الالتهابات النسائية... أمراض تتفاقم بين النازحات في مخيمات إدلب

تتفاقم معاناة النازحات في مناطق إدلب، فبالإضافة إلى المعاناة التي يعيشونها جراء الفقر والأوضاع المعيشية الصعبة، تنتشر الأمراض النسائية بكثرة بسبب البيئة الغير صحية التي يعيشون فيها.

هديل العمر

إدلب ـ تعاني معظم النازحات في إدلب من مشاكل صحية ومرضية مختلفة أبرزها أمراض الالتهابات النسائية والتناسلية التي تنتشر بشكل كبير وغير مسبوق، وخاصة في المخيمات العشوائية والنائية نتيجة البيئة الغير صحية والملوثة التي تلقي بآثارها على النساء في تلك المناطق.

منذ أكثر من ستة أشهر، تراجع سامية العبو (28) عاماً وهي نازحة في مخيمات بلدة كللي شمال إدلب، طبيبتها مرتين كل شهر في رحلة علاج مرهقة وشاقة نتيجة ما وصفتها "بالالتهابات المعندة" التي حرمتها من حقها في الحمل والإنجاب بعد أكثر من ثلاث سنوات على زواجها.

تقول سامية العبو إنها لا تكاد تشفى من الالتهابات النسائية والبولية التي تعاني منها منذ فترة طويلة، وهو ما سبب لها مشكلات نفسية واجتماعية وأسرية مع زوجها بسبب عدم قدرتها على الحمل والإنجاب، علماً أن جميع التحاليل الطبية كانت سليمة من العقم.

وأوضحت أن الطبيبة أخبرتها بأن الالتهابات التي تعاني منها مزمنة وبحاجة إلى علاج طويل للوصول إلى مرحلة الشفاء التام، وذلك نتيجة المراحل المتأخرة التي اكتشفت فيها، إذ أنها تتعرض لانتكاسات بين الحين والآخر نتيجة البيئة الملوثة التي تحيط بها وعلى رأسها المياه المستخدمة في المخيم.

وأشارت إلى أن التزامها بتعليمات الطبيبة في نمط حياتها الحالي هو أمر شاق ومرهق مادياً، إذ أنها مجبرة على استخدام أنواع محددة من المياه والملابس والفوط الصحية المعقمة، وهي مواد غير متوفرة في منطقة سكنها النائية والعشوائية.

وأجمعت عدة نازحات على أن أمراض الالتهابات النسائية والبولية تشهد انتشاراً كبيراً بين النساء نتيجة غياب سبل الوقاية والرعاية الصحية، وعلى رأسها المياه المعقمة والصحية النظيفة والتي لا تكاد توجد في مناطق ومخيمات الشمال السوري.

وأشارت هؤلاء إلى أن عدم وجود خدمات ومراكز طبية نسائية في المخيمات، فاقم من معاناة النازحات نتيجة بعد المشافي والنقاط الطبية عن أماكن سكنهن، وهو ما يؤدي بشكل أو بآخر لتأزم الالتهابات ووصولها إلى مراحل متقدمة وصعبة العلاج.

على الرغم من خضوعها لفترة علاجية طويلة، لم تشفى نهى عبد الرؤوف (27) عاماً وهي نازحة في مخيمات بلدة أطمة الحدودية شمال إدلب، من الالتهابات النسائية والمهبلية التي ما تلبث الشفاء منها حتى تعود بشكل أقوى وبأعراض مرضية أقسى وأصعب.

وتعاني من أعراض مرضية صعبة وقاسية أبرزها تغير لون إفرازات المهبل أو رائحتها أو كميتها، الشعور بتهيج أو حكة في المهبل، اضطرابات الدورة الشهرية وحرقان البول وآلام شديدة أسفل البطن، بالإضافة للنزيف المهبلي الخفيف وغيرها من أعراض الالتهابات.

وأوضحت إنها بدأت تعاني من هذه المشكلة مع بداية سكنها في المخيمات العام الماضي، إذ أنها تعاني من الالتهابات بشكل مستمر في كل شهر، وهو ما يؤثر على صحتها الإنجابية وعدم حدوث حمل، علماً أن جميع تحاليل الخصوبة والعقم كانت سليمة.

وأضافت أن عملية شفائها لا تتعدى العشرة أيام في أفضل الأحوال، لتعود مجدداً إلى ما كانت عليه قبل العلاج، وهو ما يسبب لها مشكلات نفسية غاية في الصعوبة نتيجة القلق والخوف من المرض الذي بات بشكل لها هاجساً نفسياً وجسدياً.

ولا تخفي النازحة نيتها في تغيير مكان سكنها نتيجة البيئة الملوثة المحيطة بها والمتمثلة بمجموعات ومكبات النفايات ومجاري الصرف الصحي المكشوفة، والمياه الملوثة وغيرها من المظاهر التي تعد بيئة خصبة للأوبئة والأمراض.

من جهتها تقول الطبيبة المختصة بالأمراض النسائية حليمة كفرناوي (35) عاماً إن نسبة النساء المصابات بالالتهابات النسائية وصلت إلى أربعة أضعاف ما كانت عليه في عيادتها، نتيجة الظروف المعيشة القاسية التي تمر بها معظم النساء والنازحات.

صعوبة الوصول إلى مياه معقمة وارتفاع أسعار الغسولات النسائية، ورداءة أنواع الألبسة التي تستخدمها النساء، نظراً لارتفاع أسعار الألبسة الداخلية القطنية، إضافة لاعتماد النساء على "الفوط" غير العقيمة وغير الصحية، والمنتشرة حالياً في المحلات والصيدليات، إحدى أبرز الأسباب الحقيقية التي ساهمت في تفشي الأمراض والالتهابات النسائية في المنطقة، بحسب الطبيبة.

وأشارت إلى ضرورة تفعيل المراكز الصحية والطبية في المخيمات العشوائية والنائية والتي تفتقر إلى الرعاية الصحية الأولية، وهو ما سيحد من تفاقم هذه الأمراض والكشف المبكر عنها.