كلارا جيلاني

كرماشان ـ في الأول من أيار/مايو عام 1886، بدأ العمال الأمريكيون في مدينة شيكاغو مظاهرة كبيرة وضخمة تماشياً مع مطالب مثل ثماني ساعات عمل يومياً، وأقساط التأمين، وما إلى ذلك، وتم إغلاق المصانع في جميع أنحاء أمريكا بسبب إضراب عام، وعقب الاشتباكات مات العديد منهم بسبب وحشية الشرطة.

أصبح الأول من أيار/مايو يوماً خاصاً للعمال في جميع أنحاء العالم. اليوم الذي يصرخ فيه عمال العالم، مقتدين بنظرائهم الأمريكيين، فقد كان الأول من أيار/مايو وسيظل دائماً يوماً مجيداً في تاريخ نضال المظلومين ضد المستغلين.

 

باسم العامل ومن أجل القضاء على الاستغلال

عشية الذكرى الـ 138 للحركة العمالية الأمريكية، ارتأت وكالتنا إلقاء نظرة على حالة الطبقة العاملة في المجتمع الإيراني، وخاصة شرق كردستان، فقد ألقى المرشد الإيراني السيد علي خامنئي، الأسبوع الماضي، كلمة في أحد الاجتماعات حول مجتمع العمال وأوضاعهم. وبصرف النظر عن الشعارات المتكررة في هذا الصدد والتي نجدها بكثرة في نص هذا الخطاب، هناك كلمات مفتاحية في خطاب المرشد الإيراني تكشف السياسات العامة للجمهورية الإسلامية الإيرانية وعلاقتها بالحياة الاجتماعية.

عندما وصف زعيم إيران العمال بأنهم طبقة مجتهدة وراضية، يجب أن نعرف أن نسب الرضا كفضيلة أخلاقية إلى مجموعة واسعة من العمال بهذا المعنى وهذا المفهوم يصور الجانب الأسود من حياة العمال في إيران. كما نعلم من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، في جميع أنحاء إيران، فإن شبح رمي النفايات، والنوم في صناديق من الورق المقوى، والنوم في الحافلات، وما إلى ذلك، يلقي بظلاله على حياة الأشخاص الكادحين في المجتمع الإيراني. الراتب الذي أقرته وزارة العمل للعامل، في ظل تفشي التضخم الجامح وأسعار السلع تزداد مستلزمات الحياة يوماً بعد يوم، وتكاليف السكن المذهلة، إن تكاليف العلاج الباهظة، وما إلى ذلك، لا توفر بأي حال من الأحوال ما يكفي لحياة كريمة للعامل؛ وتجدر الإشارة إلى أن هذه الرواتب الضئيلة لا تتوفر لعدد كبير من الفقراء، ولا يوجد عمل لهم بالأساس. إن الحركات التي حدثت في العقد الأخير في مصنعي قصب السكر، والحركات الاجتماعية والثورية في كانون الثاني/يناير 2016 تشرين الثاني/نوفمبر 2018 وعشرات الحركات الصغيرة والكبيرة الأخرى، كلها تظهر اضطراب الحياة الاقتصادية للعمال والمضطهدين.

 

تغيير الكلمات هو علامة على تغيير الخطاب السائد

من المهم بأية كلمات تدخل الحقائق مجال الأعراض، فتغير الألفاظ يدل على تغير الخطاب السائد. خلال أكثر من خمسة عقود من الحياة السياسية للجمهورية الإسلامية، تم استبدال العديد من الأسماء بأسماء أخرى، ومن هذه المعاني التي يمكن رؤيتها في خطاب علي خامنئي كلمة رجل الأعمال التي حلت محل رب العمل في الأدبيات السياسية من الخمسينات. إن تغير معنى الرأسمالي من صاحب العمل إلى رجل الأعمال يظهر جيداً في أي اتجاه تقدمت التطورات السياسية في إيران خلال أكثر من أربعة عقود؛ فقط قارن القيمة الإيجابية لكلمة صاحب العمل في كلام الزعيم الإيراني مع القيمة السلبية لكلمة صاحب العمل في الأدبيات السياسية في بداية الثورة.

 

عامل المصنع والقمع المزدوج

من خلال مثل هذه التعميمات، يمكن للمرء أن يتخيل ظروف الطبقة العاملة في شرق كردستان، وخاصة في كرماشان. فالأمة الكردية، التي لا مكان لها في المعادلات السياسية والاقتصادية للجمهورية الإسلامية بسبب هويتها الوطنية، لا تتمتع بمكانة جيدة على الصعيدين الاقتصادي والصناعي. ولذلك فإن العامل الكردي في كرماشان يعاني من القمع بدرجة أعلى. وفي إطار جغرافية العالم السياسي الإيراني، كلما ابتعدنا عن المركز واقتربنا من الأطراف، كلما رأينا المزيد والمزيد من الحرمان الاقتصادي والتخلف. فرص العمل هنا تتضاءل أكثر فأكثر حتى تصبح وظائف مثل التوت أو الوظائف الموسمية دون أي نوع من الأمن الوظيفي وحتى الحياة هي المصدر الرئيسي لكسب العيش للأشخاص الكادحين. وبحسب الإحصائيات التي نشرتها الجمهورية الإسلامية، فإن كردستان، إلى جانب لورستان وبلوشستان، هي المناطق الاقتصادية الأكثر حرماناً في إيران، والتي لديها أقل قدر من الاستثمار في الصناعة.

 

العاملة الكردية على مفترق طرق القمع

تلعب العاملات هنا دوراً مهماً للغاية في مثل هذه البيئة الاجتماعية. إنهن مضطهدات، وفي مثل هذا المجتمع، تدخل المرأة العاملة الكردية سوق العمل، وتدخل في معركة على جبهات متعددة. ونظراً لهويتها الجنسية وأنوثتها، فهي تعتبر خطيئة طبيعية في الثقافة الأبوية، فهي مخلة بالشرف ويصبح وجودها في سوق العمل لا يطاق؛ ونظراً لهويتها القومية كونها كردية، فهي تعتبر خطراً على الأمن القومي من قبل الحكومة المركزية، وهي تتحدى الرأسمالية الأبوية الحاكمة لاقتصاد إيران بسبب هويتها الطبقية كونها عاملة، كل هذا يجعل المرأة العاملة في شرق كردستان في ظل النظام الاقتصادي الإيراني كائناً عاجزاً يرى أقل فرص العمل ويعاني من الحرمان الاقتصادي الأكثر.

لكن كل هذه الأمور تعمل جنباً إلى جنب بحيث تشكل العاملات في شرق كردستان، أكبر تهديد للحداثة الرأسمالية والرأسمالية الأبوية في إيران، لتغير ثورة " "Jin Jiyan Azadîمصيرهن.