العادات والتقاليد عبء يثقل كاهل الصحفيات في إدلب
تعاني صحفيات في إدلب من قيود مجتمعية عديدة أثرت على واجبهن الصحفي وعملهن الإعلامي، وذلك نتيجة عادات نمطية وموروثات سائدة لطالما وضعت المرأة ضمن إطار ضيق.
هديل العمر
إدلب ـ على الرغم من حصول النساء في إدلب على هامش بسيط من الحرية بعد عقد ونيف من الأزمة السورية، إلا أن العاملات في المجال الصحفي والإعلامي لا تزلن تتعرضن للضغوط النفسية والاجتماعية بسبب رفض المجتمع لدخول المرأة لهذا المجال والظهور أمام الكاميرا.
منذ قرابة السنة، تراجع عمل الناشطة الإعلامية المقيمة في إدلب سمية الحسن (28 عاماً) بعد زواجها الذي تصفه بـ "البائس" بسبب عدم تقبل زوجها لعملها ما أدى لتوقفها عن مزاولة المهنة مجبرةً بعد تهديدها بالطلاق وأبعادها عن طفلها.
وحول هذا الموضوع، قالت سمية الحسن لوكالتنا إنها اتجهت للعمل الإعلامي بعد خروجها من معتقلات حكومة دمشق بداية عام 2017، وهو ما دفعها للانخراط في هذا المجال لتسليط الضوء على آلام المعتقلات ومعاناتهن المستمرة في السجون، كونه لا "يشعر بالمعتقل سوى الناجي من الاعتقال".
وأضافت أنه لم يعد بإمكانها متابعة عملها الصحفي والإعلامي بسبب الضغوط النفسية والاجتماعية التي مارسها عليها زوجها لترك العمل، وهو ما أدى لحالة من عدم التفاهم ومشاكل عائلية وأسرية عديدة فاضطرت التخلي عن عملها.
وأشارت إلى أن زوجها اعتمد على حجج وذرائع جعلت موقفه قوياً أمام أهلها، أبرزها تواصلها مع زملائها الصحفيين، وتحدثها مع المصادر لإجراء مقابلات، بالإضافة لتنقلها المستمر إلى أماكن مختلفة وبعيدة، ما دفع ذويها للتضامن معه، خاصة وأنها واجهت ذات التعقيدات من أشقائها بداية عملها.
وتعرضت نهى المحمد (35 عاماً) وهي ناشطة إعلامية تعمل في مجال التصوير والإعلام المرئي، للعديد من المواقف الصعبة التي جعلتها تفكر مراراً بترك عملها وعدم مزاولة مهنة الصحافة والإعلام، وعن ذلك تقول إن نظرات الناس من حولها هي من أبرز الصعوبات والتحديات التي تواجهها في عملها، خاصة وأنها تتعرض للعديد من الانتقادات التي غدت شبه يومية من أشخاص تعرفهم وآخرين لا تعرفهم، إذ أنها تضطر لتلافي العديد من العبارات التي تهاجمها بشكل مستمر.
"هذه مهنة للرجال ولا تليق بالنساء، أنتِ عملكِ في المطبخ ورعاية الأطفال، اختلاطك وتصويرك الرجال والنساء أمر معيب"، عبارات تتكرر في مسامع نهى المحمد عند كل مهمة لإنجاز مادة صحفية، إذ أن أكثر ما يؤلمها هو عدم تقبل المجتمع لعمل المرأة في الإعلام والصحافة، نتيجة العادات والتقاليد الرجعية التي تجعل من المرأة أداة لتلبية احتياجات الرجال في الطهي والتنظيف ورعاية الأطفال.
وأكثر ما يواسيها من جهة أخرى هو دعم زوجها لعملها وتقبله عكس معظم الرجال في المجتمع، إذ أن حالة التفاهم بينها وبين زوجها دفعتها لإكمال عملها وعدم الاكتراث لمئات العبارات والانتقادات.
وأشارت إلى أن أكثر ما تخشاه هو تأثر زوجها بالأحاديث والانتقادات التي تطاله نتيجة السماح لها بمزاولة المهنة، وهو ما سيحرمها من متابعة عملها في المهنة التي تفضلها، خاصة وأنها تعلمت المهنة بعد دراسة أكاديمية وجهد عملي كبير.
من جهتها لا تخفي الناشطة في مجال تمكين المرأة سمر السليم (35 عاماً) المعاناة التي تعيشها الصحفيات في كافة المستويات الأمنية والاجتماعية التي أثرت بشكل أو بآخر على حياتهن الشخصية مع عوائلهن وأسرهن.
ولفتت إلى أن النظرة الدونية التي تلاحق الصحفيات والعاملات في المجال الإعلامي أدت لنأي وتوقف العديد منهن عن مزاولة المهنة والابتعاد عن المجال الإعلامي خوفاً على حياتهن الشخصية وأطفالهن وأزواجهن من التأثر بالمجتمع المحيط.