الإهمال والتمييز يفاقم معاناة نساء غزة
تتدهور أوضاع النساء في مراكز الإيواء ومخيمات النزوح في قطاع غزة، يوماً تلوى الأخر، حيث تتعرضن للانتهاكات والتمييز، وتجاهل نداءات الاستغاثة وسط ويلات السطوة الذكورية واستمرار الحرب.
نغم كراجة
غزة ـ تحت وطأة الحرب المستمرة منذ أكثر من ستة أشهر في قطاع غزة، تتعرض النساء في مراكز الإيواء لمعاناة مضاعفة، في ظل سطوة الهيمنة الذكورية التي تحرمهن من حقوقهن وتجاهل مناشداتهن واحتياجاتهن الضرورية.
عم الظلم والتمييز في العديد من مراكز الإيواء ومخيمات النزوح التي تعج بالنساء والأطفال في قطاع غزة التي خلفتها الحرب المستمرة، حيث أكدت إحدى النازحات في أماكن اللجوء ذكريات المعصوابي أن النساء تعانين من ويلات السطوة الذكورية والإهمال المستمر في ظل الحرب التي اجتاحت القطاع بمختلف أنواع الأسلحة "على الرغم من محاولاتهن البائسة لإيجاد مأوى آمن، تجدن أنفسهن داخل دوامة من الإهانة والظلم، حيث يتم تجاهل حقوقهن المشروعة".
وأوضحت أن غالبية النساء في مراكز الإيواء تتعرضن لتمييز وظلم عند حصولهن على المساعدات الإنسانية، حيث يتم إعطاء الأولوية للأقارب والمعارف وتجاهل احتياجاتهن، وفي أغلب الأحيان يتم تقديم كميات غير كافية من الطعام والمواد الأساسية، الأمر الذي يجبرهن على عيش أوضاع صعبة تتصف بالعوز والفقر، بالإضافة إلى نقص الرعاية الصحية على خلفية عدم توفر الخدمات الطبية الضرورية بشكل كافي، مما يشجع على تفشي الأمراض بين صفوف النساء وتدهور صحتهن.
وقالت إنه يتم حرمان النساء من حصصهن الطبيعية في المساعدات، سواء كانت تموينية مثل الطعام والمياه، أو المالية لتأمين احتياجاتهن ومتطلباتهن "حتى عندما تكون هناك وعود بتقديم هذه المساعدات، يتم تأخير تنفيذها لفترات طويلة، مما يجبرنا على الانتظار بينما تزداد حاجتنا وتتفاقم معاناتنا".
وسلطت الضوء على أوضاع الأرامل والمطلقات "تتحملن عبء الحياة وحدهن، بينما تتجاهلهن الجهات المعنية وتتركهن تواجهن الأوضاع المأساوية بمفردهن دون تقديم أي مساعدات لهن"، مؤكدة أن جميع النساء بحاجة ملحة إلى الدعم الاجتماعي والنفسي والوقوف إلى جانبهن ودعمهن، إلا أنهن تتعرضن لتجاهل مستمر ومعاملة غير عادلة، متسائلة "أليس من العدل متابعة أحوال من لا معيل لهن وتأمين احتياجاتهن الشخصية؟"
ولفتت ذكريات المعصوابي إلى أن هذا الوضع يخلق حيز من الألم واليأس لدى النساء، حيث تشعرن بالضعف والإهمال وكأنهن لا تستحققنّ الحياة بكرامة، لذا يجب العمل بجدية وبشكل أكثر فعالية لوضع حد لهذه الانتهاكات وتوفير الحماية والدعم اللازمين لهن ومعاملتهن بإنسانية.
ولم يكن حديثها عما تعاني النساء مبني على التوقعات، فقد أكدت أنها تعرضت لسلسلة من الانتهاكات داخل مركز الإيواء الذي نزحت إليه بعد قصف منزلها في جنوب غرب غزة قبل ستة أشهر وأدى إلى مقتل زوجها وإصابتها "منذ نزوحي لم أرى أي نوع من أنواع المساعدات على الرغم من حاجتي للمواد التموينية والمالية بعد فقدان المعيل، لقد مرت أسابيع دون وجود طعام يشبع بطون أطفالي الثلاثة وحاولت جاهدة بكل الإمكانيات تأمين لقمة عيش تسد جوعنا، بينما المسؤولين عن توزيع المساعدات يتجاهلون استغاثتي".
وقالت إنها تعرضت لجملة من الأساليب الممنهجة كالإهانة والظلم والشتم والضرب فقط لأنها امرأة، إلى جانب ذلك حرمانها من استلام حصتها في المساعدات الغذائية والمالية "أنا نازحة وأعيل ثلاثة يتامى ولا أملك أي مصدر دخل، وهذه أسباب كافية لأكون وغيري من النساء على رأس قائمة الأولويات في الرعاية والحصول على المساعدات".
وأكدت ذكريات المعصوابي أنها لا تملك المال الكافي لشراء احتياجاتها ومتطلبات أسرتها وسط غلاء الأسعار وانقطاع الإمدادات، الأمر الذي دفعها لانتقاد الأوضاع والمعاملة المتردية التي تفرضها السلطة الذكورية من تمييز إلى جانب القصف الهمجي المتواصل "رأيت كل أشكال العنف والفوضى خلال الأشهر الستة".
ولفتت إلى أنه "في ظل هذه الظروف القاسية يتطلب الأمر تحركاً فورياً من قبل المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية لحماية حقوق النساء وتوفير الدعم اللازم لهن، كما يجب على الحكومات المعنية تبني سياسات وبرامج تضمن توزيع المساعدات بشكل عادل ودون تمييز، وتوفير الرعاية اللازمة للأرامل والمطلقات على وجه الخصوص"، مؤكدةً أن عدم التدخل الفوري سيؤدي إلى تفاقم معاناة النساء وأضاعهن الصعبة، ولابد من اتخاذ إجراءات فورية لإنقاذهن من براثن الظلم والإهمال، وضمان حياة كريمة لهن ولجميع النساء في مثل هذه الأوضاع.