الأخبار المضللة أحد وسائل إشعال فتيل حرب نفسية
في أوقات السلم تنتشر الشائعات والأخبار المضللة، لأهداف منها الترويج لحسابات أو صفحات أو البحث عن دخل مادي، وفي أوقات الحروب يكون من أهدافها إشعال فتيل حرب نفسية غاياتها خفية.
رفيف اسليم
غزة ـ إلى جانب معاناة أهالي غزة بسبب الحرب التي ستنهي شهرها التاسع والنزوح والدمار والحرمان، لاحت في الأفق الشائعات والأخبار المضللة عن الأوضاع الإنسانية للمدنيين في غزة، بدلاً من أن تلوح الحلول والانفراجات.
منذ بدء الحرب في غزة بين القوات الإسرائيلية وحركة حماس، تواجه في كل يوم أعداد لا تنتهي من الشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام بشتى أنواعها المقروءة والمسموعة، وفي حديث لوكالتنا مع الناشطة وردة الدريملي، أكدت أن هناك حالة من الفوضى تحدث خلال الحروب والنزاعات خاصة في نقل الأخبار والمعلومات عبر وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي، لهذا تكون الشائعات منبت خصب بسبب كثرة المعلومات الواردة من جهة، والضغط على العاملين/ات في المجال لتحديث الأخبار للوصول إليها في كل لحظة من جهة أخرى.
ولفتت إلى أن "الشائعات بمقدورها القضاء على المرأة، أو حرمان أشخاص آخرين من تلقي الخدمة، إضافة لدورها الفعال في تفكيك المجتمع وإضعاف الجبهة الداخلية في الوقت الذي أصبحت فيه المدينة المحاصرة بأمس الحاجة إلى تقوية الروح المعنوية على خلفية ازدياد الخسائر التي تشهدها في الأرواح والممتلكات، وحالة النزوح القسري التي تجبر المواطنين على تغيير أماكن سكنهم لمرات عدة في الشهر الواحد هرباً من الغارات والقصف والدمار".
وأشارت وردة الدريملي إلى أنه "قد يلجأ البعض لنقل المعلومات عن وسائل الإعلام الإسرائيلية التي تمرر معلومة واحدة مضللة وسط عدد كبير من المعلومات الصحيحة ليشعر المتلقي بمصداقية تلك المعلومة وعدم وجود ضرورة للتأكد منها".
وتابعت "في المقابل تسعى إسرائيل حسب ما تنشره عبر وسائل إعلامها الرسمية إلى إخفاء العدد الحقيقي للقتلى في صفوفها وطبيعة ما تعايشه في القطاع، وذلك بهدف الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية لديها، والتركيز دوماً على هدف واحد وهو إعادة الأسرى بالرغم من المخاطر التي قد تعايشها، وتحقيق النصر الذي من غير المعلوم زمن أو كيفية تحقيقه".
ومن الشائعات المنتشرة مؤخراً حول الحرب بغزة وفقاً لوردة الدريملي، "وصول المساعدات للنساء في خيام النزوح والمدارس وتلبية احتياجاتهن الخاصة كافة بجميع مناطق جنوب قطاع غزة، بالمقابل عندما تم التواصل مع النساء المعنيين بذلك أكدن أنه في فترة من الفترات اضطررن لاستخدام فوط الأطفال بدلاً من الفوط الصحية إضافة للعجز الكبير في الملابس الداخلية واحتياجات النظافة الشخصية، فيما استفادت من تلك الخدمات عدد قليل من النساء وبأماكن جغرافية معينة".
ولفتت إلى أن "هناك شائعات لا يجب تداولها إلى حين التأكد من المصدر كأخبار أعداد القتلى في صفوف النساء والأطفال وظروف قتلهم، وعدد وأماكن المباني السكنية التي تنسف كل يوم، إضافة إلى أخبار الاجتياحات البرية ومناطق تمركز القوات الإسرائيلية، ونزوح بعض العائلات وجعلها بأعداد كبيرة"، مؤكدةً على ضرورة الابتعاد بشكل كلي عن صحافة المواطن في أوقات النزاعات والحروب كون الأشخاص غير مدربين لأداء تلك المهمة.
وعن المصادر الرسمية للتأكد من المعلومات في قطاع غزة أشارت وردة الدريملي، أن "هناك مصادر عديدة منها وزارة الصحة والمكتب الإعلامي الحكومي وأيضاً المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، والعديد من المؤسسات التي تصدر تقارير وشهادات من أرض الواقع إلى جانب إرفاقها بالصور ومقاطع الفيديو والصوت للتأكد من الأرقام والنسب والاحصائيات".
أما عن المعلومات التي يجب التركيز عليها خلال الفترة الحالية أوضحت أن "أخبار الهدنة ومباحثات السلام على رأسها وكذلك تبادل الأسرى، ووصول المواد الغذائية إلى شمال قطاع غزة، وانتهاء المجاعة، بالإضافة لتوقف الهجوم والعمليات العسكرية في رفح، وتفجير المنشآت الصحية، ووصول شاحنات الأدوية، والسماح بتلقي الخدمات الطبية للجميع أي عدم تفضيل حالة على أخرى".
وفي ختام حديثها شددت وردة الدريملي على أن "مقدار تحكمنا بالشائعات والمعلومات المضللة تحدد مدى سلامة الصحة النفسية في المجتمع خلال هذه الفترة العصيبة، وخاصةً لدى الأطفال والنساء الذين أنهكتهم الظروف الحالية وأصوات القصف والنزوح المستمر والقتل والدمار، وتقديم صورة صحيحة للمجتمع الدولي عن العدوان في غزة عبر القصص الإنسانية، وتوصيف الظروف المعيشية الصعبة التي تنال من صحة أهالي غزة في كل يوم".