القيام بالواجبات المنزلية.
وأشارت إلى أن فكرة عمل المرأة بأي من المجالات لا تزال محاربة لدى العديد من السكان والأهالي الذين تحكمهم موروثات اجتماعية وثقافية واجتماعية متخلفة، غالبيتها مأخوذة من هذه الأمثال والجمل التي لا أصل لها.
وفي ختام حديثها قالت أية الأمين إن هذه الأمثال كالمثل " العار ما ينغسل إلا بالدم" تشجع على ارتكاب الجريمة، إذ أنها عكست صورة ثابتة في أذهان الكثيرين بضرورة قتل المرأة بحجة "الشرف"، بالوقت الذي لا تزال به معدلات جرائم الشرف تشهد ارتفاعاً ملحوظاً في مناطق شمال غرب سوريا.